خبر القدس في يقظتي ومنامي.. خالد صادق

الساعة 07:21 ص|30 سبتمبر 2013

سمعته في يقظتي ومنامي يناجي بالفخر زماننا, ويقبض ساعده على راحتينا, يلامس انينه مشاعرنا البائسة, ويغمر بدموعه اشواقنا المغيبة, لبيك يا اقصى, يا ذاكرة الماضي والحاضر والمستقبل, اراك تغترف من جروحنا دماء, وتختزل من اعمارنا شقاء, وتفترس من مصارعنا اشلاء, وكلنا لك فداء, لبيك يا أقصى يا طهر الأرض ومعراج السماء.

 

بينما كانت عاديات العرب ترتع في مرابع القوم القاحلة, واذا بأسراب الشؤم تستل من ليلنا قبسات, لتدوس في حلكته قدسنا, وينساب خنجر مسنون في عمق لحمنا فيجافي مضاجعنا, تسارعت خطواتهم الشريرة لتدنس رحاب الأقصى, وتسكب في حلوقنا حنظلا كأنه حمم تصاعدت من براكين.

 

ضباب اسود كالليل حل فوق القباب الحانيات.. يمطر فوق رؤوسنا رعود من دمار وخراب.. يمحو بسطوته تباشير الضياء, ويحجب عن مسامعنا النداء.. حي على الصلاة.. حي على الفلاح.. لقد صموا اذاننا واشاحوا عن عيوننا ثراك, واناخ الليل بأثقاله فوق تسابيح النهار.. وحفروا في صفحاته اكذوبة اثرية تزيف التاريخ وتسدل على صفحاته ستائر حالكة دروبها سوداء.     

 

نور كيف ظهوره ان لم يكن دمنا الوقود.. والقدس كيف نعيدها ان لم نكن نحن الجنود.. يا قدس لا تجزعي فهذا فجرنا قادم.. وغدا سنعود, انت تجمع شملهم بوحدة منشودة تزيل اركان يهود, فتش عن احلامنا المقيدة بأوتاد قلوبنا في عهدنا هذا وفي كل العهود.. نشيدنا آمالنا ورحيقنا يفوح في رحاب الأرض لا توقفه حدود.

 

"في القدس يرتاحُ التناقضُ، والعجائبُ ليسَ ينكرُها العِبادُ، كأنها قِطَعُ القِمَاشِ يُقَلِّبُونَ قَدِيمها وَجَدِيدَها، والمعجزاتُ هناكَ تُلْمَسُ باليَدَيْنْ.. في القدس لو صافحتَ شيخاً أو لامستَ بنايةً لَوَجَدْتَ منقوشاً على كَفَّيكَ نَصَّ قصيدَةٍ يا بْنَ الكرامِ أو اثْنَتَيْنْ.. في القدس، رغمَ تتابعِ النَّكَباتِ، ريحُ براءةٍ في الجوِّ، ريحُ طُفُولَةٍ، فتَرى الحمامَ يَطِيرُ يُعلِنُ دَوْلَةً في الريحِ بَيْنَ رَصَاصَتَيْنْ.. في القدس تنتظمُ القبورُ، كأنهنَّ سطورُ تاريخِ المدينةِ والكتابُ ترابُها.. الكل مرُّوا من هُنا.. يا أيها الباكي وراءَ السورِ، أحمقُ أَنْتْ؟ أَجُنِنْتْ؟ لا تبكِ عينُكَ أيها المنسيُّ من متنِ الكتابْ , لا تبكِ عينُكَ أيها العَرَبِيُّ واعلمْ أنَّهُ في القدسِ من في القدسِ لكنْ لا أَرَى في القدسِ إلا أَنْت".

 

القدس حلم العاشق اليقظان, تغريدة الطير الهائم في حضن الفضاء.. عيون برعم تتفتح على تنهيدة الندى واشراقة الاصباح.. القدس بسمة عالقة بين شفتي طفل تداعبه احلام الصبا وانفاس الدفء الحاضنة لشفتاه, ارواحنا تسري في رحابها, ودماؤنا تسيج حدودها المسلوبة والعيش فوق ثراها الطاهرة سبيلة الأطهار.. يا قدس يا قبلة الاحرار.. يا قدس يا قبلة الأحرار.