تقرير مرور 46 عامًا على قصف وإغراق البحرية المصرية لـ'المدمِرة إيلات'

الساعة 02:43 م|21 أكتوبر 2013

وكالات

 يواكب اليوم 21 أكتوبر، ذكرى واحدة من أهم بطولات الجيش المصرى، التي قامت بها القوات البحرية، بتدمير "المدمرة- إيلات" "لإسرائيلية"، لتحدث بهذه العملية تغييرًا شاملا في مفاهيم التكتيك البحري على مستوى العالم. 

قصة تدمير ما كان يتم وصفه بـ"الأسطورة البحرية"، تعود إلى ليلة 11 و12 تموز/ يوليو عام 1967، حيث دخلت "المدمرة- إيلات" ومعها زوارق "الطوربيد" من نوع "جولدن"، داخل مدى المدفعية الساحلية فى مدينة بورسعيد المصرية، وعندما تصدت لها زوارق "الطوربيد" المصرية، لتفتح الأولى عليها وابلا من النيران. 

ولم تكتف بذلك بل استمرت في "العربدة" داخل المياه الإقليمية المصرية فى تحدٍ سافر. ما تطلب من البحرية المصرية ضبطا بالغا للنفس، حتى كانت ليلة 21 تشرين أول/ أكتوبر 1967، وصدرت توجيهات إلى قيادة القوات البحرية، بتدمير "إيلات"، وعلى الفور جهز قائد القاعدة البحرية فى بورسعيد "لَنشَين" من صواريخ "كوم" السوفييتية، كل منهما مجهَّز بصاروخين "سطح- سطح"، من طراز "ستيكس" وكانت إجراءات الاستطلاع والتجهيز بالصواريخ قد تمت فى القاعدة البحرية قبل الخروج لتدمير الهدف. 

بعد ذلك هاجم "اللنش الأول" جانب المدمِرة، مطلقًا صاروخه الأول، فأصاب المدمرة إصابة مباشرة وأخذت تميل على جانبها فلاحقها بالصاروخ الثاني الذي أكمل إغراقها على مسافة تبعد 11 ميلا بحريا شمال شرقي بورسعيد، وعليها طاقمها الذى يتكون من نحو 100 فرد إضافة إلى دفعة من طلبة الكلية البحرية كانت على ظهرها فى رحلة تدريبية. 

وبعد ساعة، ظهر على رادار القاعدة فى بورسعيد وجود السفينة فخرج اللنش الثاني وأطلق صاروخا أجهز عليها كما يروي أبطال العملية، وتعتبر هذه هي المرة الأولى فى التاريخ التي تدمر فيها مدمرة حربية كبيرة بـ"لنش" صواريخ. 

وردت "إسرائيل" يوم 24 تشرين أول/ أكتوبر بقصف معامل تكرير البترول في منطقة الزيتية بالسويس بنيران المدفعية، كما حاولت ضرب السفن الحربية المصرية شمالي خليج السويس. 

وعن تدمير "إيلات" يقول المشير الجمسى فى مذكراته: كان إغراق المدمرة إيلات بواسطة صاروخين بحريين سطح- سطح لأول مرة، بداية مرحلة جديدة من مراحل تطوير الأسلحة البحرية والقتال البحرى فى العالم، وأصبح هذا اليوم، بجدارة، هو يوم البحرية المصرية.. ثم طلبت إسرائيل من قوات الرقابة الدولية أن تقوم الطائرات الإسرائيلية بعملية الإنقاذ للأفراد الذين هبطوا إلى الماء عند غرق المدمرة، واستجابت مصر لطلب قوات الرقابة الدولية بعدم التدخل فى عملية الإنقاذ التي تمت على ضوء المشاعل التى تلقيها الطائرات، ولم تنتهز مصر هذه الفرصة للقضاء على الأفراد الذين كان يتم إنقاذهم. 

بينما يقول قائد القوات البحرية الأسبق محمود فهمي عبد الرحمن، في مذكراته عن تدمير "إيلات": اجتمعتُ بفريق من قادة وضباط الشعبة منهم العقيد محمد علي محمد والمقدم علي جاد لدراسة الموقف، ووضع خطة إغراق المدمرة، ليخرج لَنش صواريخ، الأول بقيادة النقيب أحمد شاكر والثاني بقيادة النقيب لطفي جاد الله. 

وفى مكتب العقيد عادل هاشم، جلس محمود فهمي بانتظار بلاغات العملية بعد أن أبلغ الفريق ذكرى قائد القوات البحرية بالخطة، وبدأت البلاغات من قاعدة بورسعيد البحرية، صاروخ نمرة واحد طلع.. صاروخ نمرة واحد أصاب الهدف.. صاروخ نمرة اثنين طلع.. صاروخ نمرة اثنين أصاب الهدف.. الهدف تحطم. 

ويروى أحد البحارة الإسرائيليين الناجين من المدمرة، موشي ليفي، قصة الساعات التى سبقت ولحقت بتفجير "إيلات" أثناء مشاركتها فى مظاهرة العلم خلال عيد "المظلات العبري"، وكانت المدمرة "إيلات تسبح" إلى الشمال من قناة السويس قائلا: عامل الرادار الذى أنهى للتوّ ورديته أفاد بأنه لا يوجد أي أهداف فى البحر غير سفينة سوفيتية كانت متجهة صوب مدخل قناة السويس الشمالي، فى مثل ذلك التوقيت غدًا كنا سنرافق المدمرة إلى ميناء الوطن وكنت سأعود إلى المنزل، وفجأة تعطل مقياس العمق واستدعى الفني عبر اللاسلكى إلى مركز العمليات وبدأت الأحداث تتلاحق.. ثم سمعنا قائد المدمرة يصيح (أبلغوا القاعدة في حيفا أن هناك صاروخا رُصد على السونار وقد أُطلق نحونا). 

ويتابع البحار الإسرائيلي قائلا: عقب أن أفقت من الصدمة اتضح لي أن بيتنا تحول إلى خراب، المكان يعمه الدمار، المعدات محطَّمة، عدد من القتلى والجرحى، ووجدت من خلال فتحة فى الجدار كرة لهب تنطلق نحونا من جهة الشرق. إنه صاروخ ثانٍ، 500 كيلوجرام من المتفجرات تطير نحونا لتُتِم ما فعلته الشحنة السابقة وتهاوت فتحات التهوية واللاسلكى وأصبحت السفينة كأنها أصيبت بسكتة دماغية وحركية كبرى ورأيت عددا من البحارة يقفزون إلى البحر.. صمت رهيب وكآبة عمت المكان. أصبحنا الآن فى مهب الرياح ويستطيع المصريون أن يأتوا إلينا ويحصدونا كما يحصد الدجاج الديدان، 200 فرد أصبحوا تحت رحمتهم.