خبر المخرج الأفضل- معاريف

الساعة 10:41 ص|15 سبتمبر 2013

بقلم: عمير ربابورت

المسيرة التي في اطارها تحولت النية الامريكية للهجوم على سوريا الى مفاوضات على تسوية تضمن كما يبدو استمرار حكم بشار الاسد صعب جدا فهمها من زاوية نظر اسرائيلية. ومحادثات مع اصحاب القرار ومحافل اسرائيلية، جرت في الاسابيع الاخيرة في واشنطن وفي لندن، تضيء الصورة بشكل اوضح.

في السطر الاخير يبدو هذا على النحو التالي: براك اوباما اعتزم حقا الهجوم على سوريا (كل الاستعدادات والتنسيقات مع محافل في اسرائيل وفي بريطانيا جرت تمهيدا للهجوم). وقد بدت هذه كخطوة عسكرية سهلة حتى اكثر من الهجوم الجوي الذي قام به حلف الناتو وصفى حاكم ليبيا معمر القذافي قبل نحو سنتين فقط. غير أنه في  الطريق من الاحاديث في البيت الابيض الى التنفيذ من حاملات الطائرات بدا أن شيئا ما تغير.

الامر الاول الذي تغير هو الموقف الروسي. فقد شعرت روسيا مخدوعة من خطوة حلف الناتو ضد القذافي وقررت منذ زمني بعيد بانها لن تسمح بمزيد من الخطوات احادية الجانب من العالم الغربي تغير أنظمة الحكم. وفضلا عن ذلك، فان للرئيس الروسي فلاديمير بوتين مصلحة هائلة في الاظهار بانه يقف الى جانب مرعي له كالاسد خلافا لاوباما الذي القى بالرئيس المصري حسني مبارك الى الكلاب واليوم ايضا لا يقف مائة في المائة خلف النظام العسكري المصري الذي يحاول الاعتماد عليه.

في السنتين الماضيتين منذ تصفية القذافي وروسيا توجد في عملية تعاظم اقتصادي وتصاعد في نفوذها السياسي في العالم. مقارنة بها، فان الولايات المتحدة وبريطانيا ايضا توجدان في حالة هبوط. ولا تخجل محافل امريكية من الاعتراف من أنه يتزايد جدا الميل الامريكي الانعزال التقليدي الذي بموجبه ينبغي ان ينظر الى التطورات خلف المحيط كمواضيع "ليست من شأننا".  فصدمة العراق وافغانستان لاذعة. والجدال السياسي شال. وفي بريطانيا أيضا انشغلت العناوين الرئيسة حتى في الاسبوع الماضي في التحقيقات في الاخفاق الذي جر الجيش البريطاني الى العراق والى افغانستان اكثر مما في حماسة اي قتال حيال نظام الاسد. والحجج مع العمل في سوريا تستقبل بعدم ثقة. والعلاقات بين محافل في جهاز الامن الاسرائيلي ونظرائهم في بريطانيا وفي الولايات المتحدة متميزة اليوم أكثر من أي وقت مضى، وفي احاديث لغير الاقتباس يبدو قدر من الحسد لاسرائيل التي تعرف ظاهرا كيف تقبل من خلف خطوطها الحمراء (في الولايات المتحدة وفي بريطانيا يتعاطون كحقيقة ناجزة مع التقارير في وسائل الاعلام العالمية التي تتحدث عن أن اسرائيل هاجمة في سوريا منذ بداية 2013 أربع مرات على الاقل كي تصفي ارساليات سلاح ذات مغزى استراتيجي).

في هذا الواقع فان الحرب حول الهجوم في سوريا تجري حتى الان في الرأي العام، ولا سيما في الولايات المتحدة. وهاجم اوباما هناك المرة تلو الاخرى ولكن بوتين ايضا، الذي حتى كتب مقالا خاصا لـ "نيويورك تايمز" في نهاية الاسبوع، وكذا الاسد، الذي وقف في كلمة تلفزيونية نادرة.

في ضوء كل هذا، فان التسوية التي يتحدثون عنها الان هي المخرج الافضل لكل الاطراف. بقوة، هذه تسوية جيدة لروسيا: فهي تثبت مكانتها كقوة عظمى شبه مساوية الوزن مع الولايات المتحدة. من الان فصاعدا مضمون انه لن تتم اي خطوة عالمية في سوريا دون إذن الروس. كما أن التسوية تمنع امكانية ان تهاجم الولايات المتحدة سوريا مع ذلك، وهكذا تهزأ من منظومة الدفاع التي زودت روسيا سوريا بها.

           اوباما هو الاخر يمكنه أن يكتفي بتسوية: فمن جهة، امتنع عن التورط وعن عملية ضد رأيه العام. من جهة اخرى، بات يدعي منذ الان بان التهديد الملموس بالهجوم سيؤدي الى نزع السلاح الكيميائي من سوريا، بالتسوية.

           وماذا في اسرائيل؟ التقديرات في اسرائيل عشية يوم الغفران كانت ان نزع السلاح غير التقليدي من سوريا هو انجاز عظيم، اذا ما تحقق بالفعل. في الجانب المتفائل يمكن ان نرى بان تهديدا حقيقيا للهجوم يمكن أن يؤدي الى نتائج ، ولعل الامر سيؤدي الى نتائج في المستقبل ايضا في ايران.

           ويقدر الاقل تفاؤلا بان السلوك الامريكي برمته يبث ضعفا فيشجع فقط ايران على مواصلة برنامجها النووي، انطلاقا من الافتراض بان الولايات المتحدة ستجد دوما المبرر لعدم الهجوم. وبالنسبة لمستقبل سوريا ايضا فان التقديرات هي متشائمة للغاية: فمع كل الاحترام للاسد، فانه لا يحتفظ الان الا بنحو 40 في المائة من الاراضي السورية. والتقديرات هي ان الحساب الدموي بين الجهات المختلفة في سوريا هائلة ولهذا فان الحرب الاهلية هناك ستستمر بهذا الشكل او ذاك حتى لو دخلت التسوية لحل النزاع الكيميائي حيز التنفيذ.