خبر لم يتعلموا من الماضي- معاريف

الساعة 10:17 ص|16 سبتمبر 2013

لم يتعلموا من الماضي- معاريف

بقلم: دافيد شاين

(المضمون: كمواطنين اسرائيليين، فلا يتبقى لنا غير الامل في أن يكون الامريكيون محقين في الطريقة التي يقودوننا فيها والا نضطر بعد أربعين سنة لنسأل أنفسنا كيف لم نرَ ما كان مكتوبا على الحائط، وكيف حصل أننا حظينا بحرب اخرى. كله الا يوم غفران آخر - المصدر).

عندما يصل وزير الخارجية الامريكي جون كيري في زيارة عاجلة الى اسرائيل غداة يوم الغفران الذي يجرى فيه حساب وطني للنفس على القصورات التي سبقت حرب يوم الغفران، ينبغي أن يشعل ضوء تحذير. كيري نفسه، الذي صرح قبل بضعة أيام بان "هذه لحظة ميونخ"، جاء لاسرائيل كي يطلع القادة في اسرائيل على الاتفاق المهزوز الذي نسج بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن نزع السلاح الكيميائي السوري. يمكن أن نرى في ذلك نوعا من التحذير مما سيأتي.

بعض من المعلومات التي تصل من سوريا تشهد على ان الاتفاق الموقع في يوم الغفران بين روسيا والولايات المتحدة لا يساوي الورق الذي كتب عليه. فبشار الاسد يوجد في ذروة حملة خداع ورجاله يخفون قدر الامكان مخزونات السلاح الكيميائي في ارجاء سوريا. والجالسون في واشنطن غير معنيين بحرب اخرى في الشرق الاوسط، ولهذا فان صيغة الاتفاق الذي اقترحته روسيا يبدو في نظرهم طريق هروب محترم. واسرائيل تخشى انتقاد حليفتها، والمعلومات الواردة من سوريا تخفى تحت بساط الوعود الامريكية بمنح الرعاية والحماية.

في ايلول 1938 كان العدو الاكبر هتلر. وقد شكل تحديا امام الدول الغربية حين هدد بالحرب ضد تشيكوسلوفاكيا. في حينه، مثلما هو اليوم، البريطايين لم يكونوا معنيين بالحرب. رئيس الوزراء البريطاني، نويل تشمبرلين، بذل جهودا عظمى كي يجمع زعماء المانيا، ايطاليا، فرنسا وبريطانيا في ميونخ من أجل اتفاق سلام. وفي اطار الاتفاق، المعروف باسم "اتفاق ميونخ" ضحى تشمبرلين بقطاع السودات التشيكوسلوفاكي لارضاء شهية هتلر. ووقع هتلر على التزام ألا تخرج المانيا وبريطانيا الى الحرب الواحدة ضد الاخرى واعتقد بانه يحوز وثيقة ستحافظ على السلام العالمي. اما الواقع فكان مغايرا: الخضوع وسياسة المصالحة البريطانية وحلفائها في الغرب، مثلما وجدت تعبيرها في اتفق ميونخ، زادت فقط شهية هتلر.

قبل اربعين سنة، في الايام اياها، ظهرت بعد ربط عناصر اللوحة الفسيفسائية التي جاءت من مصادر مختلفة صورة استخبارية واضحة جدا عن الحرب. ولكن رغم أن الاستعدادات الحربية التي قامت بها مصر وسوريا كانت واضحة، فضل القادة في اسرائيل، بسبب سكر القوة، الغرور أو الرغبة الشديدة في الامتناع عن الحرب، اغماض العيون. و "فاجأتنا" مصر وسوريا وحتى اليوم في كل يوم غفران تندم اسرائيل وتسأل كيف حصل الامر.

حين عاد تشمبرلين من ميونخ الى بريطانيا واستقبل بالهتاف، حذر ونستون تشرتشل الذي كان خصمه السياسي وخلفه لاحقا، وأطلق عبارته الشهيرة "كان يمكن لبريطانيا أن تختار بين العار والحرب. وقد اختارت العار وستحظى بالحرب". اما نحن، كمواطنين اسرائيليين، فلا يتبقى لنا غير الامل في أن يكون الامريكيون محقين في الطريقة التي يقودوننا فيها والا نضطر بعد أربعين سنة لنسأل أنفسنا كيف لم نرَ ما كان مكتوبا على الحائط، وكيف حصل أننا حظينا بحرب اخرى. كله الا يوم غفران آخر.