خبر الأقصى وحسم المعركة إعلاميًّا.. عماد الإفرنجي*

الساعة 08:26 م|23 سبتمبر 2013

يبدو أن الكيان الاسرائيلي قد شرع بالتنفيذ الفعلي لما يسعى إليه على مدى سنوات طويلة بالسيطرة الكاملة على المسجد الأقصى .

لم يعد الأمر يتعلق فقط بعمليات تهويد الأماكن وتغيير معالم المدينة المقدسة ومصادرة الأراضي وهدم البيوت ، والحفريات والأنفاق المتزايدة تحت المسجد الأقصى ، بل اتخذت خطوات متقدمة على الصعيد السياسي بتشريع لجنة الداخلية بالكنيست الاسرائيلي السماح لليهود بأداء ما يسمى شعائرهم التلمودية داخل المسجد الأقصى ودخوله متى يريدون، وخطوات أخرى على الصعيد الميداني باعتقال وابعاد قادة الحركة الاسلامية في الداخل عن القدس ، وزيادة وتيرة الاقتحامات للمسجد الأقصى وأداء طقوسهم فيه .

الأخطر بتقديري هو نجاح الكيان الاسرائيلي – إلى حد ما – عبر دعايته السوداء في تطبيع العقل الفلسطيني والعربي والاسلامي وكل متلقي للرسالة الاعلامية أن الاقتحام الاسرائيلي للمسجد الأقصى أصبح أمرا اعتياديا مقبولا في ذهنية المتلقي لا يستثير فيهم أي نخوة أخلاقية أو دينية أو وطنية أو عربية ما يدق ناقوس الخطر أمام شعبنا وأمتنا .

ففي الوقت الذي يستخدم النظام العربي الاعلام للترويج لسياساته التي غالبا تصب في مصلحة النظام لا مصلحة الشعب ، عمل الاحتلال على تطويع العقل العربي  والعقل البشري من خلال دعايته واعلامه ودبلوماسييه في الخارج ليمرر عليهم  اقتحام المسجد الاقصى ومحاولات تقسيمه زمانيا ومكانيا لصالح اليهود مستغلين بقوة الغطاء الذي وفرته لهم المفاوضات وما يجري في الدول العربية وانشغالها بنفسها وخاصة مصر وسوريا ، هكذا تسير الأمور بدون أية ردة فعل أو موقف أو حتى بيان شجب أو استنكار !!.

اسرائيل نفذت بجدارة ما جاء في كتب "سيكولوجية الجماهير" للمفكر الفرنسي غوستاف لوبون ، و"بروبوغاندا" للأمريكي ادوارد بيرنيس ، و"المتلاعبون بالعقول " لهيربرت شيلر ، وسارت على خطى وزير دعاية النازية جوزيف جوبلز ، فهم من أصبحوا يصنعون ويوجهون الرأي العام بالاتجاه الذي يريدون .

الأقصى أصبح اليوم وحده في الميدان ، والمسلمون بعضهم لا يعرف حتى الفرق بين المسجد الأقصى وقبة الصخرة ، فالمسجد الأقصى هو كل ما داخل السور الذي مساحته 144 دونم ، وليس فقط المسجد القبلي ذو القبة الفضية أو مسجد قبة الصخرة ذو القبة الذهبية ، وأخشى اذا ما أقدم اليهود على جريمة بحق الأقصى ، وشاهد العالم قبة الصخرة موجودة لم يتأثروا واعتبروا وكأن شيئا لم يحدث !!.

لم يعد أمر اقتحام الأقصى أو انهيار جدار فيه أو اغلاقه يعني كثيرا وسائل الاعلام العربي ، ولا يرونه يستحق البث خبرا عاجلا لاستفزاز المشاهدين ، ولم يعد مشهد تجول المئات  من جنود الاحتلال وسوائب المستوطنين والحاخامات المجرمين مشهدا يثير النخوة والغيرة لدى الأنظمة والجيوش العربية !! .

كم فلسطينيا أو عربيا يتابع ما يجري بالمسجد الأقصى ؟ وكم وسيلة اعلام تنقل ما يحدث فيه ؟ وكم تظاهرة ومسيرة تضامن معه ؟ كم خطبة جمعة في عالمنا الاسلامي تحدثت عن الأقصى ؟ وكم منا يعرف عن المرابطين داخل الأقصى والحرب التي يشنها الاحتلال عليهم ؟ النتيجة المؤلمة هي حالة من اللامبالاة تسيطر على مشهد قبلة المسلمين الأولى .!!

الاعلام أصبح القوة الأولى في العالم وأعظم من كل الترسانات الحربية ، وعدونا يستثمره أفضل استثمار، واعلامنا العربي غارق في الرفاهية والمسابقات والأفلام والأغاني والرياضة وترك الأقصى بمفرده في المعركة ، فالمعارك اليوم تحسم على الشاشات ووسائل الاعلام قبل أن تحسم على الأرض فهل من مبادر لاصلاح الأمر قبل فوات الأوان ؟ !!

 

-رئيس منتدى الإعلاميين