خبر نحن لا اوباما ..هآارتس

الساعة 09:37 ص|08 سبتمبر 2013

بقلم: عوزي برعام

(المضمون: إن الجدل الدائر في المجتمع الاسرائيلي وفي اوساط اليمين لا يتعلق بشخص اوباما بمقدار تعلقه بسياسته وكونها في مصلحة اسرائيل أو في غير مصلحتها - المصدر).

يقود الرئيس براك اوباما الادارة الامريكية في ظروف سياسية سيئة. فالكثرة الديمقراطية الضيقة في مجلس الشيوخ والكثرة الجمهورية الصلبة في مجلس النواب تجعلان من الصعب عليه أن يُجيز قرارات وينفذ ما يريد.

ليس اوباما أول رئيس يضطر الى أن يتقاسم الحكم مع مجلس نواب معادٍ، فقد سبقه بيل كلينتون وكثيرون آخرون. لكن لو أنه تم الفحص عن مستوى العداوة للرئيس المكلف بوسائل علمية لوجدنا في شبه يقين أن العداوة لاوباما مميزة في تطرفها.

إن أجزاءً من الجمهور الامريكي ترى رئاسة اوباما حادثة سياسية قاسية. وما زال من الصعب على الامريكي العادي في فيرمونت أو نبراسكا أن يهضم انتخاب رئيس اسود، لأن جهازه الهضمي لم يهضم الى الآن اتساع مساواة السود في الحقوق في العقود الأخيرة. ولهذا قامت جمعيات واشخاص مختلفون حاولوا أن يضعضعوا سيرة اوباما الذاتية ومكان ولادته عن شعور بأنه من الواجب عليهم أن يُزيلوا "الوصمة" التي تصم الولايات المتحدة العظيمة نتاج انتخاب اوباما غير المناسب.

لا عجب في دولة يكون حفل الشاي فيها جزءً شرعيا من نسيجها الايديولوجي، ويحظى فيها التأليف بين التطرف الديني والشعور القومي المتشدد والمعايير "الاخلاقية" القديمة بشرعية عامة، لا عجب من العداوة الشديدة لاوباما الذي يقف مثل مرآة تهدد اعتقاداتهم.

بدأ الاختلاف في شأن اوباما في اسرائيل قبل أن يُنتخب رئيسا عندما حذر كثيرون من أنه ليس سوى براك حسين اوباما وأن اسم "حسين" هو الأهم في أسمائه. ولا يتعلق تصور المجتمع الاسرائيلي لشخصية اوباما به شخصيا بل يعبر عن اعتقادات وآراء تغلب على الجمهور الاسرائيلي. فعندنا ايضا يُرى انتخاب رئيس اسود حادثة لا داعي لها، واذا كانت توجد ذرة مسلمة في ماضيه ايضا فانه خطير وليس "رئيسا جيدا لاسرائيل".

وفي مقابل ذلك يعرض أنصار اوباما تصورا عاما مناقضا يرى أن انتخاب رئيس اسود خطوة عظيمة نحو شرعية "الآخر". ويُرى الرئيس الذي يعلن بالرغبة في تضييق الفروق الاقتصادية والذي يناضل لتنفيذ تأمين صحي للجميع، يُرى رئيسا مفضلا ومشجَعا.

لم يأت النقد من اليمين لـ "ضعف اوباما واستكانته" سوى عن تصور أن رئيس الولايات المتحدة يجب أن يؤيد مواقف يمينية نحو الداخل وصقرية نحو الخارج.

وقوي هذا النقد بعد خطبة اوباما في القاهرة في بداية ولايته. وينحصر النقد في المدة الاخيرة في أن اوباما يختار في فترة قتل وعدم استقرار في الشرق الاوسط أن يدفع قدما بتسوية بيننا وبين الفلسطينيين. ويسألون في اليمين: ما معنى العجلة؟ ألا توجد لجون كيري مشكلات أكثر إلحاحا؟ ونرى مرة اخرى أن الجدل ليس في اوباما بل في تصوراتنا العامة نحن.

إن الذي يرى أن الدفع قدما بتفاوض هو خطوة معادية لاسرائيل ويعتقد أن الوضع الراهن جيد لاسرائيل، ينتقد اوباما وكيري. لكن من يعتقد أن احراز تسوية هو مصلحة عليا لنا يُقدر اوباما بسبب برنامج عمله السياسي.

وهاج الآن الجدل في الرد الامريكي على استعمال السلاح الكيميائي في سوريا، ونحن نجُرب مرة اخرى معضلة المجتمع الاسرائيلي بين التقدير والتفكير والحذر وتجنيد الدعم وبين استعمال القوة والعمل فورا.

إن الجدل في سوريا ليس سوى معركة تمهيدية للجدل القاسي المتوقع في الرد على سعي ايران إلى القدرة الذرية. ويسألون في اليمين بعد كل شيء: "هل يقف رئيس اسود ومسلم في ماضيه ومعادٍ لنا في سريرته، معنا في لحظة الحسم؟". إن لحظة حسمهم هي لحظة حسم بنيامين نتنياهو، وليس من المؤكد أنها لحظة حسم اوباما.