خبر اذا ذهبت الكوليرا فسيأتي الطاعون -يديعوت

الساعة 08:58 ص|03 سبتمبر 2013

بقلم: أفيعاد كلاينبرغ

 (المضمون: إن اوباما لا يتردد في ضرب سوريا بل هو يفكر لأن البديل الذي قد يأتي اذا سقط الاسد سيكون اسوأ - المصدر).

من المنطق أن نفرض أن تهاجم الولايات المتحدة سوريا آخر الامر، وهي لن تفعل ذلك لأن الاسد يذبح أبناء شعبه، فهو يذبحهم منذ زمن بعيد ولم يتدخل الغرب. وتشهد التجربة على أنه يمكن القتل بسلاح تقليدي ايضا وأن هذا لا يهم الضحايا في الحقيقة. اذا هاجمت الولايات المتحدة فلن تفعل ذلك لأنه تم تجاوز خط احمر اخلاقي، فقد تم تجاوز هذا الخط منذ زمن. بل إنه ليس من المؤكد أن الحديث عن تهديد لـ "سلام العالم". إن السلاح الكيميائي على عكس أنواع اخرى من وسائل الابادة الجماعية كالسلاح الذري والبيولوجي ليس "كاسرا للتعادل". فله تأثير محدود ولا سيما في المدنيين. وهو من عدة جوانب أقل فاعلية من القنابل الحارقة التي لا يُحرم استعمالها ولا تقل نتائجها فظاعة.

 

          اذا عملت الولايات المتحدة فانها ستفعل ذلك لاسباب سياسية. حينما حذر اوباما من أن استعمال السلاح الكيميائي سيستتبع ردا، لم يُعلن إنذارا كان يرمي الى وقف ذبح الأبرياء. بل حدد خطا أحمر نظريا تماما. وبعد كل شيء أية مصلحة للاسد في أن يقتل أعداءه بسلاح كيميائي في وقت يملك فيه رخصة قتلهم بنفس القدر من الفاعلية بسلاح عادي؟ بيد أن الاسد استقر رأيه على التجاهل لاسبابه الخاصة. وسيُعاقب على هذا، أي على تجاهل التهديد الامريكي. فالولايات المتحدة تريد أن تُظهر أنه لا يجوز الاستخفاف بتهديداتها. وليس من المؤكد أنها معنية باسقاط نظام الاسد. لا يعني هذا أنها متحمسة للاسد لكنها ليست متحمسة حقا للبديل. اذا كانت قد افترضت في الماضي أنها قادرة على أن توجد بديلا من العدم فهي اليوم أقل ثقة بنفسها. فمن المنطق أن نفرض اذا أن عملية العقاب المتوقعة في سوريا لا ترمي الى اسقاط النظام، فالولايات المتحدة ستلطم الاسد ولن تُسقطه.

 

          يمكن أن يزعزعنا عدم الاكتراث الاخلاقي للولايات المتحدة. فقد كنا نتوقع أن تعمل زعيمة العالم الحر في وقف مذبحة جماعية وأن تُسقط المسؤولين عنها. ولو أن اجراءات سياسية كانت تحدث في فراغ لكان هذا هو العمل الاخلاقي، بيد أن هذا العالم هو مكان تفضي فيه النوايا الخيّرة أكثر من مرة الى الجحيم. هل تتذكرون صدام حسين؟ لقد استعمل حسين وهو مريض نفسي قاتل السلاح الكيميائي موجها على أبناء شعبه، لكنه على عكس الاسد كان عنده التبجح والوسائل ايضا لاحراز هيمنة اقليمية تُعرض الدول المجاورة للخطر جدا. كانت البواعث على العملية الامريكية في العراق مركبة في الحقيقة، لكن الرغبة في اسقاط مستبد بغيض وتمكين شعبه من حياة أطيب وأكثر حرية كانت جزءً منها. وكانت نتائج ذلك الاجراء الذي يستحق المدح، مدمرة. فالولايات المتحدة لم تستطع إقرار اوضاع الدولة العراقية. وقد أفضت دون أن تقصد ذلك الى انتقاض العراق بالفعل والى تقوية كبيرة لايران والى سفك دماء لم يسبق له مثيل في سعته أكثر مما جرب الشعب العراقي في طول سني حكم صدام حسين. بل إن العملية التي كانت أكثر حذرا في ليبيا أثمرت نتائج اشكالية. فليس من الواضح الى الآن أي نظام سيحكم ليبيا بدل نظام القذافي الاستبدادي، لكنه أصبح واضحا الآن أن انهيار النظام أفضى الى تسريب كارثي لسلاح ليبي الى أشد المنظمات خطرا. إن من يُرد الاتيان بفائدة يُحدث ضررا احيانا وتأتي الكوليرا احيانا بدل الطاعون.

 

          إن الاستنتاج من هذا الادراك بائس وهو أن يُفضل أكثر من مرة إبقاء الأوغاد على حالهم لأن البديل ببساطة اسوأ. لا تنقض اذا لم تكن على ثقة بأنك تعرف التركيب من جديد. إن فكرة أن من أراد اطلاق النار يُطلقها ببساطة ولا يفكر كثيرا تناسب فيلما هوليووديا ولا تناسب الشرق الاوسط. إن اوباما غير متردد لكنه يفكر.