خبر عالم جديد ونظام قديم .. إسرائيل اليوم

الساعة 09:40 ص|08 سبتمبر 2013

بقلم: بوعز بسموت

(المضمون: جاء اوباما ليصبح رئيسا بسبب تغير طرأ على العالم القديم لكن تبين له بعد ذلك أن العالم القديم ما زال موجودا وما زال فيه أخيار وأشرار - المصدر).

يعلم براك اوباما ربما أكثر من كل زعيم آخر كم يتغير عالمنا وبأي ايقاع سريع. بل إن هذا قد أسهم من جهة شخصية في قفزته السياسية الهائلة بحيث انتقل في غضون أقل من اربع سنوات من موقع سناتور ولاية إلينوي الى منصب رئيس الولايات المتحدة.

لم يعد اوباما هاويا سياسيا وهو بعيد عن أن يكون ساذجا. وهو يفهم جيدا أن العالم الجديد الذي نحيا فيه قد دفع به قدما الى البيت الابيض بل قصّر وقت الانتظار، وكان اوباما يرجو أن ينشيء العالم الجديد المخاط بحسب أبعاد جسمه نظاما جديدا ايضا يكون مناسبا لنظريته. وكان مستعدا لأن يضحي بشيء من قوة القوة العظمى كي يوجد عالم أفضل نكون فيه جميعا إخوة.

بيد أن الواقع مختلف بل هو قاسٍ. إن اوباما الذي حاول أن يتهرب من المسؤولية في اثناء "ربيع الشعوب العربي" (وخسر مصر)، يضطر اليوم الى أن يواجه في سوريا خلافا ايديولوجيا داخليا: أيما أهم لاوباما – الامتناع عن مواجهة عسكرية أم إغماض العينين والاسد يستعمل السلاح الكيميائي.

استيقظ اوباما في الوقت من الحلم الحلو الذي كان غارقا فيه وتبين له أن النظام في عالمنا الجديد هو نفس النظام القديم وأنه يوجد أخيار وأشرار. وتبين لاوباما ايضا أن لامريكا منافسات كثيرات لن تخفف عنها (روسيا والصين واندونيسيا والبرازيل والهند)، وتبين له ايضا أن روسيا هي الاتحاد السوفييتي نفسه وأن العالم العربي ايضا منقسم كما كان دائما وسيوجد في العالم دائما زعيم سادي لا يُحجم عن فعل أي شيء كي يبقى.

إن وزير الخارجية الامريكي جون كيري ايضا في هذه الايام في مسار استيقاظ يشبه ما عند رئيسه. فهو الذي عاد من فيتنام معارضا كبيرا للحرب أصبح اليوم أكبر مدافع عن الهجوم.

غير أن أكبر مشكلة لاوباما وكيري هي بالضبط ذلك العالم المتغير الذي مهد لهما الطريق الى القمة، لكنه يرفض الاصغاء إليهما وفيه دول كبريطانيا والمانيا اللتين تصدر عنهما كلمات ليست سلاما فقط.

تشير استطلاعات الرأي في العالم اشارة واضحة الى عدم رغبة سافر في تأييد أية فكرة تدخل عسكري في سوريا. وكشف استطلاع للرأي قام به معهد بحث الماني جدي تم في الولايات المتحدة وفي عشر دول من دول الاتحاد الاوروبي عن أن 75 في المائة يعارضون الهجوم. وفي الولايات المتحدة يؤيد 19 في المائة من الامريكيين فقط بحسب شبكة "إي.بي.سي" الهجوم ويوجد نفس العدد بالضبط في بريطانيا. بل إن 72 في المائة في تركيا يعارضون برغم دعم اردوغان للهجوم. وفي فرنسا يتفق 36 في المائة فقط مع أولاند الذي يؤيد اوباما. ما لنا وللاولاد الذين يموتون في سوريا، تقول استطلاعات الرأي... فليس من العجب أن ينقل اوباما في هذا الواقع حبة البطاطا الساخنة الى مجلس النواب الامريكي.

إن مسألة المسائل اليوم هي ماذا سيفعل اوباما اذا لم يوافق مجلس النواب، كما فعل البرلمان البريطاني بكامرون في الشهر الماضي، في خطوة تاريخية هي الاولى منذ القرن الثامن عشر. لا شك في أن الرئيس الامريكي خاطر مخاطرة كبيرة وذلك في الأساس بعد أن لم ينجح في أن ينشيء لنفسه تحالفا حتى لو كان يوجد تأييد اسلامي مهم له من العربية السعودية وقطر وتركيا.

تواجه اوباما ثلاثة سيناريوهات ممكنة وهي أن يمنحه مجلس النواب ضوءً أخضر ويخرج الرئيس لعملية مع شرعية من منتخبي الشعب. والسيناريو الثاني أن يقول له الكونغرس لا وأن تنفذ الادارة هجوما يختار فيه اوباما مثل بوش في العراق "الخروج للحرب" دون "اعلان حرب". وآخر شيء يريده اوباما أن يوجد أي شبه بسلفه. لكن يوجد واقع ويوجد نظام قديم ايضا. وهناك امكان ثالث وهو أن يقول مجلس النواب لا وترجع الادارة عن أية فكرة هجوم. وهذا السيناريو هو كابوس لتراث اوباما والثقة بواشنطن والعالم بعامة. وسيسجل بوتين لنفسه انجازا أول جدي في الحرب الباردة المجددة بعد أن انتصر ريغان في الجولة السابقة، هذا فضلا عن الاحتفالات في دمشق وطهران.

"ليس الحديث عن العراق أو افغانستان بل ولا عن ليبيا أو كوسوفو. إنها لحظة ميونيخ بالنسبة إلينا"، قال كيري أمس الذي تطرق بالطبع الى اتفاقات ميونيخ التي لم تزد العالم الحر شرفا، كما في استطلاعات الرأي التي تنشر في الايام الاخيرة بالضبط.