خبر قلق إسرائيلي من لهجة الخطاب الأميركي في نيويورك

الساعة 07:09 ص|26 سبتمبر 2013

كتب : حلمي موسى

أثارت دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة عموماً، وخطابا الرئيس الأميركي باراك أوباما والإيراني حسن روحاني بشكل خاص، مخاوف وانتقادات شديدة في إسرائيل.

ولم تقتصر الانتقادات هذه المرة على السلوك الأميركي المتصالح إزاء إيران، كما تبدى هناك، وإنما تجاوزت ذلك أيضا لتنصب على تخلف الحكومة الإسرائيلية عن إدراك التغييرات الجارية في العالم.

وبديهي أن أكثر الجوانب المثيرة لمخاوف وقلق الحكومة الإسرائيلية اليمينية تتعلق ليس فقط في المرونة الأميركية تجاه المشروع النووي الإيراني، وإنما أيضا في الربط بين مجابهته أميركياً، وتسوية الصراع مع الفلسطينيين إسرائيلياً.

وتقريباً، كانت الجملة المفتاح في الخوف الإسرائيلي تلك التي تفوه بها الرئيس الأميركي أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة وقال فيها أن «الموضوعين اللذين سيركز عليهما الجهد الديبلوماسي الأميركي قريباً هما إيران ومشروعها النووي والنزاع الإسرائيلي ــ الفلسطيني».

وعند ربطها بتشجيعه وتفهمه لوعد الرئيس روحاني بألّا تطور إيران أبداً أي سلاح نووي، بلغ القلق الإسرائيلي ذروته بتأكيد رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على وجوب ألا ينخدع العالم بالوعود الإيرانية.

واعتبر المراسل السياسي لصحيفة «هآرتس» باراك رابيد أن أوباما لم يضع بذلك المسألتين الإيرانية والفلسطينية على رأس سلم أولويات سياسته الخارجية، وإنما ربط بينهما أيضا. وقد وجه أوباما رسالة إلى اذن نتنياهو مفادها أن حل المسألة الأولى مرهون بحل المسألة الثانية. وأضاف أن هذه هي الرزمة التي سعى أوباما إلى التوصل إليها منذ توليه منصبه نهاية العام 2008.

وبانت الخيبة الإسرائيلية في عناوين الصحف وتعليقات كبار الكتاب فيها. وأشارت «معاريف» إلى أنه برغم «تقدير» نتنياهو علنا لخطاب أوباما، إلا «أنه والمقربين منه يطلقون موسيقى مغايرة في الغرف المغلقة». وبحسب الصحيفة فإن «نتنياهو قرر الا ينتقد اوباما وبالتأكيد ليس قبل اللقاء معه في واشنطن الاسبوع المقبل. ولا يعتزم رئيس الوزراء عزل اسرائيل وعزل نفسه من خلال انتقاد مباشر للرئيس الاميركي مثلما درج قبل نحو سنتين في رد منفلت العقال على خطاب اوباما عن المسيرة السلمية».

وشددت الصحيفة على أن «أجزاء واسعة» من خطاب أوباما «أزعجت الآذان الإسرائيلية» وبينها الخطاب التصالحي مع طهران وإبداء انعدام الرغبة في اللجوء إلى الحل العسكري، واحترام حق إيران في استخدام النووي لأغراض سلمية، والربط بين النووي الإيراني والتسوية مع الفلسطينيين، وأيضا بين وجود الدولة اليهودية وقيام الدولة الفلسطينية.

ويشرح المعلق العسكري في «هآرتس» عاموس هارئيل مظاهر تخوف إسرائيل من الأداء الأميركي والتي تجلت في التعامل مع الشأن السوري. ويكتب أنها تتلخص في «تخوف ادارة اوباما من التدخل العسكري، وتردد وتذبذب واشنطن في ظل بلورة موقفها، وعدم قدرتها على بلورة خطوات مشتركة مع حلفائها في المنطقة ومع القوى العظمى الغربية الاخرى، والتحدي البارز من جانب موسكو».

وبدأت صحيفة «اسرائيل اليوم» المقربة من حكومة نتنياهو الحملة ضد أوباما. وكتب الخبير في الشؤون الأميركية البروفيسور ابراهام بن تسفي تحت عنوان «أوباما يرفع الراية البيضاء» أن خطاب أوباما أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة كان ممهورا بشارة تسليم الولايات المتحدة «بهبوطها من قمرة القيادة العالمية المنفردة». فقد أطلق أوباما، بحسب رأيه، رسالة واضحة تفيد بأن «القوة العظمى الاميركية لم تعد قادرة على أن تحمل وحدها عبء المسؤولية عن النظام الدولي، وأن طموحها كله هو الى أن تعمل مع المجتمع الدولي في شراكة مع الاعتماد على وسائل ديبلوماسية».

وكتب رئيس معهد الاستراتيجيا الصهيونية يوعاز هيندل في «يديعوت» أن الولايات المتحدة باتت «قوة عظمى محدودة الضمان، فهي مستعدة للتدخل محدود الضمان، وللمساعدة محدودة الضمان، وليس بوسع تعليمات الخطاب الأميركي تغيير الانطباع الناجم عن حل المسألة السورية. الولايات المتحدة تنطوي على نفسها. لا أخيار ولا أشرار، فقط تصريحات طيبة وتصريحات شريرة». وفي نظره، فإن «أوباما العام 2013 بات راشداً: كلماته كبيرة، نواياه صغيرة، وفحوى خطابه أنه لا يريد التورط في حروب الآخرين».

وبرغم ذلك، رأت افتتاحية «هآرتس» أن خطابي أوباما وروحاني في الأمم المتحدة يوفران «فرصة للديبلوماسية». وأشارت إلى أن من «الخطأ الجسيم ان تتجاهل اسرائيل والاسرة الدولية التصريحات الاخيرة الآتية من طهران، والتغيير الذي طرأ على الحكم الايراني». ورأت أن «نتنياهو، الذي يواصل التمسك بالخط المتشدد، غير مستعد على ما يبدو لاختبار فرص المسعى الديبلوماسي المتجدد».

ولاحظت مراسلة «يديعوت» في العاصمة الأميركية أورلي أزولاي أن أوباما لم يقبل تحليل نتنياهو بأن إيران تخادع. وأشارت إلى أن أوباما ينطلق من فلسفته التي تقول بحل النزاعات الدولية بالسبل الديبلوماسية ويعرف أن الشعب الأميركي سئم الحروب غير المبررة التي خاضتها حكوماته. وشددت على أن نتنياهو عندما يصل قريبا إلى الأمم المتحدة «سيجد حلبة مختلفة تتحدث بلغة مختلفة: مؤتمر دولي بدأت تهب فيه، بتشجيع أوباما، رياح جديدة نحو طهران. ليس واضحا أين ستصل المفاوضات، ولكن صفة الدولة المنبوذة أزيلت عن كاهل إيران، على الأقل الآن».