خبر شعب أخذ يختفي أصلا- هآرتس

الساعة 10:34 ص|10 أكتوبر 2013

شعب أخذ يختفي أصلا- هآرتس

بقلم: آفي شيلون

(المضمون: يجب أن تكون قضية ذوبان اليهود في غيرهم في الولايات المتحدة خاصة قضية مركزية في برنامج العمل العام الاسرائيلي - المصدر).

 

يصعب أن نبحث في ذوبان اليهود في غيرهم من وجهة نظر ليبرالية. في فترة النهضة حينما كان ذوبان يهود اوروبا قد ازداد كانت مكافحة هذه الظاهرة من تعليلات الصهيونية. وفي القرن الواحد والعشرين عميقا في داخل عصر العولمة، وقد أصبحت الهويات سيالة أصلا، يتواصل البشر من أنحاء العالم باسم التفضيلات الثقافية والتقنية والرياضية وغير ذلك كثير. أي انسان مستنير عدلٍ يطلب الى زوجين عاشقين أن يتخليا عن مشاعرهما باسم الانتماء الى فئة دينية قديمة أو اسوأ من ذلك – عرقية؟.

 

لكن ذوبان اليهود في غيرهم سؤال كبير لا يُسأل فيما يتعلق بالأهمية التاريخية لاسرائيل بخاصة ومستقبل الشعب اليهودي بعامة. هناك من يُسمونها بالانجليزية "المحرقة الصامتة" أو "الحلوة"؛ إن الفحص الجدي عن وجود الشعب يصعب عليه أن يتجاهل الخوف منها برغم أنه يوجد مبالغة في ذلك. على حسب استطلاع للرأي قام به معهد البحث "بيو"، أصبح 58 في المئة من يهود الولايات المتحدة في ذوبان في غيرهم، وترتفع النسبة الى 71 في المئة بين اليهود غير الارثوذكس. وليس الحديث فقط عن ضياع سكاني لأن يهود الولايات المتحدة هم نخبة الشعب من جهة ثقافية وعلمية وأعمالية، وبغيرهم سيتم الاضرار ايضا بالدعم الذي تثيره الجماعة لصالح اسرائيل.

 

إن سؤال لماذا حدث ارتفاع كبير جدا لذوبان اليهود في غيرهم (في سنة 1970 كانت النسبة 17 في المئة فقط) يثير اسئلة أكثر من إجابات. ويمكن أن نراه بمعانٍ ما برهانا على كون دولة اسرائيل ضرورية تاريخيا للشعب اليهودي لأن اليهود هنا فقط يُحفظون. لكن هذه وجهة نظر سطحية. اعتقد الآباء المؤسسون لاسرائيل أن انشاء الدولة سيقوي الهوية اليهودية في اماكن الشتات ايضا وأصبحت النتيجة عكس ذلك. أهذا لأن بقاء الدولة ضاءل الخوف الجماعي عند يهود الولايات المتحدة على مستقبل الشعب وتضاءل بسبب ذلك التزامهم؟ أوربما يكون يهود الولايات المتحدة ينظرون الى

 

الاسرائيليين كما ينظر كثيرون من العلمانيين الى الحريديين أنهم حُماة الشعلة المتقدة؟ أوقد يكون ذلك نابعا من أنه تبين على مر السنين أن دولة اليهود هي كيان سياسي آخر ليست له قيم مميزة؟.

 

وهناك سؤال آخر وهو: ما هو ذوبان اليهود في غيرهم في الحقيقة؟ فهل اليهودي الذي يتزوج بامرأة من غير اليهود ويُربي أبناءه على اليهودية بموافقة المرأة التي لا تتهود، يستحق أن يعتبر ذائبا؟ وهل التصنيف الشرعي وحده هو الذي يحدد؟ أليس من الواجب على الارثوذكسية أن تلائم الشريعة اليهودية لوضع أزواج مختلطين؟ أوقد يكون المتدينون على حق في قولهم إن الشعب يتحلل من قيمه وتكتله بغير التزام بالدين اليهودي؟ لكن أيكون الالتزام بالدين هو التزاما بالفكرة أم بالانتماء العرقي؟.

 

إن ذوبان اليهود في غيرهم هو ايضا فصل في شأن أوسع، لعالم علماني أخذت تُطمس فيه الحدود القومية والثقافية. فحينما لا يرى المسيحي الامريكي أن دينه يفصله عن الآخر، لماذا تحرص على ذلك يهودية علمانية في فصله الدراسي؟ إن الذوبان هو بمعانٍ كثيرة مقطوعة عن المسألة اليهودية، هو في ظاهر الامر علامة ايجابية على عصر مستنير يختلط فيه البشر بغيرهم دون فرق دين وعرق. لكن إليكم سؤالا لم يظهر في استطلاع الرأي: كم من اليهود يتزوجون بمسلمين/ مسلمات (لا في الولايات المتحدة فقط بل في العالم)؟ هل يوجد مع كل ذلك خط خفي لم يتم اجتيازه؟.

 

إن قضية ذوبان اليهود في غيرهم مركبة بلا جواب قاطع وهي تحدث وراء البحر، ولهذا فانها لا تتجاوز عندنا خبرا آخر في صحيفة، لكن من المهم أن توضع في مركز برنامج العمل الاسرائيلي وإلا نشأ وضع بائس نقبل فيه بصورة طبيعية قيادة تُحذر من خطر على وجود الشعب في حين يختفي جزء منه أصلا.