خبر أوسلو والسياسة والاعلام !!.. عماد الأفرنجي

الساعة 06:37 ص|15 سبتمبر 2013

عندما قفز اتفاق أوسلو إلى المشهد السياسي فجأة صورته لنا القيادة المتنفذة بمنظمة التحرير على أنه بداية الطريق إلى الدولة الفلسطينية فإذ به الطريق الى الهاوية والصراع الداخلي .

 

الخاسر المستمر من أوسلو هو الشعب ، أما السلطة وجنرالاتها فقد استفادوا كثيرا من الامتيازات والرتب و الرواتب والأموال ، واتضح بما لا يدع مجالا للشك ان الاتفاق يمثل مشروعا أمنيا بتمويل أجنبي بامتياز ليتحول الشعب برمته الى رهينة للمال السياسي لا يظهر في الأفق القريب أنه قادر على الخلاص منه .

 

منذ انخراطنا في أوسلو والمشروع الوطني في تراجع ، وجرى توظيف الاعلام الفلسطيني المطبل للقيادة المتنفذة ومعه الاعلام العربي المدجن لتسويق أوسلو  للرأي العام الفلسطيني والعربي على أنه ولادة الدولة الفلسطينية ، وكأن الدولة تولد قبل تحرير الأرض !!.

 

قام الاعلام بالمبالغة في ترويج محاسن الاتفاق وتوجيه الاتهامات المختلفة لمن يعارضوه ، وتلجأ عادة السلطة الحاكمة الى تغيير المصطلحات لتزييف الوعي وبيع الوهم على المواطن المثقل بالهموم ( السلطة الوطنية الفلسطينية – الرئيس – رئيس الحكومة – الوزير ) ، ومعروف اعلاميا ان توظيف المصطلحات يتم صناعتها للتأثير على الصورة الذهنية للعمل السياسي .

انساق الاعلام الفلسطيني وبعضه لا زال غارقا في المشهد حتى الآن دون أن يصارح الناس بالحقيقة ، بل لا يستطيع أن يناقش قضية المفاوضات الجارية وما لها وما عليها سوى ما يمليه عليه النظام السياسي ضمن مفهوم الدعاية السياسية .

ومع كثرة الضخ الاعلامي للمواقف و المصطلحات والدعاية السياسية يصاب الانسان أشبه بعملية غسيل المخ والتأثير على اتجاهات الرأي العام ، ويصبح الفلسطيني تائها حائرا عن الحقيقة فمثلا هل ساحل فلسطين يمتد من رفح الى بيت لاهيا كما يريد أوسلو أم هو من رفح الى رأس الناقورة كما يعرفها تاريخيا ؟ وهل التنسيق الأمني مع العدو المحتل عمل وطني أم جريمة منكرة ؟ وهل وهل ؟!!.

مهندسو أوسلو هم أنفسهم الذين يتحكمون بمصير الشعب الفلسطيني الآن تحت عناوين مختلفة غير مقنعة ، ودخلوا نفقا جديدا للمفاوضات متنازلين عن شروط وضعوها لأنفسهم   في توقيت بالغ السوء ،فالحراك الشعبي ضعيف والعمق العربي متصارع والمقاومة ملاحقة في الضفة ومحاصرة في غزة ، والكيان الاسرائيلي يستغل غطاء المفاوضات ويتغول في التوسع الاستيطاني وتهويد القدس وتقسيم الأقصى ومصادرة الارض واذلال الأسرى وتجاوز قضية اللاجئين ناهيك عن القتل والاعتقال ، فماذا ننتظر غير أوسلو جديد؟!! .

من حق شعبنا الذي غيبه فريق أوسلو عن الحقيقة أن يعرف ما الذي يجري في أروقة المفاوضات ، ومن قال لكم أنه يريد مفاوضات لم تأت له بخير، والاحتلال يرفض حتى وجود الوسيط الامريكي المنحاز شاهدا على المفاوضات .

على السياسيين أن يكونوا صريحين مع شعبهم ، فما يضيركم اذا اعترفتم أن المفاوضات –لاسيما في ظل اختلال موازين القوى- ستكون لصالح الاحتلال ، وأن مشروعكم بالحصول على الأرض و الدولة عبر التفاوض فشل ، وأعلنتم استقالتكم وسلمتم الراية للأجيال القادمة .

 

واذا يمكن للناس أن تتفهم الضغط الذي قد يتعرض له السياسي خوض مفاوضات أو حتى القبول بتسوية ما ، فانها لا تقبله من الاعلامي و المثقف الذي واجب عليه توضيح الموقف بجلاء والتنبيه والتحذير وتسمية الأمور بمسمياتها  لا أن يكون بوقا للسياسي على حساب الوطن والحقوق والثوابت.

 

إننا بحاجة الى لحظة حقيقة لنواجه أنفسنا حول مسيرة 20 عاما من أوسلو واعادة بناء المجتمع وتنظيم قواه وثقافته واقتصاده وتوفر ارادة بالمقاومة بكل أشكالها لا كما قال سلام فياض يوما ( إن أكثر ما أضر بالقضية الفلسطينية .. الكفاح المسلح ) ، وعذرا للشهداء والجرحى والأسرى فقد صفق للقائل السياسي والاعلامي وغيرهم !!