خبر سوريا: بين الطاعون والكوليرا... هآرتس

الساعة 10:51 ص|30 أغسطس 2013

بقلم: يوئيل ماركوس

(المضمون: من الحماقة الشديدة أن يهدد وزير الدفاع الاسرائيلي سوريا برد قوي وأن يدس أنفه في الحرب الأهلية السورية بين المتمردين والاسد وكلاهما شر - المصدر).

ربما تكون الصواريخ البحرية الامريكية "توما هوك" في وقت نشر هذه السطور قد أخذت تسقط على سوريا وربما لا تكون. في هذه المرحلة على كل حال، يُحذر الجميعُ الجميعَ. فالامريكيون يُحذرون ايران ألا تتدخل؛ والايرانيون يُحذرون اوباما ألا يدس أنفه فيما يحدث في سوريا (وهم يُذكرونه بالفشل في العراق)؛ وروسيا تُحذر امريكا ألا تقصف، وامريكا تُحذر بوتين ردا على ذلك بغير تهذيب كبير أن يبقى بعيدا لأن المسألة تخصها؛ والاسد يهدد بأنه اذا هاجمت اسرائيل فان سوريا ستكيل لها الصاع صاعين، ويُحذر وزير الدفاع الامريكي اسرائيل في ود بالطبع ألا ترد اذا هوجمت.

إن مكالمة الاسد الهاتفية مع قائد اللواء الكيميائي تشير الى أن القائد، وهو على شاكلة علي حسن المجيد "الكيماوي"، القاتل الشهير من العراق، ربما عمل صدورا عن رأيه الخاص أو اخطأ في تقدير الكمية. لأنه من المؤكد أنه لم يكن من الحكمة تنفيذ قتل كهذا في وقت وجود وفد مراقبي الامم المتحدة في الميدان بالضبط. فهو لا يناسب الاسد الذي ليس هو غبيا.

قُتل 100 ألف انسان في سوريا دون أن يتدخل العالم المتنور أو يحتج احتجاجا حقيقيا. ولا يعلم كبار الطيبين بالضبط لماذا وعلامَ يقتل الناس بعضهم بعضا في واحد من أكثر نظم الحكم استقرارا في منطقتنا. إن الـ 100 ألف هؤلاء ماتوا في الأساس بسلاح تقليدي وبقصف من الجو وبقذائف الدبابات ونيران القناصة. ولم يكن أحد هناك يهمه أن تكون الأهداف المقصوفة مدنية – مباني سكنية وحافلات ومدارس ومستشفيات. فهل يجوز القتل بالسلاح التقليدي اذا ولا يجوز بالسلاح الكيميائي؟ إن للغاز سمعة سيئة منذ كانت الحرب العالمية الاولى. لكن الحديث عن سلاح بدائي ومحدود اذا قيس بالتهديد الذري. ما كانت اليابان في الحرب العالمية الثانية لتستسلم لو أنها قُصفت بقنبلتين كيميائيتين بدل القنبلتين الذريتين.

أتعلمون أنه يوجد في مواثيق دولية كثيرة ما لا يحصى من القيود على استعمال سلاح تقليدي "بسيط"؟، لا يجوز مثلا استعمال رصاص الدمدم والقنابل الفسفورية وأشعة الليزر وقذائف تحتوي على أجزاء لا يمكن التعرف عليها بواسطة أشعة رينتغن، ولا يجوز دفن ألغام في مناطق مدنية، بل لا يجوز خرق حاجز الصوت في مناطق مدنية بسبب الضرر المادي والنفسي بمن يوجدون بالقرب من المكان، فضلا عن استعمال الاولاد دروعا حية وهذه طريقة كانت مستعملة في ايام الرومان وفي المناطق عندنا في ايام الانتفاضتين. اجل، يوجد للقتل موانع ورخص عجيبة.

ما جئت هنا لاستخف بالسلاح الكيميائي الذي لا يُفرق بين مدني وجندي. إن الحديث عن سلاح محدود لكنه قد يسحر الارهابيين جدا، مثلا. ومع ذلك يمكن بالقصف بسلاح مشروع ذبح جموع ولا حاجة الى غاز السارين لقمع اعمال تمرد، فهم لم يستعملوا السلاح الكيميائي في ميدان التحرير.

كلما زاد سفك الدم في سوريا اتجهت العيون الى الرئيس اوباما وقالت الأراجيف إنه بعد أن أخرج الجيش من عدة ميادين قتال لن يتجرأ على أن يورط نفسه في حرب اخرى. وقد قال في مقابلة صحفية مع الـ "سي.إن.إن"، إن قتل 100 انسان في اليوم في هذه الحرب "مقلق". أهو مقلق؟ أهذا كل شيء؟ سأل منتقدوه. ووصف أحدهم هذه الخطبة بأنها نقطة حضيض في سياسة الولايات المتحدة الخارجية. لكن المشاهد المزلزلة لصفوف القتلى الطويلة وفيهم عشرات الاولاد فعلت فعلها فغير اوباما رأيه واستقر رأيه على استعمال القوة لسببين: 1- وقف اضعاف الثقة به باعتباره زعيما عالميا و2- الردع عن استعمال سلاح كيميائي قد يمهد الطريق لاستعمال سلاح ذري تنتجه ايران.

فالهدف هو عقاب سوريا والغاية هي تحذير ايران.

لكن حينما يقفز بوغي يعلون فجأة ويهدد سوريا يصبح عندنا نحن الاسرائيليين سبب للقلق لأنه لا توجد حماقة أكبر من أن ندس أنوفنا بين الاسد والمتمردين، وبين الطاعون والكوليرا.