خبر تعايش مدفوع الأجر-يديعوت

الساعة 09:05 ص|17 سبتمبر 2013

تعايش مدفوع الأجر-يديعوت

بقلم: دوف فايسغلاس

(المضمون: لو لم يكن لاتفاقات اوسلو من الفضل سوى أنها ترفع عبء ادارة الحياة اليومية للفلسطينيين عن كاهل اسرائيل لكان ذلك أعظم الفضل - المصدر).

 

مرت الذكرى السنوية العشرون لاتفاق اوسلو دون نقاش عام حقيقي. ويبدو ايضا أن مُنشئي الاتفاق واولئك الذين يعرفون أهميته، يُقللون من ذكره خشية سمعته السيئة. إن لاتفاقات اوسلو جوانب جوهرية كثيرة تستحق الذكر منها الغاء حدود "خطة التقسيم" بالفعل واعتراف فلسطيني بدولة اسرائيل في حدود 1967. لكنني لا أريد أن أتناول هذه الامور بل أريد أن أتناول سؤالا عمليا وهو: أين كانت ستوجد اسرائيل دون اتفاقات اوسلو؟.

 

إن خلاصة اتفاقات اوسلو وباريس هي انشاء ادارة فلسطينية مستقلة تشبه دولة تحكم أكثر السكان الفلسطينيين في مناطق يهودا والسامرة وانشاء علاقات اقتصادية وادارية باسرائيل. وتحملت السلطة الفلسطينية مسؤولية مطلقة عن ادارة الحياة المدنية في المناطق التي تخضع لسلطتها (وفيها نحو من مليوني فلسطيني): الاعمال الشرطية والأمن الداخلي والقضاء والصحة والتربية والاقتصاد والنقل العام والاتصالات وتطوير البنى التحتية والبناء والتزويد بالماء والكهرباء وغير ذلك. وصعب على السلطة منذ أن أُسست أن تؤدي عملها، فلا يوجد لها مال: فالاقتصاد غير متطور بقدر كاف؛ وجباية الضرائب قليلة وجزئية، ولا توجد ايرادات من مصادر ذاتية اخرى، ويغلب مع كل ذلك الاسراف وعدم النجوع. فأصبحت النتيجة عجزا أخذ يتراكم بمقادير ضخمة، فلولا الدعم المالي من دول العالم لانهارت السلطة الفلسطينية.

 

وقد اشتهت هذه الازمة نفوس "رافضي اوسلو". فقد فكروا في سريرتهم أن ارادتهم قد تمت: فلا توجد اوسلو ولا سلطة فلسطينية، ودولة اسرائيل تُدير بصورة مباشرة حياة الفلسطينيين في يهودا والسامرة. واسرائيل تستعمل عشرات الآلاف من عمال الحياة العامة الفلسطينيين وتستعمل مدارس وعيادات طبية ومستشفيات ومراكز شرطة وسجونا؛ وتُعبد شوارع وتمد أنابيب ماء وخطوط كهرباء واتصالات؛ وتقيم اجهزة مساعدة ورفاه. ويطارد رجال شرطة اسرائيل لصوصا في قصبات مخيمات اللاجئين.

 

وكيف تفعل اسرائيل ذلك؟ من أين تأتي الحكومة بالاموال وبالقوة البشرية المطلوبة لادارة حياة نحو من مليوني انسان آخر؟ وليسوا "مجرد" ناس بل هم سكان "ضعفاء"، يحتاجون الى دعم كبير والى خدمات حكومية معززة، لكنهم لا يستطيعون دفع ثمنها. وإن قدرة اسرائيل على أن تجبي ضرائب من الفلسطينيين تقرب من الصفر؛ فكل شيء سيدفعه مواطنو اسرائيل وعلى حساب فقراء اسرائيل.

 

وستتوقف ايضا القروض والهبات بمبالغ ضخمة التي منحتها دول العالم للسلطة الفلسطينية وعدّلت ميزانيتها العامة لأنه يصعب أن نفرض أن توافق الدول المانحة على النفقة على الاحتلال الاسرائيلي مباشرة. فستكون كلفة ادارة حياة الفلسطينيين في المناطق بحسب الميزانية الاسرائيلية نفقة "خالصة"، أي نفقة لا يوجد الى جانبها أي دخل، وستكون هذه كارثة على اسرائيل.

 

ينبغي ألا نضل في الأوهام: إن ايام ما قبل اوسلو حينما كانت اسرائيل تكتفي بادارة قليلة وأساسية فقط للحياة المدنية في يهودا والسامرة قد انقضت. وسيراقب العالم كله الآن متجهم الوجه ما تفعله اسرائيل هناك. وسيُطلب الى اسرائيل أن تُدير المناطق ادارة تضمن "شروط عيش مناسبة" للسكان وستجد نفسها مُرغمة على أن تفي بكل ما أخلّت به السلطة الفلسطينية. إن تقصيرات السلطة الفلسطينية في ادارة الحياة هي مسألة فلسطينية داخلية. وتقصيرات اسرائيل الادارية في المناطق ستُعرف بأنها نقض

 

لقواعد القانون الدولي، أو كما قال لي خبير قريب من هذا الشأن: "ستكون كل حفرة في شارع موضوعا للجنة تحقيق دولية".

 

إن صيغة اوسلو تُجنب اسرائيل العبء الاقتصادي الفظيع المقرون بالسيطرة على حياة الفلسطينيين اليومية، وهي سيطرة قد تزيد في حدة الازمة مع دول العالم في كل ما يتعلق بيهودا والسامرة. فاوسلو من هذا الجانب على الأقل هي نجاح عظيم.