خبر ايران أمامك -هآرتس

الساعة 08:35 ص|12 سبتمبر 2013

بقلم: آري شبيط

 (المضمون: الجمع بين التهديد العسكري الامريكي الصادق والمبادرة السياسية الروسية يمكنه أن يحل الازمة السورية ويمكنه بعد ذلك أن يواجه المعضلة الايرانية التي هي أصعب بأضعاف - المصدر).

ما الذي حدث اذا؟ إنها معضلة تتحدى التفكير وتمزق القلب. فمن جهة كانت واقعة لم يحدث مثلها منذ سنوات طويلة وهي هجوم كيميائي على مدنيين وقتل نحو من 1400 من النساء والاولاد والرجال بسلاح ابادة جماعية. وهو فعل وحشي ضعضع القانون الدولي والنظام الدولي وأحدث سابقة قد يجعل تجاهلها العالم غابة غير تقليدية. ومن جهة اخرى الخطر الكامن في أن كل هجوم عسكري على سوريا سيكون هجوما هو الأول من نوعه على دولة تملك مخزونا ضخما من السلاح الكيميائي. إن الحقيقة هي أن ضرب بشار الاسد قد يفضي الى أن يقع السارين والخردل والـ في.إكس في يد نوع من أنواع القاعدة. ونعلم أنه لا نعلم ماذا ستكون نتائج اطلاق صواريخ توما هوك على نظام شرير ما تترصده قوات شريرة اخرى.

  إن اليسار البعيد هو الذي لم يواجه هذه المعضلة قط. ففي الاسابيع الثلاثة التي مرت منذ أن نفذ حاكم عربي جريمة حرب سافرة في مواطنين عرب، صمت اصدقاء العرب في البلاد وفي العالم. فلم يشعر ولم يعبر اولئك الامريكيون والاوروبيون والاسرائيليون الذين يتسلطون على الغضب الاخلاقي عن أي غضب اخلاقي في مواجهة الصور الفظيعة التي جاءت من دمشق. ولم يطلب اولئك الاشخاص الذين طلبوا في الماضي أن يُرسل ضباط الجيش الاسرائيلي الى لاهاي بسبب الاحتلال أن يُرسل الطاغية السوري الآن الى لاهاي بسبب المذبحة الكيميائية. فقد ساد صمت مُثقل معسكر المتنورين. ويرى اليسار البعيد أن الدول الغربية واليهودية فقط لا يجوز لها أن تستعمل القوة، أما الدول غير الغربية وغير اليهودية فيجوز لها بيقين أن تستعمل القوة. ويرى اليسار المتطرف وغير الاخلاقي أن دم العرب الذين يقتلهم عرب مُباح.

 إن الذين يُسارعون الى الحروب ايضا هم الذين لم يواجهوا المعضلة ألبتة. إن عملية عقاب موجهة على قوة سارين هي عمل لم يسبقه مثيل وخطير توجد طريقتان موزونتان فقط لتنفيذه. الاولى: عملية محدودة هي احباط مُركز يوجه شخصيا الى الضباط الذين استعملوا سلاحا كيميائيا كي يروا ويُروا. والثانية هي قبول اقتراح يوآف غالنت وقيادة مسار طويل وعميق يفضي الى استبدال سنيين معتدلين بالاسد. لكن الذين يُسارعون الى الحروب في واشنطن وباريس وتل ابيب مالوا الى عدم استيعاب الأخطار الكامنة في الوضع السوري. وسلكوا سلوك من لا يفهمون الى أي حد قد يفضي الاجراء الذي يؤيدونه الى نتائج مفاجئة، وكما تجاهل اليسار البعيد بالضبط جانبا من جوانب المعضلة، تجاهل القتاليون الجانب الثاني. إن الغضب الاخلاقي الحق الذي شعروا به والمسؤولية الاستراتيجية العامة التي أظهروها جعلتهم يتجاهلون الخطر الكامن في القدرة السورية الثابتة على تنفيذ إبادة جماعية.

  الصحيح الى الآن أن الامور انتهت الى نهاية حسنة، فبرغم تردد الرئيس اوباما أدرك آخر الأمر التحدي الذي يواجهه. وبرغم هزل الرئيس بوتين وضع على الطاولة اقتراحا ممتازا فأحدث التأليف بين ضغط عسكري امريكي وإبداع سياسي روسي خطة صحيحة للحل، فهل تُحقق؟ أشك كثيرا. لكن المجتمع الدولي صاغ بعد اسابيع من الاختلاط المُحيّر فكرة لا تستجيب للانهزاميين ولا تستجيب للقتاليين بل تواجه تعقيد الازمة السورية وقابليتها للتفجر.

  إن سوريا ليست من ورائنا حتى الآن، ولسنا نعلم ماذا سيحدث في دمشق وماذا سيحدث في واشنطن وماذا سيحدث في الامم المتحدة. لكن ايران هي التي تقف أمامنا، فاذا تعلم اوباما وبوتين والمجتمع الدولي الدرس من مواجهة الشيطان السوري الأصغر، فانهم يستطيعون مواجهة الشيطان الايراني الأكبر ايضا. لكن يُحتاج لأجل ذلك أن يكف بوتين عن التحدي ويجب على اوباما أن يسلك سلوك كنيدي لا كارتر لأن الجمع فقط بين الضغط العسكري والمبادرة السياسية يمكن أن يجعل خامنئي يتخلى عن حلم سلاح الابادة الجماعية. ومهما تكن المعضلة السورية صعبة فان المعضلة الايرانية أصعب بأضعاف، فمن الواجب مواجهة هذين الجانبين بصورة خلاقة وشجاعة وموزونة.