خبر اتفاق بين موسكو وواشنطن حول نص يشكل اطار لتدمير اسلحة سوريا الكيميائية

الساعة 08:22 ص|27 سبتمبر 2013

واشنطن، نيويورك

بعد أسابيع من المناقشات والمساومات توصلت روسيا والولايات المتحدة وبقية الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي الخميس الى اتفاق حول نص يشكل اطارا لتدمير الاسلحة الكيميائية التي يملكها نظام الرئيس السوري بشار الاسد.

ويشكل هذا الاتفاق على مشروع قرار قد يتم اقراره مساء الجمعة، اختراقا دبلوماسيا هاما بعدما عجز مجلس الامن عن التوصل الى نص منذ اندلاع النزاع السوري في اذار (مارس) 2001 بسبب لجوء موسكو وبكين الى حق النقض (الفيتو) ثلاث مرات.

وقالت سامانثا باور سفيرة الولايات المتحدة في الامم المتحدة "انه اختراق هام جدا اذ ان مجلس الامن قد يتحرك اخيرا بشكل موحد لاول مرة لفرض واجبات قانونية الزامية على سوريا".وينص مشروع القانون الذي حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه على امكانية ان يقر مجلس الامن عقوبات بحق نظام الاسد في حال لم يلتزم بخطة نزع اسلحته الكيميائية.وبحسب النص فان مجلس الامن "يقرر في حال عدم الالتزام بهذا القرار، بما في ذلك نقل اسلحة كيميائية بشكل غير مسموح به او اي استخدام لاسلحة كيميائية من اي طرف كان في الجمهورية العربية السورية، فرض تدابير تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة".ويشير مشروع القرار الى ان بوسع المجلس فرض تدابير في حال افادت منظمة حظر الاسلحة الكيميائية او الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن انتهاك للخطة الاميركية الروسية لنزاع الاسلحة الكيميائية السورية.ويجيز الفصل السابع فرض عقوبات وصولا الى استخدام القوة غير ان النص لا يحدد التدابير المحتملة ولا يفرض عقوبات تلقائية. وفي حال خالفت دمشق التزاماتها، يتعين عندها اصدار قرار ثان ما يترك لموسكو حليفة دمشق امكانية عرقلته.وجرت مناقشة النص مساء الخميس خلال اجتماع الدول الـ15 الاعضاء مجلس الامن ومن المقرر طرحه للتصويت على الوزراء الجمعة الساعة 20,00 (00,00تغ)، على ما افادت البعثة الفرنسية لدى الامم المتحدة في حسابها على موقع تويتر.وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان اي تحرك ينبغي ان يكون "متناسبا مع خطورة الانتهاك"، بحسب ما نقلت عنه وكالة انترفاكس.وكان الاوروبيون يطالبون بان ينص القرار على احالة النزاع السوري الى المحكمة الجنائية الدولية غير ان المسودة تنص فقط على ان المجلس "يبدي قناعته الشديدة بوجوب محاسبة الاشخاص المسؤولين عن استخدام الاسلحة الكيميائية في سوريا".وقال مارك لايل غرانت السفير البريطاني لدى الام المتحدة "آمل ان تصل هذه الرسالة الى دمشق وان تفهمها".ويتعين قبل تنظيم عملية تصويت مساء الجمعة الحصول على الضوء الاخضر من منظمة حظر الاسلحة الكيميائية على خطة تفكيك الاسلحة الكيميائية السورية التي اتفق عليها الروس والاميركيون في 14 ايلول (سبتمبر) في جنيف.وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ان هذا النص "يشكل خطوة الى الامام" و"يكرر المطالب" التي اعربت عنها فرنسا.واعلن عن النص بعد محادثات جديدة جرت بين لافروف ووزير الخارجية الاميركي جون كيري.وقال لافروف بعدها للصحافيين انه تم التوصل الى "تفاهم" مع الولايات المتحدة على مسودة قرار دولي وخطة مشتركة لنزع الاسلحة الكيميائية ينبغي ان تصادق عليها منظمة حظر الاسلحة الكيميائية.اما كيري فاكد ان الاسرة الدولية "بوسعها الان المضي قدما في ازالة الاسلحة الكيميائية من سوريا وتدميرها".وفي حال صادق المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الاسلحة الكيميائية في لاهاي على الخطة الجمعة فسوف يتم التصويت عليها في مجلس الامن لاحقا اليوم.

وقال مسؤول أميركي رفيع إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري اجتمع مع نظيره الصيني وانغ يي لمدة ساعة صباح الخميس على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وقال: "إن الولايات المتحدة والصين اتفقتا على ضرورة قيام مجلس الأمن بإصدار قرار ملزم وقوي حول تأمين وتدمير الأسلحة الكيميائية السورية". وأضاف: "ناقش الوزيران أهمية الوحدة والاتفاق بين الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، وكلاهما يرى أنه من المهم للمجلس أن يتصرف بسرعة، وكذلك منظمة حظر الأسلحة الكيميائية".

وتشير التسريبات حول مشروع القرار أن الخلافات تركزت حول عدة نقاط، الأولى هي إصدار القرار وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، حيث تدفع كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على أن يتم إصدار القرار وفقا للفصل السابع وهو ما ترفضه روسيا. والنقطة الثانية أن يتم محاسبة مرتكبي الهجوم الكيماوي في آب (أغسطس) الماضي، وتقديمهم إلى المحكمة الجنائية الدولية وهناك موافقة جماعية على محاسبة مرتكبي الحادث لكن يتركز الخلاف حول تقديم مرتكبي الحادث للمحكمة الجنائية. والنقطة الثالثة هي تحديد دور الأمم المتحدة في عملية مراقبة وتدمير الأسلحة الكيميائية في سوريا، ومن الذي سيقرر أن سوريا التزمت أو لم تلتزم بتنفيذ القرار هل سيكون مجلس الأمن أم منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

ويقول المحللون إن روسيا رفضت أن يصدر القرار بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يخول استخدام القوة، وإنها وافقت على عبارات تحمل إشارات إلى الفصل السابع دون أن تحمل القدرة على تنفيذ فوري لأي تحركات عسكرية في حال حدوث عدم امتثال من الجانب السوري.

وأشار مسؤول بمكتب سامنتا باور مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة أن باور تعمل مع فيتالي تشوركين مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة حول ثلاث أو أربع نقاط تشكل نقاط خلاف بين الجانبين في نص مشروع القرار وأن ما تصر عليه الولايات المتحدة هو قرار ملزم وقابل للتنفيذ ويمكن التحقق منه في إزالة كافة مخزونات سوريا من الأسلحة الكيميائية، وتريد التأكيد على وجود عواقب لعدم الامتثال وأن يكون ذلك واضحا في الاتفاقات.

وقال مسؤول دبلوماسي لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية إن مندوبي الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والصين وبريطانيا اجتمعوا مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مساء الأربعاء لمناقشة محتوى نص القرار ووجهة النظر الروسية، وكان هناك تقارب كبير بين آراء الدول الخمسة حول النقاط الأساسية للقرار. ومن المقرر أن تجتمع الدول دائمة العضوية مرة أخرى اليوم الجمعة لمناقشة مقترحات عقد مؤتمر دولي حول سوريا في جنيف ومن المخطط أن يعقد في نهاية تشرين الأول (أكتوبر) أو بداية تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

وحول إدراج الفصل السابع في نص مشروع القرار قال الدبلوماسي الغربي "إن المفاوضات مستمرة حول إمكانية الإشارة فقط إلى الفصل السابع دون أن يتضمن تهديدا فوريا باستخدام القوة".

ويضيف "تركزت المناقشات على مسارين الأول هو تحويل إطار اتفاق (جنيف 1) إلى قرار رسمي من مجلس الأمن ويشمل عبارات صريحة لمحاسبة مرتكبي الهجوم الكيميائي على الغوطة الشرقية في آب (أغسطس) الماضي، لكن من غير المرجح أن يشمل القرار عبارات صريحة بإحالة مرتكبي الهجوم إلى المحكمة الجنائية الدولية. والمسار الثاني هو التوصل لاتفاق منفصل تحت إطار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بهولندا حول القدرة على وضع خطة قابلة للتحقيق والتنفيذ لتفكيك ترسانة سوريا من الأسلحة الكيميائية، والتي وفقا للتقديرات تمتلك أكثر من ألف طن متري من غاز الخردل والسارين وغيره من المكونات الكيميائية القاتلة".

وقال مسؤول أميركي "إننا نحرز تقدما، لكننا لم ننته من العمل بعد، ونحاول التأكد أنه لا يوجد أي ثغرات في نص القرار وأنه لا يوجد أي فرصة لإساءة فهم القرار، وأن تحدد النصوص النهائية ما يجب أن تقوم به سوريا وكيف سيتم نزع السلاح الكيماوي، وما هي الإجراءات التي سوف تيم اتباعها، وما هي الإجراءات التي ستتم إذا كان هناك انتهاكات".

من جانبه قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف إن روسيا مستعدة للمساعدة في تأمين مواقع الأسلحة الكيميائية السورية وتدمير المخزونات داخل الأراضي السورية دون نقل تلك الأسلحة إلى خارج البلاد. وتعد كل من الولايات المتحدة وروسيا هما البلدان الوحيدان اللذان يمتلكان قدرات للتعامل مع غازات الخردل والسارين والسيانيد. وتدور المناقشات حول كيفية تدمير تلك الأسلحة وأماكن تدميرها وتسير المناقشات نحو تدمير تلك الأسلحة داخل الأراضي السورية باعتباره الخيار الأفضل حيث تحظر اتفاقية الأسلحة الكيميائية تصدير تلك الأسلحة.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف إن المفاوضات تسير بشكل جيد جدا، وإن اللمسات النهائية لمشروع القرار ستنتهي في وقت قريب جدا، وقال: "سننتهي في وقت قريب خلال يومين على ما أعتقد" وحول الفصل السابع قال غاتيلوف "سيتم ذكر الفصل السابع في نص قرار مجلس الأمن لكن هناك تفاهما أنه لن يكون هناك انخراط تلقائي وفقا للفصل السابع".

وينص الاتفاق الذي توصل إليه وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع نظيره الروسي سيرغي لافروف أن تنتهي كافة عمليات حصر وتأمين مواقع الأسلحة الكيميائية السورية بحلول الثلاثين من تشرين الثاني (نوفمبر) وأن يتم تدمير الترسانة الكيميائية السورية بأكملها بحلول الثلاثين من حزيران (يونيو) 2014.