خبر ابراهيم أول المهاجرين من البلاد -معاريف

الساعة 09:50 ص|09 أكتوبر 2013

ابراهيم أول المهاجرين من البلاد -معاريف

بقلم: أبراهام تيروش

(المضمون: الهجرة من البلاد لا تكون خطيئة اذا جاءت اضطرارا للهرب من الجوع ولكنها تكون خطيئة لا تغتفر ويعاقب عليها حتى بالموت اذا كانت فرارا من المسؤولية تجاه الفقراء ممن لديهم اكثر حتى مما ينبغي - المصدر).

هذا هو تاريخ الهجرة من بلاد اسرائيل. بدايتها توجد في قضية الاسبوع التي تجادل في موضوع اشتعل الان من جديد. الهجرة من البلاد بدأت، كما يتبين من أب الامة أبونا ابراهيم بجلاله وعظمته، وان كانت الظروف التي هاجر فيها كانت مختلفة تماما.

لقد كان ابراهيم في واقع الامر اليهودي الاول الذي هاجر الى البلاد، وقد فعل ذلك بناء على أمر من الرب وهكذا أقام صلة الشعب اليهودي به على أجياله، وكذا الوضع الذي تحتمل فيه ايضا الهجرة منه. وهكذا تبدأ القضية: "يقول الرب لابراهيم إذهب إذهب من بلادك ووطنك ومن بيت ابيك الى البلاد التي اريك اياها. وسأجعلك غريبا كبيرا واباركك وأعظم اسمك وتكون البركة. ويذهب ابراهيم عندما تحدث اليه الرب".

الرب لا يقول له ما هي بلاد المقصد واين هي، وابراهيم لا يسأل. بل ببساطة ينهض في الصباح، ويبدأ بالسير جنوبا وفقط عندما يصل الى بلاد كنعان، يبلغه الباري عز وجل "لنسلك اعطيك هذه البلاد". غير أنه تمر بضع سنوات وابراهيم يهاجر الى مصر "للسكن هناك" على حد قول الاية "إذ يكون جوع شديد في البلاد". مثلما كان هو المهاجر الاول الى البلاد، فانه الان هو المهاجر الاول من البلاد.

ظاهرا تفسير هذا الهجران يكمن في آية – يكون جوع شديد وابراهيم يهاجر الى مصر فقط "ليسكن هناك"، التعبير الذي مبناه هو المكوث المؤقت في بلاد أجنبية. ولكن الحاخام الاكبر "الرمبان" وعظماء المفسرين يقررون بان ابراهيم اخطأ حين لم يؤمن بان الرب سينقذنا من الجوع "وعلى هذه الخطيئة قدر لنسله النفي الى مصر إذ في المكان الذي فيه الخطيئة يكون العقاب".

كما أن ابنه اسحق وحفيده يعقوب هجروا البلاد في اوقات الجوع، ولكن قصة الهجرة المضادة الاكثر اذهالا في مستوى الثواب والعقاب تقع بعد نحو 700 سنة من

ذلك، في عهد القضاة كما تروي سيرة روت. مرة اخرى جوع في البلاد وعائلة ميسورة وغنية من بيت لحم – اليميلخ ونوعامي وابناؤهما محلون وكليون – يهاجران من البلاد "للسكن في حقول موآب". الابنان يتزوجان امرأتين موآبيتين عرفة وروت، ولكن في غضون بضع سنوات يموت اليميلخ وابناه.

على ماذا ولماذا حصل هذا؟ الجواب الدارج هو العقاب على هجرتهم من البلاد. ولكن على الفور يبرز السؤال – عقاب بهذه القسوة؟ فابراهيم ايضا هاجر عند الجوع. الجواب متنوع: الجوع في ايامهم لم يكن شديدا مثلما في ايام ابراهيم ولم يتناسب مع المعايير التي تسمح بالخروج من البلاد؛ منذ البداية، هاجروا، مثل ابراهيم، فقط للسكن في حقول موآب، ولكن في النهاية استقروا هناك استقرارا دائما. كانوا من عظماء الجيل ممن يتعين عليهم ان يشكلوا قدوة.

درس من "حقيبة شمعوني" يؤكد الجواب الاخير ويضيف اليه عنصرا هاما يتعلق بالزعامة بشكل عام. "اليميلخ من عظماء الدول ومن معيلي الجيل كان، ولانه جاءت مجاعتان قال: "الان سيأتي كل اسرائيلي ليدق بابي، واحد يأتي بصندوقه وآخر بسلته. فماذا فعل؟ هرب من وجيهما. ولماذا عوقب؟ لانه اسقط قلب اسرائيل".

خطيئة لا تغتفر. اليميلخ الغني هاجر ليس لانه لم يكن لديه ما يأكله، بل لانه كان لديه أكثر مما ينبغي. وهو لم يكن سينهار من الجوع، ولكنه لم يرغب في اعالة الاخرين، المحتاجين. وليست الهجرة نفسها هي التي ولدت العقاب الشديد بل التأثير المعنوي لهربه على الجمهور الذي يقوده. محظور على الزعيم أن يسقط قلب مرؤوسيه – هذا لعناية زعماء جيلنا.

اما الخلاصة فنتركها للحاخام الاكبر "الرمبام". "لا يسكن احد أبدا في بلاد اسرائيل حتى ولو في مدينة معظمها عاملو نجوم ولا يسكن خارج البلاد حتى ولا في مدينة معظمها اسرائيل. فكل من يخرج من البلاد وكأنه يعمل عملا أجنبيا". هذا ليس من قبيل أنه سيؤثر على احد ما من المهاجرين الذين تروق لهم الحال في نيويورك او في برلين ولكن على الاقل ليعلموا ذلك.