تقرير عندما يُلعن « الياسين » ويُقذف « عرفات » بالخيانة ..!

الساعة 06:24 م|12 سبتمبر 2013

غزة (تقرير خاص)

 لم تشفع لعرفات "كوفيته"، التي أضحت مدرسة تُخرجُ "الفدائيين" ومنهاج يدرس للأحرار في بلدان العالم أن تحميه من السنة بعض الكتاب والمحللين الذين وصموه "بالخائن المنحرف"، بل وطالب الكاتب الحمامي بوضع تمثال لعرفات في قلب "تل أبيب"، لم تمر الساعات حتى وصف أحد الإعلاميين المصريين الشيخ الرمز "الياسين" الذي مزَقت صواريخ الاباتشي "الاسرائيلية" جسده الطاهر وحولته إلى "فتات" بأنه "عميل إسرائيل" .. !!

قذف "عرفات بالخيانة" و"الياسين بالعمالة" استفزت وأثارت ردود فعل غاضبة على الصعيدين العربي والمحلي الفلسطيني؛ وذلك لاعتبارهما رمزين أساسيين من رموز القضية الفلسطينية؛ واحتسابهما أنهما قضوا نحبهما على يد "الغدر الصهيونية الغاشمة" بعد جهاد طويل، وكفاح عميق، لأجل الأرض المقدسة والإنسان الفلسطيني، مع اختلاف الإيديولوجيات والمبادئ في تحريرهما.

سياسيون وكتاب استهجنوا تلك الحالة الهجومية التي طالت جهاد الرجلين ومستْ في كفاحهم، بل وتخطت ذلك الى النيل من وطنيتهم، واصفين تلك الصورة الهجومية بـ"الغير لائقة" والغير أخلاقية وتذكي الفتنة في أوساط الشعب الفلسطيني وتعطي فرصة للمتطاولين للهجوم على المقاوم والمكافح الفلسطيني، علاوة على شماتة قاتل الرجلين الذي نال بقذفهم والتشهير بهم "مدح لا يوصف".

 

غير مقبول

الكاتب هاني حبيب يرى أن التهجم على الرموز الوطنية للقضية الفلسطينية من أية جهة أو أيديولوجية مخالفة لها "غير مقبول" ويتنافى مع المعايير الأخلاقية والوطنية، وأن اللمز بهم يمثل تجريحاً واضحاً للقضية والكل الفلسطيني، لما تمثله تلك الرموز من معاني للقضية.

وأوضح الكاتب حبيب أن التباين في الإيديولوجيات حالة وطنية "صحية" تمنح المجتمع والقضية ألوان شتى من الكفاح وتمدها بروافد الوسائل التحررية المتعددة وتمنح الحركة الثورية نشاط "أبديا"، شريطة احترام كل صاحب فكر لفكر الآخر وليس الانتقاص من كفاحه أو الاستهزاء بوسائلهم الإيديولوجية التحررية،  "وتصحيح الايديولجية  الاخرى ونقدها يجب أن يكون عبر النقد البناء الخالي من لغة "التخوين، والاتهام الغير مثبت، والتجريح المتعمد، والقذف الغير مبرر".

وقال حبيب :"هناك بعض الشخصيات فهمت خطئاً أن حرية الرأي تعني السب والقذف والشتم، لكن ذلك بواد والحرية بواد آخر، لان الحرية تعني أيضاً حفظ حرية الآخرين، لا الانتقاص من شأنهم، ولابد من النقد بصورة وطنية بناءة".

وأضاف الكاتب:"من غير المعقول القبول بمبدأ السب والشتم فهو محرم في لغة الأحرار والشرفاء والكفاح الوطني، وتلك اللغة التخوينية أول ما تضر تضر بصاحبها، علاوة على إضرارها بالقضية المركزية التي مات من اجلها أبو عمار واحمد ياسين، لذلك يجب أن نكون دقيقين عندما نتكلم عن من مدَ القضية الفلسطينية بدمه عند رسم معالمها".

ولم يخف حبيب شماتة الجانب الإسرائيلي وارتياحه للغة الكراهية التي تفوح من بعض الألسنة، داعياً إلى ضرورة التنبه لخطورة تلك اللغة لإضرارها بالذات الوطنية، وتأثيراتها على الحالة الأمنية في المناطق التي تنشا فيها اللغة "لغة كراهية تذكي الفرقة وأعمال العنف في بلادنا".


ماذا تبقى لنا؟!

أما الكاتب السياسي طلال عوكل فاستغرب من اشتداد لغة التخوين والتحقير والتقزيم بين المجتمع الفلسطيني وخاصة من بعض الكتاب وقذفهم للرموز الوطنية، "لغة غير موضوعية لأنها غير مبينة على حقائق، لغة التخوين ليس لغة حوار، وعلينا أن نجنب ساحتنا الفلسطينية مزيداً من التشوهات الفكرية والكلامية".

وأوضح الكاتب عوكل أن المجتمعات الديمقراطية تعج بالإيديولوجيات المتباينة؛ لكن "تكون عندهم لغة الحوار المبنية على الحجة، ويحترموا رموزهم الوطنية أكثر منا، على الرغم أن لدينا روابط وطنية أكبر من التي تجمعهم ونقاط تلاقي أوسع وأعمق وأكبر من أي شعب بالعالم اقلها العدو الأوحد للشعب الفلسطيني، فماذا تبقى لنا عندما نهاجم القائد عرفات والشيخ ياسين والمفكر الشقاقي والحكيم حبش، تلك رموزنا وعلينا حمايتها من السنتنا".

وأشار أنه من غير المعقول الاستمرار بالتهجم اللفظي على "الرموز الوطنية"، لافتاً أن تلك اللغة المنبوذة لا تخدم سوى الاحتلال الإسرائيلي، وتعمل على تشويه صورة النضال الفلسطيني، وتمنح تصريحاً واضحاً للنيل من مقدراتنا ورموزنا الوطنية.


"التخوين" لغة ساقطة من القاموس الوطني

 أما عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية جميل مزهر فأكد أنه من غير المسموح القبول بتوتير الساحة الفلسطينية والتعريض واللمز بالقيادات التي تسير على خطاها جماهير عريضة واستطاعت رسم ملامح فلسطين الأصيلة، مؤكداً أن لغة التخوين والتكفير" لغة ساقطة ولا تنم عن الحس الوطني لدى مستخدميها".

وقال القيادي مزهر :"ما نحتاجه اليوم على الساحة الفلسطينية هو لغة التحابب والتقارب والتصالح، ولسنا بحاجة إلى مهاترات سياسية، ونقاشات فارغة، ولغة تزيد قبح الانقسام الفلسطيني في الساحة الوطنية".

وأضاف :"علينا إشاعة مناخات الحب لإتمام المصالحة، إشاعة مصطلحات الإخوة في وقت الفرقة، الابتعاد اللازم عن كل ما يذكي انقسامنا ويزيدنا فرقة".

وأشار مزهر أن لغة الخطاب الأخيرة أعطت إشارة طمأنينة للاحتلال الإسرائيلي أن المصالحة بعيدة عن "أسنان الفلسطينيين" في ظل الخطابات المشبوهة، لافتاً أنه من الضروري توظيف بلغتنا وقوتها، وتصريحاتنا وهجوميتها، إلى وجه الكيان الصهيوني الذي بات يفترس الكل الفلسطيني.


تجريح للقضية

 كما واستنكر القيادي في حركة فتح وعضو لجنتها المركزية عبدالله عبدالله تهجم احد الإعلاميين المصريين على شخص "احمد ياسين" ووصفه بـ"عميل إسرائيل"، كما واستنكر لغة الخطاب التي تحدث بها الكاتب الحمامي في حق الرئيس الراحل "عرفات".

وبين أن اللمز بالذات الوطنية والقيادية للشعب الفلسطيني هو "تجريح واضح للقضية الفلسطينية ولغة خطاب هابطة"، لا تمثل أبناء القضية الواحدة، قائلاً "ليس بيننا خائن ولا عميل، جميع من قضوا نحبهم لأجل تلك الأرض وزيتونها وقدسها وكنائسها شرفاء بلا منازع، والأرض والسلاح شاهد على عفتهم وشرفهم ووطنيتهم".

وأوضح القيادي عبدالله أن مصطلحات التخوين تؤذي الجمهور العالمي وليس الفلسطيني، لإقتدائه بالذات الوطنية الفلسطينية ورموزها المعروفة والتي أصبحت رمز للحرية والنضال للكفاح، أنه يجب علينا احترام الإيديولوجيات وإستراتيجيها في تحرير القضية من مخالب المحتل الإسرائيلي "التباين الإستراتيجي من شانه إنتاج الأفضل ويجعل المنافسة أكبر في تحقيق مبتغانا الوطني والإسلامي وهو تحرير فلسطين".

وأختتم القيادي عبدالله حديثه قائلاً :"المرحلة الحالية لا تتسع ولا تتحمل أن يخون احد منا الآخر، وعلينا أن ننتقد الآخرين بحذر وبأدب، وعلى الطرف الآخر أن يتسع صدره للنقد، كما اتسعت صدور قادتنا عندما نالت منها رصاصات الحقد الإسرائيلي، وضرورة أن نجند تلك اللغة تجاه العدو الأوحد للشعب عامة".


إلا "عرفات"

بدوره قال د. فوزي برهوم الناطق الرسمي باسم "حماس" عقب التهجم على شخص عرفات:"لا اتفق مع كل مصطلحات التخوين والتكفير وتحديدا بين الفرقاء من أبناء شعبنا مهما اختلفوا فيما بينهم، ومهما حصل بينهم".

"وتحديدا إذا كان الأمر متعلق برمز من رموز الشعب الفلسطيني الأخ القائد الشهيد ياسر عرفات (أبو عمار) الذي عاش واستشهد من أجل فلسطين"، دون برهوم تلك الكلمات على حسابه الشخصي على موقع فيس بوك.

وأختتم برهوم تدوينته الشخصية، كاتباً :"لو أن عرفات لم يفعل شيء لفلسطين سوى أنه رفض التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد بخصوص القدس حيث دفع ثمن هذا الموقف حياته لكفى ..!!ناهيكم على نضالاته وحصاره في المقاطعة حتى الاستشهاد".