خبر ومن لم يأتِ؟ -هآرتس

الساعة 11:30 ص|22 أكتوبر 2013

ومن لم يأتِ؟ -هآرتس

بقلم: يونتان غار

مدير عام أمنستي الدولية في اسرائيل

(المضمون: التكافل المتبادل بين الدول للحفاظ على حقوق الانسان هو مفهوم ولد في اعقاب الحرب العالمية الثانية. كم خسارة ستكون اذا ما كانت اسرائيل بالذات هي التي ستدمر أحد الاجهزة الهامة لوجودها - المصدر).

 

في نهاية هذا الشهر سينتظر في احدى غرف مبنى الامم المتحدة في جنيف مندوبو 192 دولة أعضاء في المنظمة لمندوبي دولة واحدة اخرى. والكثير قائم هنا في كفة الميزان. في المرة الاخيرة التي انتظروا فيها هذه الدولة، في كانون الثاني من هذا

 

العام، امتنعت عن ارسال مندوبيها. اذا لم تظهر اسرائيل هذه المرة ايضا، فان احد الاجهزة العالمية الاهم لحماية حقوق الانسان في العالم سيكون في خطر.

 

جهاز الاستعراض الكوني الفصلي (Universal Periodic Review - UPR) هو اجراء يشمل العالم كله، حيث تقدم كل واحدة من الـ 193 دولة الاعضاء في الامم المتحدة بدورها الحساب امام باقي الدول عن وضع حقوق الانسان في اراضيها. وقد حان دور اسرائيل في كانون الثاني من هذا العام، ولكن مندوبيها لم يمتثلوا للمداولات. وهكذا أصبحت اسرائيل هي الدولة الاولى في العالم التي تتغيب عن المداولات والاستعراض في شأنها. في اروقة الامم المتحدة لم يتبقَ الان غير التخمين هل سيظهر مندوبو الدولة في الموعد المقرر من هذا الشهر – 29/تشرين الاول.

 

في السنوات الاخيرة ترفض اسرائيل التعاون مع أجهزة التحقيق الدولية التي تفحص ادعاءات عن انتهاكات حقوق الانسان في نطاقها، وانتهاكات القانون الانساني الدولي. وزير الخارجية السابق، افيغدور ليبرمان، تصدر ميل الرفض بالادعاء بان هذه الاجهزة، والهيئات كمجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة، متحيزة بشأن خاص ضد اسرائيل. ولكن بشكل مفعم بالمفارقة، فان اسرائيل برفضها التعاون مع عملية الاستعراض اختارت المس بالذات بالعملية الوحيدة التي تلزم بشكل متساوٍ كل الدول الاعضاء في الامم المتحدة – التعرض للرقابة الدولية على وضع حقوق الانسان. مهم أيضا الاشارة الى أن عملية الاستعراض نشأت قبل بضع سنوات، ردا على مخاوف اسرائيل ومخاوف دول ومنظمات اخرى من ألا تكون هيئات الامم المتحدة موضوعية بما يكفي بشأنها.

 

لقد تشكل جهاز الاستعراض الكوني الفصل انطلاقا من الفهم بان تحسين وضع حقوق الانسان في العالم هو مصلحة مشتركة لنا جميعا ونجاحه متعلق بالتزام كل الـ 193 دولة الاعضاء بالتعرض للرقابة.

 

ويعتبر الاستعراض دوريا ويتم بنفس الشكل: النقاش في شأن الدولة يبدأ بتقرير تقدمه الدولة موضع المراقبة عن وضع حقوق الانسان في نطاقها. وتجيب الدولة على أسئلة تطرح في اثناء المداولات، وترد على التوصيات للتحسين، التي تعطيها الدول الاخرى. وفي النهاية يعد تقرير يتضمن ايضا التوصيات وينقل الى اقرار مجلس حقوق الانسان للامم المتحدة بعد مداولات اضافية يكون بوسع الدولة موضع الرقابة مرة اخرى أن تعقب وترد على ما يطرح. اما كم ناجحا سيكون تطبيق هذا الاجراء حتى الان وهل ادى الى تحسن حقيقي في حقوق الانسان؟ فهو أمر سيفحص عندما يأتي مرة اخرى دور الدولة موضع الرقابة، بعد أربع – خمس سنوات.

 

اذا ما تقلص عدد الدول موضع الرقابة، فان الاجراء بكامله سيفرغ من محتواه. اذا لم تمتثل اسرائيل في نهاية الشهر، فهي ستخلق بذلك سابقة خطيرة من شأنها أن تشجع دولا اخرى ايضا على مقاطعة المداولات بشأنها. وهكذا فان الاسرة الدولية ستخسر الفرص النادرة لحوار عموم عالمي مع دول مثل كوريا الشمالية وسوريا.

 

تجاهل آخر من جانب اسرائيل للمداولات في شأنها سيظهر كاستعراض لعدم اهتمام الدولة، ليس فقط في وضع حقوق الانسان في اراضيها، بل وفي العالم كله. وهو سيفسر كعدم اهتمام ليس فقط لحقوق البدو في السكن في النقب، مثلا، بل وايضا في أزمة العمال الاجانب في قطر، العمال السخرة في بناء أساسات ستاد كأس العالم في كرة القدم 2022، وفي حقوق النساء في افغانستان. اذا لم تصل اسرائيل الى المداولات،

 

فسيبدو بانه ليس مهما لها حقا وضع حد للطغيان وللتعذيب في ارتيريا، والذي أدى الى أن يطلب عشرات الالاف من مواطنيها اللجوء هنا، ولا يهمها أن تكون حكومة السودان تذبح مواطنيها ممن فر بعضهم الينا.

 

ولا يزال ثمة مجال للتفاؤل الحذر قبيل المداولات القريبة وذلك لانه في الجولة الاولى من الاستعراض في العام 2008 شاركت اسرائيل بل وأبدت استعدادا لتطبيق بعض من التوصيات. وفي الاشهر الاخيرة استعدت اسرائيل لفحص لجنة حقوق الانسان في كل ما يتعلق بتطبيق الميثاق الدولي بشأن الحقوق المدنية والسياسية. فهل سيستمر الميل؟ يبدو أننا لن نعرف حتى لحظة المداولات. التكافل المتبادل بين الدول للحفاظ على حقوق الانسان هو مفهوم ولد في اعقاب الحرب العالمية الثانية. كم خسارة ستكون اذا ما كانت اسرائيل بالذات هي التي ستدمر أحد الاجهزة الهامة لوجودها.