خبر يصرخون بلا تفكير -معاريف

الساعة 12:03 م|21 أكتوبر 2013

ترجمة خاصة

يصرخون بلا تفكير -معاريف

بقلم: عاموس جلبوع

 (المضمون: منتقدو نتنياهو يسارعون الى مهاجمته وتتحول الكراهية له الى كراهية للدولة نفسها. هذا ليس جدالا مشروعا بل كراهية لاذعة مدمرة - المصدر).

في الفترة الاخيرة يتعرض رئيس الوزراء الى هجوم في موضعين مركزيين، الاول يرتبط بايران والثاني بالمفاوضات مع الفلسطينيين. بالنسبة لايران، الادعاءات ضده هي أن موقفه العلني الحازم حيال هجمة الابتسامات الايرانية ومطالباته بعدم التخفيف من العقوبات – يعزل اسرائيل، يعرضها كـ "رافضة"، يخرب على سياسة الرئيس الامريكي وما شابه.

المثير للاهتمام هو أن اقوالا بهذه الروح او بروح مشابهة طرحت في الماضي القريب عندما قلب نتنياهو وباراك العوالم رأسا على عقب، هددا بعملية اسرائيلية ودفعا العالم الى تشديد العقوبات. وقد صبت انتقادات متلظية في حينه على الرجلين واتهما بانهما هاذيين ومسيحانيين. اما الواقع فقد اثبت انهما كانا محقين ومنتقديهما هم المخطئون. فقد قاد الثنائي نتنياهو وباراك العالم الى تشديد العقوبات، ووضع التهديد النووي الايراني في رأس جدول الاعمال العالمي. فهل الان ايضا محق رئيس وزراء اسرائيل في استراتيجيته العلنية الحازمة وفي صرخته: "الملك الايراني عارٍ؟"، لا ادري بالطبع. فمثل كل قرار سياسي مرتب يكون مراهنة بالنسبة للمستقبل، الواقع في سياق الطريق فقط سيظهر اذا كان نتنياهو محقا ام أنه اخطأ خطأ جسيما.

في المجال الفلسطيني تنطلق عندنا صرخات نجدة على نمط "يا نتنياهو، انت ملزم لنا بالسلام، اجلب لنا السلام". وبالطبع يطرح السؤال: أي سلام؟ وباي ثمن؟ مع حدود أمنية في غور الاردن، كما اوصى رابين في خطابه السياسي الاخير في الكنيست قبل مقتله؟ لا نهاية للاسئلة ولا نهاية للتساؤلات في مواقف الفلسطينيين.

الصرخات لا تدقق في ذلك. ومن داخل صرختهم ينفجر الانفجار تجاه نتنياهو في أنه لا يفعل ما يكفي من أجل تحقيق السلام، وينشأ الاستنتاج بان الطرف الفلسطيني يفعل كل ما في وسعه كي يحقق السلام. النبرة لدى مدى النخبة الاعلامية عندنا هي النزول باللائمة على رئيس الوزراء واتهامه، وفي نفس الوقت نهض لنا ايضا اعلام نبرته هي التباهي والتعظيم لنتنياهو والتنديد بمنتقديه.

اعتقد أن هذا يعكس جدالا شرعيا، مثمرا، في اطار عادي من الخطاب العام؛ خطاب منطلقه هو ان دولة اسرائيل هي الدولة الديمقراطية للقومية اليهودية. خطاب تطرح فيه الاراء المتعارضة؛ خطاب متجادل كان دوما مصدر قوة الشعب اليهودي. المشكلة هي أنه يوجد في الاعلام غير قليل من الاستثناءات كراهيتهم لرئيس الوزراء ساطعة، مثابة مريضة وهي تخرج عن قواعد الجدال النزيه، ففي الاسبوع الماضي مثلا قرأت مقالا لصحفي قديم وينال التقدير في عالم الاعلام، شبه رئيس الوزراء بأب يسمم نفسيا ابناءه ويزرع فيهم "مشاعر الذنب، عدم الثقة، الكراهية الذاتية والتشوش" من أجل اضعافهم والسيطرة عليه.

ويشدد الصحفي: "وتحت ذات الحكم المستمر، السالب، المفصل والمغير للانظمة، يكافح العديد من الاسرائيليين المسممين نفسيا في سبيل حقهم في العيش، في الوجود وفي الحب". وتعزيزا لاقواله يأتي ذات الصحفي بالصديقين اللذين هاجرا  البلاد وعادا لزيارتها "فلاحظا التدهور الهائل لمنظومة دعم الضعيف، المساواة، التعليم، الرفاه، وهما يتحدثان عن الفزع والاكاذيب، التظاهر، الظلم ، العنصرية، السلب والنهب".

ويشرح الصحفي كيف وصلت الدولة الى ذلك: "كل هذه هي نتيجة الحكم المستمر والفاسد للحاكم الخائف والمحرض، المنتقم، المنفعل والبائس، الذي يقوم كل وجوده على البقاء من خلال منح امتيازات الخصخصة الواسعة والمناصب".

إذن ما هو استنتاج صاحب المقال؟ ما هي توصيته للعمل حيال هذا الجحيم الذي يصفه؟ "أن نغير، أن نطير المسممين والمتلاعبين ونحاول العودة الى الحياة الطبيعية، او الابتعاد عن هنا. ليس كخيانة بل كانقاذ".

هذا ليس جدال عام، هذا ليس تعليلات وحجج. هذا شتم وسباب، بلا حدود، في مثل هذا الجدال تصبح الكراهية لرئيس الوزراء نتنياهو كراهية للدولة، كراهية ذاتية لاذعة، ان نجادل، ان ننتقد بحدة، ان نهاجم، ان ندافع عن المواقف والاراء – ولكن دون كراهية مريضة بهذه الشخصية أو تلك.