خبر بكري بكري -هأرس

الساعة 09:27 ص|24 أكتوبر 2013

بكري بكري -هأرس

بقلم:جدعون ليفي

(المضمون: غضب المؤسسة الاسرائيلية وصمت الطبقة المثقفة الفنية بسبب معارضة محمد بكري وابنه صالح لهذه المؤسسة بأعمالهما الفنية - المصدر).

 

إننا نحب "عربنا الاسرائيليين" في رغيف مستدير (أو رغيف ملفوف). ونحب الحمص في أبو شكري (الحقيقي)، والكباب في ديانا، وسفافيد اللحم في البابور – هكذا نحبهم، وكذلك أحببنا ايضا محمد بكري. فحينما أدى دورا في "من وراء القضبان"، حظي بـ "كمان داود". وهكذا ايضا أحببنا ابنه صالحا حينما أدى دورا في "زيارة الفرقة الموسيقية"، فحظي بـ "جائزة أوفير". وهكذا ايضا نحب أنفسنا وكأننا نقول أنظروا إلينا إننا جد مستنيرين وجد عاملين في المساواة. فهناك ممثلون عرب ناجحون وسيمون في الديمقراطية الوحيدة التي تبث حتى مسلسل "عمل عربي" في اطار بثها ويا لها من ليبرالية.

 

لكن أنظروا الى ما يحدث حينما يخرج "العرب الطيبون" من حدود الحمص والبطاطا المقلية والسلطة التي خصصناها لهم، إنهم يصبحون فورا أعداء الشعب. هكذا كانت الحال مع محمد وهكذا هي مع صالح. إن أمرهما يتعدى كثيرا حدود قريتهما البعنة بل يتعدى حدود أدوارهما في السينما والمسرح الاسرائيليين. إن قضية بيت بكري هي قضية علاقة الاسرائيليين بالفلسطينيين من مواطني الدولة.

 

بدأ التشهير بمحمد بكري بعد أن اتُهم عدد من أبناء عائلته الكبيرة بالمشاركة في العملية القاتلة في جبل ميرون بل أُدين اثنان منهما. ووضعت علامة على الأب بكري ثم جاء فيلم "جنين جنين"، فحكم عليه بقتل صورة من أحط نوع وبحياة نبذ ومطاردة. إن جميع افلام الدعاية الاسرائيلية الظاهرة والخفية تقوم كلها على حقيقة خالصة و"جنين، جنين"، وحده كذب ينبغي أن يُطارد مطاردة لا هوادة فيها. فلم تجر في مخيم جنين المدمر جرائم حرب، وماذا دهاكم، وبكري الذي ربما بالغ فيها قليلا في فيلمه، هو المجرم الحقيقي.

 

حكمت المحكمة العليا في جلستها وكأنها مجلس لنقد الافلام بأن الفيلم أُنتج عن "باعث مرفوض"، وهذا معيار عجيب وفاضح بصورة مميزة، برغم أنها رفضت دعوى إساءة السمعة التي رفعتها مجموعة احتياطيين صارخة ذات شعور وطني. ومنذ ذلك الحين تحول هذا المنتج القدير والممثل الرائع والمخرج صاحب التقدير والمشاركة الى انسان كسير. فهذا الرجل الذي يعارض العنف من الطرفين ويوجه انتقادا شديدا الى أبناء شعبه لا يقل عن انتقاده لدولته أصبح انسانا يشعر بالمرارة وكاد صوته يخفت وكاد ينبوع انتاجه ينضب.

 

وحان الآن دور الابن. قال صالح هذا الاسبوع في مقابلة أذيعت في بلجيكا إنه لا يشعر بأية صلة باسرائيل. "انها دمرت حياتي، وحياة أبي وحياة شعبي"، لأنه لماذا يشعر بغير ذلك. وقد أعلن صالح بأنه لن يمثل بعد ذلك في عروض وافلام اسرائيلية. "إن قراري هو احتجاج على الفاشية التي أخذت تقوى"، علل كلامه. وهو لم يعد مستعدا ليكون ورقة تين "كي يجعل اسرائيل تبدو بصورة جيدة كديمقراطية زاهرة".

 

يا لكما من منكرين للجميل، فقد "سمحنا" للاب بان يدرس في جامعة تل ابيب وأن يمثل فوق مسارح حيفا والخان؛ و"مكّنا" الابن من الدراسة في "بيت تسفي" وتأدية العروض في المسرح الوطني وفي مهرجان عكا. فقد ربينا ورعينا الأبناء "العرب" فخانونا. حينما طورد محمد بسبب فيلمه صمت كل زملائه المبدعين تقريبا من الممثلين والمخرجين ولم يكد أحد يهب لمساعدته ولم يحتج أحد على اضطهاده بسبب عمله الفني. وحينما يعبر صالح عن احتجاجه ويكون مستعدا لأن يدفع عنه ثمنا شخصيا باهظا، فمن المؤكد أن يستمر صمت الشياه المخزي هذا.

 

إن محمد وصالح عربيان سيئان فهما غير مستعدين للاستمرار في المشاركة في حفل الأقنعة الذي يسمى الديمقراطية الاسرائيلية. وهما لم يعودا مستعدين للرقص على أنغام الناي السحري الاسرائيلي الذي يفخر بهما ما بقيا عبدين خاضعين. وهما غير مستعدين لـ "دغدغة" العنصرية المؤسسة والشعبية، وغير مستعدين للترفيه عن الاسرائيليين الذين يشاركون فيها وغير مستعدين لمساعدتهم على الشعور بأنفسهم شعورا طيبا جدا. لكن بدل ان يحظى الأب وابنه بالعطف والتقدير بين أظهر الطبقة المثقفة الاسرائيلية على الأقل، يُرد على خطواتهما بصمت مخجل. لن يمثل بكري وابنه عندنا بعد الآن، فماذا يكون؟ أصبح عندنا "النجم التالي".