خبر موسكو تلعب بالنار.. معاريف

الساعة 09:36 ص|08 سبتمبر 2013

بقلم: أمنون لورد

(المضمون: الحرب في سوريا  والنووي الايراني يوفران لبوتين فرصا تكتيكية. من غير المستبعد أن يكون هو من يحث طهران حتى الى تجاوز الحافة النووية - المصدر).

كيف قال لاعب البيسبول الاسطوري يوجي بارا؟ "هذا نهج يتكرر". السبعينيات. الثمانينيات. قد يكون هذا أسهل على اسرائيل أن تستوعبه هذه الايام، حين تكون وسائل الاعلام مليئة بالتقارير والمقالات عن حرب يوم الغفران. هذه الحرب الباردة. اسم قصير لحروب ساخنة جرت في جنوب شرق آسيا، في الشرق الاوط، في جنوب افريقيا، وتوترات في قارة اوروبا مع اجتياح سوفييتي واحد كل عقد الى بلاد بائسة ما مثل هنغاريا أو تشيكوسلوفاكيا.

اذا كان ثمة من انكشف على صورته الحقيقية فهو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ينبغي لنا أن نستوعب: فبوتين ليس فقط يرى في الازمة في سوريا فرصة للصدام مع الولايات المتحدة ولحشد محور الشر حوله؛ فحسب تسلسل الاحداث والوقاحة التي يسمح لنفسه بها، يمكن منذ الان الافتراض بانه هو الذي بادر الى الاستفزاز الفظع للهجوم الكيميائي في شرقي دمشق.

فلعبة بوتين تستوجب من اسرائيل اعادة التفكير في روسيا وفي موقفها من دولة اسرائيل وكل ما يجري في المنطقة. منذ عهد لينين وبعد ذلك في عهد ستالين كانت الاستراتيجية الروسية هي تصدير الثورة من خلال الحرب. وهذه الاستراتيجية هي من عوامل اندلاع الحرب العالمية الثانية، التي كان الشعب اليهودي هو الذي دفع فيها الثمن على الحلف بين ستالين وهتلر، والذي نضج على مدى عشر سنوات الى ان خرج الى النور في 23/آب قبل 74 سنة في اتفاق ريبنتروف – مولوتوف.

وكي لا نتعب أنفسا في كل تاريخ النزاع، يجدر بنا أن نذكر اختراع "الحقوق الشرعية" و "حق تقرير المصير" للشعب الفلسطيني. فقد طور الاتحاد السوفييتي هذا المشروع منذ 1956، وبقوة اكبر منذ نهاية الستينيات. وكان الهدف هو منع التعايش واتفاقات السلام بين اسرائيل والعرب. ووفرت هذه الاستراتيجية الكثير من الرزق للمؤرخين الاسرائيليين الجدد، الذين سعوا الى البحث في جذور النزاع واتهموا الصهيونية. حسب المدرسة السوفييتية.

المرابح التي نشأت عن "النزاع" توجد في هبوط شديد. ولكن لروسيا بوتين، الذين عادت الى سياسة القوة العظمى ما بعد الشيوعية، توفر الحرب في سوريا ومشروع النووي الايراني فرصة استراتيجية اخرى. هذه المرة ليست الحاجة الى تصدير "الثورة"، هذه المرة الامر هو مصالح القوة العظمى والسلطوية في الداخل. تاريخ مناهض لامريكا مع ظل عنصرية تجاه الرئيس الاسود للولايات المتحدة هو وصفة لتعزيز حكم بوتين. اما الاستفزاز والتضليل الاعلامي فهما أداتان جديدتان في الترسانة الروسية. هذه الادوات لم تصدأ كون الروس يحرصون على استخدامها المستمر. وليس ممكنا دوما معرفة اهداف الروس عندما يستخدمون هذه الادوات. في الولايات المتحدة يتحدثون عن أن الهجوم الكيميائي كان استفزازا يرمي الى جذب اوباما الى الشرك. مناورة مشابهة اجراها الروس عشية حرب الايام الستة عندما غذوا سوريا ومصر بالمعلومات المضللة عن حشد اسرائيل للقوات كاعداد للهجوم على سوريا. ولكن من الافضل الا ندخل الى التخمينات عن اهداف بوتين، حين لا يسعى اساسا الا في اشعال نار النزاع.

ان افعال روسيا في الماضي يجب ان تشكل تحذيرا يفيد بان ليس لحكامها كوابح. والى اي مدى هم مستعدون للسير في الاسناد الذي يمنحونه لحليفتهم الجديدة ايران؟ ويتعزز الان الحلف على خلفية التهديد الامريكي بضرب الاسد. وثمة شك أقل فاقل في أن بوتين ورجاله مستعدون لان يقبلوا ايران نووية. وفضلا عن ذلك، حسب السيناريو السوري، فقد يكونوا يدفعون بها الى تجاوز الحافة النووية. كما أن هذا الركض الايراني سيكون استفزازا خطيرا للغاية تجاه اسرائيل وتجاه الولايات المتحدة. مضمون لنا امر واحد فقط: حتى عندما ينتقل المركز الى ايران سنسمع اقوال الزيت الصافي والنقي من البابا: "استخدام العنف لم يحقق السلام ابدا" (بوتين: "شكرا، أبي"). الحرب تجلب حربا اخرى. هيا نطلب من مريم مساعدتنا (بوتين: "هذا سنفعله، يا أبانا") للرد على العنف، النزاع والحرب بقوة الحوار، المصالحة والمحبة". وبوتين يقول: "آمين".