خبر نتنياهو، وحيدًا في سنّ الرابعة والستين

الساعة 03:54 م|21 أكتوبر 2013

القدس المحتلة - وكالات

لم أتلقَّ إعلان علاقات عامّة من ديوان رئيس الحكومة حول احتفال رئيس الحكومة نتنياهو بعيد ميلاده الرابع والستين. من المثير للاهتمام أنّ شخصًا قرّر الاحتفال بتكتَم غير مألوف لأسرة نتنياهو وتنظيم الاحتفال قبل موعده بيوم واحد دون إبلاغ الإعلام! في صفحة رئيس الحكومة على الفيس بوك أيضًا، لم أجد الصورة من الحفلة الصغيرة في المكتب. أثمر بحث سريع في جوجل عن "عيد ميلاد نتنياهو" عددًا قليلًا جدًّا من النتائج. في المواقع الإخبارية في إسرائيل، بالكاد نُقل الخبر.

تميّز متابعة الشبكة للشؤون الشخصية لرئيس الحكومة في إسرائيل أكثر من أي شيء آخر النقاش الجماهيري القائم حيال رئيس الحكومة. في سنّ الرابعة والستين، وبعد أن أصبح رئيس الحكومة الذي يحكم أطول فترة بعد بن غوريون، نتنياهو معزول ووحيد، والمواطنون الإسرائيليون يعرفون عنه وعمّا يحدث معه أقلّ وأقلّ. مَن ينظر من الجانب يرَ أنهم ليسوا مهتمين حقَّا.

منذ سنوات، يتصرّف رئيس الحكومة باقتناع تامّ أنّ كلّ الصحفيين ووسائل الإعلام المحيطة به موجودة للقضاء عليه فقط وللإطاحة به. وبلغ جنون العظمة حدّ وضع وسيلة إعلامية بكاملها (صحيفة "إسرائيل اليوم") في تصرّف رئيس الحكومة. وهو لا يعقد مؤتمرات صحفية يمكن فيها للإعلام طرحُ أسئلة. كما أنه مُقلّ في إصدار بيانات موجزة بشكل شخصيّ. وهو لا يقيم أية علاقات مع "مُسوّقين إعلاميين" بارزين. وقد أحاط نفسه بجدار غير نفّاذ، وهو بالتالي، منفصل إلى حدّ كبير ممّا يجري على الأرض، لدى الشعب.

كذلك مع الصحيفة المساندة له، "إسرائيل اليوم"، يقيم علاقات محدودة، ويستعين بها أساسًا كذراع علاقات عامة، ولكن ليس بالتأكيد كصحيفة ذات تأثير، غنية بالسوابق الصحفية والمعلومات التي تضع جدول الأعمال.

لا يعرف مواطنو إسرائيل شيئًا عن رئيس حكومتهم، إلى درجة أن تقريرًا شخصيًّا قصيرًا عن رئيس الحكومة في صحيفة نيويورك تايمز أعدته مراسلة الصحيفة في القدس، جودي رودورن، كشف تفاصيل شخصيّة لم يكن أحد يعرفها في السنوات الأخيرة. فقد كتبت رودورن أنّ رئيس الحكومة يدخّن السيجار الكوبي، أنقص أربعة كيلوغرامات ونصفًا من وزنه، ويشاهد بين الحين والآخر مسلسل "بورغاس". اعتُبرت هذه المعلومات مشوّقة. فهذه التفاصيل لم يعرفها الإسرائيليون. لذلك، حظي هذا التقرير، الذي لم يحوِ أيّ جديد تقريبًا عدا هذه المعلومات، بتصدّر عناوين الصحف في إسرائيل.
من جهة أخرى، ففي سنّ 64 عامًا، نتنياهو معزول تمامًا عن حياة إسرائيليين عديدين. فهو يُعتبر من الأشخاص الذين تجاوزوا الكهولة دون الالتحاق بالكمبيوتر، وتخطوا قبل بضع سنوات الستين وهم يغمضون أعينهم عن ثورة الهواتف النقالة الذكية. نتنياهو لا يطبع، لا يتصفح الإنترنت، ونتيجةً لذلك لم يتقدم للمرحلة التالية المطلوبة في حياة كل إنسان عصريّ تقريبًا. فهو لا يستخدم التطبيقات، الآيباد، وبالطبع ليس مندمجًا شخصيًّا في مواقع التواصل الاجتماعي.
طبعًا، يجب الحدّ من انتقاد نتنياهو في هذا المجال، المتعلّق بالاتصال بمواقع التواصُل. فيُفترَض أن يكون رئيس الحكومة أكثر انشغالًا من أن يقوم بالتغريد. لكنّ منظومة الإعلام العالمية تقدّمت إلى هذه المناطق قبل وقت طويل، والاهتمام الذي يوليه قادة إيران بتويتر جعلهم يبدون أشخاصًا متقدّمين. نتنياهو، الذي كان يومًا بطل الإعلام والسحر الشخصي، فقد أيضًا قدرته على الاتصال مع العالم بطريقة عصرية. وهذه الصورة الحالية - لمسؤول معزول عن العالم - لا تفيده.
إذًا، ماذا تبقى في سنّ 64؟ عناية واضحة ومكثّفة بالحياة العائليّة. حضور كبيرة لزوجته، سارة، وابنَيه يائير وأفنير في حياته. مناسبات عائلية مصغَّرة، الحرص على ذِكرى الأبوَين اللذَين تُوفيا في السنوات الأخيرة (البروفسور بن أرتسي والبروفسور نتنياهو) عبر دورات توراة وتخليد اسمَيهما في مدارس ومؤسسات وقراءة كتب تاريخ.

وصل إلى كلّ هذا، وحده تقريبًا. المسؤولون الذين أحاطوا به في السنوات الأخيرة – وزير الأمن السابق إيهود باراك، ووزراء بارزون أمثال دان مريدور، بيني بيغن، ورؤوفين ريفلين، ليسوا إلى جانبه. كذلك أخلت شخصيات سياسيّة من الماضي، أمثال أريئيل شارون وإيهود أولمرت الساحة السياسية ليبقى نتنياهو وحيدًا.

بين الجيل الجديد المنافس له – جدعون ساعر، جلعاد أردان، موشيه (بوغي) يعلون، يائير لبيد، أو شيلي يحيموفتش – لا أحد يشكّل تهديدًا سياسيًّا جديًّا. بقي نتنياهو وحده في الميدان، سياسيًّا، اجتماعيًّا، وحكوميًّا.

بفضل الهدوء الأمني، وبفضله فقط، يحظى نتنياهو بمحبّة الشعب. يخشى الناس العنفَ، ويصوّتون (في قلبهم وفي صندوق الاقتراع) مع استمرار السكينة فقط. يمكن أن تتزعزع مكانة نتنياهو إذا انتهى الهدوء الأمني. حاليًّا، ورغم الوضع الاقتصادي السيء لمواطني إسرائيل (صحيح أنّ نسبة البطالة منخفضة، لكنّ الحياة في وطأة غلاء المعيشة لا تُطاق)، لا أحد في المنظومة السياسية نجح في إقناع الشعب الإسرائيلي أنّه يجب انتخاب شخص آخر على خلفية اقتصادية.