تقرير « العنوسة ».. لم تعد للفتيات فقط في غزة..!

الساعة 09:16 ص|24 سبتمبر 2013

غزة (خـاص)

الاستقرار وتكوين العائلة واختيار شريكة العمر، هي أحلام باتت مؤجلة للكثير من الشباب الفلسطيني لحين ميسرة، أو معلقة على نافذة الانتظار، حيث أصبح الدخول في "عش الزوجية" آخر الخيارات التي يفكر بها الشباب، ومصطلح "العنوسة" لم يعد خاصاً بـ"الفتيات".

فالشباب الفلسطيني، في قطاع غزة الذي يبلغ عدد سكانه أكثر من مليون و830 ألف نسمة، يواجه العديد من التحديات التي تُعيد صياغة وتفاصيل حياته، حيث يعاني من ارتفاع في معدلات الفقر والبطالة باعتبارها أبرز التحديات التي تواجهه، حيث بلغت نسبة البطالة بين الخريجين الشباب خلال الربع الأول من عام 2013 نحو 53%، حسب آخر إحصائية للجهاز المركزي للإحصاء.

ويقع الشباب، في دائرة مختنقة بالحصار "الإسرائيلي" والظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فضلاً عن غلاء المعيشة، الأمر الذي يجعلهم عازفين عن "الزواج"، في نفس الوقت يحاصرون بمتطلبات ثقيلة عليهم للزواج.

الظروف الحياتية والاجتماعية والتغيرات على مدى السنوات، كتجهيز "الشقة المستقلة" بعيداً عن "بيت العائلة الكبيرة"، ومصاريف الزواج الطويلة، وتغيير أنماط التفكير لدى الكثيرين كلها  أسباب باتت تشكل أيضاً مانعاً لبعضهم على الزواج.

"العين بصير واليد قصيرة"

الشاب محمد أبو لبدة من مدينة غزة يبلغ عمره( 34 عاماً) يعمل بائعاً في إحدى المحلات التجارية، و(أعزب ولا يفكر في الزواج) كما أحب أن يعبر عن نفسه، عندما سألته مراسلة "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" حول حالته الاجتماعية.

وعند السؤال حول السبب، كانت إجابته ممتلئة بالاستنكار الممزوج بالتعجب:"كيف أفكر، العين بصيرة واليد قصيرة، أنا بالكاد أستطيع تلبية احتياجاتي، وقوت نفسى، فكيف لو تزوجت وفتحت بيت فكيف سأكون مسؤولاً عن عائلة وأولاد".

وأوضح أبو لبدة، أنه تخرج من الجامعة بعد دراسة 4 سنوات، ولم يجد عملاً يناسب شهادته، فأخذ يعمل في المحلات التجارية التي تعتبر راتبها قليل، منوهاً إلى أن احتياجات الزواج مرتفعة جداً والمهور غالية والوضع المعيشس صعب وظروف الحياة سيئة.

ويضيف:" أنا أعيش مع أهلي في غرفة، ولا أملك شقة، وكل الفتيات الآن تبحث عن شقة مستقلة قبل العريس".

مشروع تجاري

أما الشاب على اسماعيل الذى لا يقل عمرة عن الثلاثين،  فهو موظف لدى السلطة ولا يزيد راتبه عن "1500" شيكل، وصف الزواج بأنه تجارة، حيث أن وضعه وكافة الشباب بالمرير، فهو يعانى من قصة المهور المرتفعة جداً التي تصل لـ5000 آلاف دينار، ناهيك عن متطلبات العروس كالصالة، والشقة وتجهيزاتها، وأخرى لا يقوى عليها الشباب.

ويتابع إسماعيل، أن مشروع الزواج  في الوقت الحالي يُكلف على الأقل 15 ألف دينار، وهو يفضل أن يستثمر هذا المبلغ من خلال مشروع تجارى بدل من الزواج- حسب ما ذكر لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية".

ويضيف، أنه يسعى حالياً لتجهيز شقته للاستقرار فيها وحده بعيداً عن المشكلات العائلية التي تتراكم بسبب كثرة الأفراد داخل العائلة، منوهاً إلى الشقة الآن بالنسبة له أهم من الزوجة ليرتاح من المشاكل.

الدكتور رجب سالم يبلغ من العمر 40 عاماً، وهو لم يتزوج حتى الآن رغم أن وضعه المادي جيد وقادر على فتح بيت، وتحمل أعباء الزواج، ولم يجعل الظروف السيئة مبرر لعدم زواجه، لكن وضع المبرر على عاتق الفتاة، حيث قال" أنا لم أجد حتى الآن فتاة مناسبة لتفكيري".

ويشير سالم، في حديث لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية". إلى أنه يفكر في السفر في الوقت الحالي، ليكمل دراسة خاصة في مجال تخصصه، وهو أمر يرى أنه في الوقت الحالي أهم من الزواج والارتباط الذي يرى أنه قد يُعطل أحلامه وآماله وطموحاته.

أوضاع اقتصادية وتغير فكري

الدكتور والأخصائي النفسى درداح الشاعر تحدث عن الأسباب التي تمنع الشاب عن الزواج ،  منها اقتصادية حيث أن الشاب الفلسطيني يعيش فى وضع مرير، وعدم وجود فرص عمل، بالإضافة إلى غلاء المعيشة، وغلاء المهور، وتكاليف الزواج الباهظة الثمن فهي تصل أكثر من عشرة آلاف دينار، فينظر الشاب الى هذه الأمور  فتسول له نفسه بأن يمتنع عن الزواج.

وأشار في حديث لمراسلة "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" إلى الأسباب النفسية، وهي حسبما ذكر، الهروب من المسؤولية، وعدم الكفاية الشخصية، مبيناً أن هناك العديد من الشباب الذين يتناولون المخدرات فهم يرون بهذا هروب من الواقع وبالتالي رفض الزواج .

وفى نفس السياق، يقول الشيخ محمد نجم دكتور الشريعة وأصول الدين بجامعة الأزهر، أن الشاب الفلسطيني يعزف عن الزواج لأن أغلب الأهالي يطلبون تكاليف باهظة الثمن من الشاب المتقدم للزواج، فضلاً عن غلاء المعيشة.

وأشار في حديث لمراسلة "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، إلى التغير في تفكير الشباب، حيث أن الكثير منهم بات يفضل أن يختار شريكته بنفسه وليس أهله، ووجود التطور التكنولوجي ووسائل الاتصال، والتواصل الاجتماعي، حيث أصبحت العلاقة بين الشاب والفتاة منفتحة على عكس ما كان في حياة السلف كانت الحياة مغلقة هذه الأسباب وغيرها  جعلت الشباب الفلسطينى يعزف عن الزواج.

الإحباط والهموم ولعل المستقبل المجهول بات يسيطر على حال الشباب الفلسطيني، فأصبح كل تفكيره التخلص من واقعه السئ، أو الحصول على فرصة عمل أو السفر للخارج بديلاً عن التفكير بالزواج.