قائمة الموقع

بالصور في غزة: البحر يروي قصص الشقاء

2013-09-10T06:24:35+03:00
غزة (خـاص)

رائحة البحر ليست وحدها، بل ترافقها رائحة معاناة مجموعة من الصيادين الذين جلسوا على شاطئه يشكون له حالهم، ويرمون أمام أمواجه المتلاطمة همومهم، ويروون قصصاً من معاناتهم، التي يتكبدوها في هذه الشاقة للحصول على لقمة عيشهم التي باتت مغمسة بالشقاء والألم والتعب.

فميناء غزة – وهو مكان مخصص لتجمع عشرات الصيادين- يروي قصصاً لمعاناة الصيادين وفقر حالهم وسوء أوضاعهم نظراً لتعرضهم للكثير من المضايقات والصعوبات التي تنغص عليهم عيشهم، وتجعل من الصيد مهنة "الأشغال الشاقة".

فعلى شواطئ غزة، يرسى صيادون غزة قواربهم للصيد، ويرمون بشباكهم في البحر أملاً في أن تمتلأ بها الأسماك لبيعها في أسواق غزة المحلية للحصول على لقمة العيش وتلبية احتياجاتهم، إلا أن مضايقات الاحتلال وإطلاق النار صوبهم واعتقالهم، فضلاً عن أزمة الوقود الحالية تبدد أحلام عشرات الصيادين.

طالب بكر الرجل الخمسينيّ، بلحيته البيضاء والشيب الذي غزا رأسه، يعمل صيادًا منذ أن كان في الثالثة عشر من عمره، تعلم المهنة على يد أجداده قبل أبيه، يخرج من بيته بعد آذان الفجر كل صباح ويعود الساعة السادسة مساءً، يصف الوضع الاقتصادي لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية": الوضع صعب، والحياة ليست حياة، ها نحن منذ أيام عدة لم نصطد شيئًا بسبب غلاء سعر لتر البنزين وأزمة الوقود التي يعيشها قطاع غزة حاليًا".

هذا الرجل يعول 17 فردًا فضلًا عن هموم أخيه الذي أُصيب بفخذه جراء إطلاق النار عليه من الجانب الصهيونيّ، كما صُودرت حسكته علمًا بأن الحسكة تكلف 1800 دولار، وقد بلغ عدد المراكب التي صُودرت منذ نهاية الحرب الأخيرة على غزة مائة مركب.

صعوبات جمّة تُلاحق الصيادين، وأزمات تحاصرهم من اتجاهات عدة، حيث يقول بكر: "نحن محاصرون من كل الاتجاهات، والاعتقال غدا شبه يومي سواء من الاحتلال الصهيوني أو الجيش المصري".

ويتابع قوله:"هذا الوقت هو موسم الصيد فبعد أيام عديدة سنمر بـ"عتمة تشرين".

يُشار، إلى أن "عتمة تشرين" هي بالنسبة للصيادين وقت ذروة الصيد وازدياد الأسماك في تشرين أول وتشرين ثاني.

وهنا يعرب بكر عن مدى حزنه ومعاناته بقوله: "ربما خرجت من البيت كي لا يقول لي أحد أولادي أعطني شيكل"، ليضيف "نحن نعيش حياة مع وقف التنفيذ، ولا أحد يشعر بنا".

ويضيف بكر: هذه المهنة لا تأتى بهمها، رغم ذلك متمسكون بها"، منوهاً إلى أنه يذهب ليمارس مهنته منذ بزوغ الفجر ليقود مركبته بالبحر ويرمى بشباكه، لعل الله يرزقه بحزمة من الأسماك ليبيعها ليحصل على قوت أولاده الصغار الذين ينتظرونه بالبيت عندما يعود ويداه متلألئة بلقمة العيش المغمسة بالشقاء.

وبين بكر، أن الصيادين يتعرضون لانتهاكات مستمرة من قبل قوات الاحتلال، التي تقوم بالغالب باحتجاز القوارب وسرقة ما تم صيده بحجة الصيد في مسافات ممنوعة، منوهاً إلى اعتقل لعدة مرات هو وأبنائه وأخوته وتم احتجاز شباكهم وقواربهم.

ويستمر بكر بحديثه مؤكداً أن أزمة الصيادين فى الوقت الحالي ازدادت وضيق الخناق عليهم فى ظل إغلاق المعابر وهدم الأنفاق وانقطاع السولار والبنزين حيث ارتفع سعر البنزين والسولار بشكل كبير ولا يستطيع الصيادون شرائه لأنه لا يتناسب مع امكانياتهم – حسب بكر.

وترسو قوارب بكر المحملة بحكايات الصبر والفرج من رب العالمين على ميناء غزة من دون صيد لعدم تواجد الوقود اللازم لتشغيلها.

لم يقتصر الحال على هذا، فالمسافة التي يسمح بها الاحتلال للصيد هي خمسة أميال بعد أن كانت ثلاثة عشر ميلًا قبل أسر الجندي الصهيوني جلعاد شاليط، وبعد هدنة حرب الأيام الثمانية زادت هذه المسافة إلى ستة ميل فقط، وعلى الرغم من ذلك فالاعتقالات تتكرر وإطلاق النار لا يتوقف بشكل يوميّ كما أوضح حسن أبو ريالة الذي يعمل صيادًا منذ أكثر من 30 عامًا لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية".

وحسب أبو ريالة، فيشغل مهنة الصيد في مدينة غزة أكثر من 3500 صياد، وتُشكل نسبة الصيد في الأيام المنتعشة تحت ظل استقرار اقتصادي ما يعادل 1000 بوكسة من السردين، وأما الآن فلا تتعدى 500 بوكسة، كما ويحتل قطاع الصيد نسبة كبيرة من اقتصاد غزة.

وعن المساعدات والتسهيلات التي تقدم للصيادين، قال :"ينتظر الصيادون المؤسسات الخيرية والإعانات الخارجية من قطر وتركيا وغيرهما من الدول، وكذلك نقابة الصيادين التي تساعدهم على قدر الإمكان".

أما الصياد عوض السعيدي الذي احتار فيما يقول لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، فقد امتلأت حياته بالشقاء وتكبد الديون والخسائر المالية التي لا يستطيع سدادها، فضلًا عن إعالته 75 فردًا، وإخراجه لأبنائه من المدرسة.

فوضع الصعيدي، لا يختلف كثيراً عن زملائه، فهو يعيش ظروف صعبة للغاية، اضطرته لحرمان أبنائه من التعليم، بسبب عجزه عن تأمين المستلزمات الدراسية لهم، مشيراً إلى أن أوضاع الصيد سيئة ولا تلبي احتياجات الصيادين.

وقال الصعيدي:"تعرضنا لانتهاكات مستمرة ومتلاحقة من قبل قوات لاحتلال الذين حاولوا تكراراً احتجاز القاري لكني دافعت عنه بكل ما أمتلك من قوة وصلابة فهو مصدر مهنته ولقمة عيش أولاده وعائلته الذين يعيشون تحت كنفي".

وتمنى  الصعيدى، أن يتحسن وضع الصيادين بالقطاع والحصول على لقمة العيش في ظل العيش بكرامة وإنهاء  الحصار المفروض على القطاع ويبقى في قلوب المسؤولين ورؤساء الدول ذرة رحمة واستعطاف بحال قطاع غزة والصيادين خاصة.

ويشكل الصيد حالياً من ثروة غزة لاقتصادية نسبة قليلة جداً ومتدنية وتكاد لا تذكر فهو يشكل 20% وذلك بسبب الانتهاكات المستمرة التي يتعرض لها الصيادون بالقطاع ناهيك عن عمليات الاعتقال والنهب لقوارب الصيادين المحملة بحزم الأسماك .

وتحاول  نقابة الصيادين بغزة تقديم بعض المساعدات والامكانيات للصيادين لمساعدتهم قدر الامكان، وتوفير المستلزمات الكافية لهم.

فتحت وطأة الحصار وبين أشباح الفقر والظلم والعدوان المحيطة ووسط الأوضاع غير المستتبة التي ترمي الصيادين بسهامها يبقى الإيمان بعزته وجلاله سبيلاً لهم، وترفرف معهم كلمتهم: "نموت ونحيا صيادين".

عدسة : داود ابو الكاس



















 

 
 

اخبار ذات صلة