خبر الوعي الذي يجعل القدس قبيحة- هآرتس

الساعة 10:16 ص|16 سبتمبر 2013

الوعي الذي يجعل القدس قبيحة- هآرتس

بقلم: البروفيسورالحنان راينر

يحاضر في قسم تاريخ شعب اسرائيل في جامعة تل ابيب

(المضمون: يحاول اليهود القوميون المتدينون في القدس أن يشوشوا على واقع جديد في القدس يعيش فيه اليهود والعرب معا في تعايش وسلام - المصدر).

إن منظر القدس من "المتنزه" المتعوج على سفوح جبل المشورة السوء بين أبو طور وجبل المكبر هو من أجمل المناظر التي يمكن أن تعرضها مدينة. إن المدينة القديمة المنبسطة في حضن المنحدر الآخر – قبة الصخرة وكنيسة القيامة، وأبراج الكنائس ومآذن المساجد ومنحدر الحي اليهودي الذي يصل الى سور جبل الهيكل عند ظاهر الحائط الغربي، والمدينة الجديدة من جهة وجبل الزيتون من جهة اخرى – لا يوجد ما يماثلها. ويصل الى المتنزه الكبير الذي تشقه الطرق والذي يقطعه المتنزه نفسه ناس من جميع الجماعات في القدس ولا سيما اولئك الذين يعيشون حياتهم حوله، وسيّان في ذلك اليهود والعرب. ويختلط سكان المكان وضيوفه بعضهم ببعض دون أن يعلموا أن ذلك "تعايش"، فهم هناك ببساطة يعيشون بعضهم الى جانب بعض دون أن يخطر ذلك ببالهم ودون أن يشوش بعضهم على بعض. وليست تلك حياة مثالية بل هي واقع يومي ذو سقف توتر عالٍ نسبيا يُمكّن المركبات الأساسية للواقع المقدسي من أن توجد بعضها الى جانب بعض عن معرفة لحدود الواقع.

على مبعدة كيلومترات معدودة من هناك، في قلب القدس الغربية بالقرب من مبنى الاكاديمية الاسرائيلية للعلوم، وبالقرب من معهد فان لير غير بعيد عن بيت الرئيس، وعلى مبعدة لمسة عن مسرح القدس، نُصب منذ بضعة أيام، وهي أيام ما قبل الانتخابات، لافتة اعلان كبيرة صارخة تقول ما يلي: "هل الوضع مخيف في المتنزهات؟ نحتاج الى..."، وتحت هذه الكتابة الواعدة بالخير فقط تظهر صورة الوعد نفسها وهي صورة تكاد تكون مقولبة لنشيط متدين قومي متوسط العمر ليس مُعرفا حقا حتى الآن. وعلى حسب التأليف بين صورته في الاعلان وبين مضمونه وأسلوبه يمكن أن نفرض وجود صلة له بمجموعات المستوطنين المقدسية التي تعمل في قلب التجمعات السكنية الفلسطينية في المدينة من مستوطني سلوان حيث بدأ هناك كل شيء كما تعلمون الى غُزاة الشيخ جراح والحي الاسلامي ومشارف جبل الزيتون من مُخلصي الاراضي على اختلافهم الذين يزحزحون على الدوام مواطني القدس الفلسطينيين عن اماكنهم ويُسكنون في اماكنهم مستوطنين شباب مصممين يشاركون مشاركة فاعلة في مشروع سلب السكان العرب المقدسيين أماكنهم.

الى من قصد اذا ذلك النشيط المستوطن بادي الرأي باعلان "هل تخافون في المتنزه"؟، يبدو أنه لم يقصد حماية الشباب من شرقي المدينة من المعتدين المقدسيين الذين يتعرضون لهم مرة بعد اخرى في الشوارع والحدائق في غربي القدس؛ ولم يقصد ايضا من قاموا بعمل التنكيل ذاك أو من بصقوا في وجوه كهنة عرضوا لهم في طريقهم. فهؤلاء في الحقيقة مُحتاجون الى الحماية الشديدة من رجل حياة عامة نزيه لم يوجد الى الآن. يبدو أن الواقع الذي يقلقه على الخصوص هو ذاك الذي وُصف في بداية هذا الكلام. فهو يرى أن الشواهد على نشوء واقع مشترك في المستقبل هي مهددة بقدر كاف للخروج الى الشارع باعلان الانتخابات المذكور ذاك وبسلسلة اعلانات بنفس الطريقة وهي الطريقة التي اختار أن يبدأ بها حياته السياسية. فهذه الشواهد، مهما تكن ضعيفة تهدد النظام

الجديد الذي يُحدثه نشاط المستوطنين في القدس، ويوجد منهم من سيفعلون الكثير كي لا يوجد، كما يشهد على ذلك الاعلان المذكور.

يبدو الى هذه اللحظة وكأن الشارع المقدسي يتجاوز ظهور هذا الاعلان وغيره مما قد يكون اسوأ منه كذاك الذي نال عنوان "كوكو ريكو مؤذن؟"، وإن التقارب الذي يثير الشعور الفظيع بين تلك الاعلانات وأشباهها في الفضاء العام في المانيا في ثلاثينيات القرن الماضي لم تصبح ضوء تحذير أو حاجزا ينبغي ألا يتم تجاوزه ممن فعل ذلك بيقين ومن السكان اليهود للمدينة المتعددة الشعوب والثقافات والاعتقادات والآراء هذه الذين لم يلفظوا لافتات التحريض هذه. إن التشابه المكرر بين أنشطة القوميين الاسرائيليين في القدس موجهة على مواطنيها العرب وأنشطة تلك المنظمات آنذاك وهناك لم يصبح ضوءً أحمر منذ زمن. وكأن استيعاب الرسائل العنصرية السافرة من الجمهور اليهودي في القدس أمر غير مهم وكأن المس بسكان المدينة العرب لا يعني أحدا من سكانها الآخرين، وكأن الحفاظ على احتمال انشاء واقع مشترك في القدس ليس مصلحة لكل واحد منا.