بالصور والدة الشهيد عاصي: ضباط الاحتلال هددوني باعتقال محمد حياً لأنه قنبلة موقوتة

الساعة 07:32 ص|26 أكتوبر 2013

رام الله

في منزلها في قرية بيت لقيا الواقعة إلى الغرب من مدينة رام الله جلست والدة الشهيد "محمد رباح العاصي" تستقل المهنئين باستشهاد أبنها... قليل من الدمع وكثير من الإيمان و الاحتساب عند الله أن يتقبله شهيدا ...كما كانت تردد طوال الساعة " هو تمناها و ربنا أعطاه أياها".

وبين سكوت ولحظة صحو كانت تتحدث والدة البطل لمراسل "فلسطين اليوم" الذي تواجد بين القادمين لتهنئة والدة الشهيد:" منذ اليوم الذي داهمت قوات الاحتلال منزلنا لاعتقاله لم أره أو أسمع صوته ...كان ربنا يطمني عليه ... في الصلاة أدعي ربنا أني أشوفه ... يجيني بمنامي أشوفه وأسمع صوته، يبوسني و يقولي أرضي علي".

و تسرد المزيد، فالشهداء لهم ما يدل عليهم منذ الصغر:" محمد كان غير عن أشقائه جميعا كان نواره البيت وأشجع أبنائي و أجرئهم و أكثرهم تمسكا بالدين , لا يتحدث إلى إلا وهو يطلب رضاي".

محمد ولد في عائلة بسيطة في 16 من نوفمبر/تشرين ثاني 1985، عاش حياته في القرية حتى أنهى دراسته في الثانوية العامة و حصل على معدل "جيد" إلا أن بدء اعتقاله لدى الاحتلال حال بينه و بين تحقيق أمنيته بالدراسة، فكان اعتقاله الأول لعام و نصف، ثم الاعتقال الثاني لعام و أشهر، ثم الاعتقال الثالث و الرابع و الخامس و السادس إعتقالا إداريا متجددا.

و بين كل إعتقال و أخر لم يكن الكثير، وكأن وعد أحد الضباط الصهاينة لوالدته حينما قال لها " لن نتركه يتهنى بحياته خارج السجن فهو قنبلة موقوتة علينا" ما كان، فبعد شهرين فقط من إطلاق سراحه الأخير كان مطاردته الأخيرة في الجبال.

ففي صباح يوم الثلاثاء الماضي اقتحمت قوات الاحتلال منطقة جبال تقع ما بين قريتي بلعين و كفر نعمة الواقعتين إلى الغرب من مدينة رام الله بالضفة الغربية، و فرضت حظر التجوال عليها، و بعد اشتباكات دامت لساعات أعلنت الصحافة العبرية عن تصفيه أكبر المطلوبين لقوات الإحتلال.

لم يتوقف الإجرام الصهيوني حينها على تفجير المغارة التي كان يتواجد فيها الشهيد العاصي، و أكثر من ذلك قامت بالتمثيل بجثمانه و جره في الجبال جثة هامدة، قبل أن يتم تسليمه للجانب الفلسطيني.

و الشهيد، الذي دوخ قوات الإحتلال لأكثر من عام و نصف، كان العقل المدبر لعملية تفجير باص في مدينة " تل أبيب" أثناء الحرب الصهيونية على القطاع، و التي أدت إلى جرح أكثر من 30 صهيونيا في حينها.

و في يوم العملية داهمت قوة كبيرة منزل العائلة فجرا، اعتقلوا شقيق الشهيد التوأم فؤاد بعد ضربه ضربا مبرحا، و بدؤوا بالبحث عن محمد و الذي كان قد تمكن من الهرب من المنزل، ومنذ ذلك اليوم ومحمد مطارد في الجبال.

و خلال المطاردة لم يترك الإحتلال العائلة فكان الإنتقام الدائم منهم للضغط على محمد لتسليم نفسه:" أعتقوا والده و أشقائه أكثر من مرة، و كانوا يداهموا منزلنا بإستمرار بحثا عنه، وفي كل مرة يهددونا بهدم المنزل وتشريد أبنائي إن لم نقم بتسليمه لهم.

تقول الوالدة أن أبنها كان يحترق حزنا عما يره في التلفاز خلال الحرب، و خاصة عند رؤيته للأطفال يقتلون، فقد كان يحب الأطفال كثيرا، و كان يردد أن لا بد من الرد من هنا على هذه الجرائم، و أن أخوتنا في القطاع لن يكونوا وحيدين في حربهم.

و في يوم العملية، بعد الإعلان عنها مباشرة، كان الأكثر فرحا منذ سنوات:" كان يقلب المحطات ووجهه مبتسما، يقول لي الحمد لله هذه الأخبار اللي تبرد القلب"، و تتابع:" بعد لحظات قال لي "نفسي بالشهادة يما أدعي لي، فقلت له "إذا أنت طالبها من نفسك الله يطعمك إياها"... و بقي يردد لي "أدعي لي أدعي لي".

و تستذكر الوالدة إحدى الحوارات بينها و بين كابت صهيوني الذي إعتاد على إقتحام منزلها و تهديدها بقتل محمد:" قال لي سنلقي القبض عليه حيا ولن يخرج من السجون أبدا لن نسمح له بالموت شهيدا، محمد قنبلة موقوته تهدد أمننا جميعا".

وعن محمد الابن تقول الوالدة:" كان أهدى أبنائي، هادئ جدا يحب الأطفال، دائم الابتسام، لم يزعج أحد في حياته، ملتزم بدينه لم يتخلف يوما عن الصلاة في المسجد خاصة الفجر، كان يتطوع لتعليم الأطفال القرآن".

و في خروجه الأخير من المنزل همست الوالدة له في أذنه:"الله يرضى عليك الله يرضى و يهنيك بشهادتك و يتقبلها منك ... و نحن كما طلبت صابرين محتسبين عند الله غيابك عنا".

غاب محمد عن المنزل و لم يبق من أثره سوى ما خلفه في مغارته بعد عام من المطاردة، "ثلاثة "بلاطبن" ومثلها بلايز وافرهول جيشي وقليل من قهوة و أوراق شاي و مرابط لرجليه و مسكن موضوعي لعلاج ألم رجليه".


والدة عاصي


والدة عاصي


والدة عاصي