خبر إسرائيل تتحضّر وتراقب موعد الحرب.. وحجمها.. حلمي موسى

الساعة 10:27 ص|28 أغسطس 2013

التوتر في إسرائيل بسبب سوريا ليس شأناً سياسياً وأمنياً فقط، بل هو أيضاً شأن اقتصادي. وبرغم تركيز الكثيرين على موقف الجمهور الإسرائيلي واندفاعه لتجديد الكمامات الواقية في المناطق الشمالية القريبة من الحدود مع لبنان وسوريا، إلا أن الحركة نفسها لوحظت أيضاً في منطقة تل أبيب. فالقناعة واسعة بأنه لا مكان آمناً في إسرائيل إذا ما وقعت الواقعة وهاجمت القوى الغربية سوريا، واحتمالات الردّ ضد إسرائيل ليست مستبعدة.

وبرغم التقديرات الشائعة بتدني احتمالات الرد السوري المباشر على إسرائيل، فإن الخبراء يعتقدون أن مثل هذا الرد يرتبط أساساً بشدة بالهجوم الأميركي. فإن كان الهجوم الأميركي رمزياً وموضعياً، فاحتمالات مهاجمة إسرائيل ضئيلة جداً. ولكن ضربة أميركية وغربية واسعة قد تجرّ خلفها رد فعل سوري ضد إسرائيل. ولهذا تطلب إسرائيل من الإدارة الأميركية إبلاغها مسبقاً بأي غارات حتى تتخذ الاستعدادات اللازمة.

وأجرت القيادة الإسرائيلية أمس، مداولات خاصة بشأن الهجوم الأميركي الوشيك على سوريا شارك فيها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع موشي يعلون ووزير الجبهة الداخلية جلعاد أردان ووزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شتاينتس ورئيس الأركان الجنرال بني غانتس وعدد كبير من كبار ضباط الجيش والمؤسسة الأمنية.

وتركزت المداولات حول الموضوع السوري وجاهزية إسرائيل للتعامل مع مختلف السيناريوهات. وفي ختام المداولات التي جرت في «هكرياه» في تل أبيب، أعلن نتنياهو أن «دولة إسرائيل مستعدة لمواجهة كل الاحتمالات. نحن لسنا جزءاً من الحرب الأهلية في سوريا. ولكن إذا لاحظنا أي محاولة للمساس بنا، فسوف نردّ، ونردّ بشدة».

وتلاحظ القيادة السياسية أن الحكومات في كل من بريطانيا وفرنسا وتركيا تجهد الآن لنيل المصادقات السياسية اللازمة للمشاركة في الخطوات الأميركية ضد سوريا، ما يعني توفر القناعة بأن قرار الهجوم اتخذ، وأن المتغير الوحيد هو موعد الهجوم وربما حجمه.

وكان اجتماع للمجلس الوزاري المصغر قد تقرر أمس، للبحث في الشأن السوري ولكن تم إلغاؤه من دون إعلان أسباب. ويبدو أن سبب الإلغاء يعود إلى الخشية من تسريب بعض ما يدور فيه، لذلك تم الاكتفاء باجتماع أصغر للبحث في المسألة.

وفي كل الأحوال نقلت «هآرتس» عن مصدر رفيع المستوى قوله إن خلاصة النقاش هي أنه على إسرائيل البقاء بعيدة قدر الإمكان عما يجري في سوريا. وشدد هذا المسؤول على أن المداولات تركزت على سيناريوهات محتملة بينها اضطرار إسرائيل للردّ على هجمات سورية بالغوص في المستنقع السوري.

وقد أحس الجمهور الإسرائيلي، مثل الساسة الإسرائيليين، بأثر التوتر في أكثر من سياق. فقد ارتفع سعر الوقود في إسرائيل، حتى الآن بنسبة غير كبيرة، ولكن بشكل مثقل وبات ليتر البنزين يقترب من دولارين وربع دولار. كما أن بورصة تل أبيب شهدت خسائر بحوالي اثنين في المئة بسبب الحديث عن غارات أميركية على سوريا. وارتفع الدولار مقابل الشيكل بحوالي 1,5 في المئة خلال يومين من أنباء التوتر.

وكانت صحيفة «فوكوس» الألمانية قد كتبت أن وحدة التنصت الإلكتروني في سلاح الاستخبارات الإسرائيلية المعروفة برقم «8200» قد وفرت للأميركيين شهادات قاطعة باتصالات عسكرية سورية تثبت وقوف النظام السوري خلف الهجمات الكيميائية الأخيرة في الغوطة. واعتبرت الصحيفة أن الاستخبارات الإسرائيلية وفرت «الدليل القاطع» للغرب على مسؤولية النظام عن استخدام السلاح الكيميائي.

وقد كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية وصول وفد إسرائيلي رفيع المستوى إلى واشنطن لتنسيق الأدوار وتبادل المعلومات بشأن ما يجري في سوريا.

وبرغم أن قادة الجيش الإسرائيلي لم يحضروا اجتماع القيادات العسكرية في الأردن قبل يومين، إلا أن حضورهم النظري كان مهيمناً.

ويضم الطاقم الإسرائيلي إلى واشنطن رئيس الدائرة السياسية ــ العسكرية في وزارة الدفاع الجنرال عاموس جلعاد ورئيس شعبة التخطيط في الأركان العامة الجنرال نمرود شيفر، بالإضافة إلى رئيس وحدة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية العميد إيتي بارون.

وترمي الزيارة إلى تحديث المعلومات لدى الطرفين تمهيداً للهجوم على سوريا. وكان رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الجنرال يعقوب عميدرور ورئيس شعبة الاستخبارات الجنرال أفيف كوخافي قد أنهيا زيارات لواشنطن وعدد من العواصم الأوروبية لشرح المعلومات والمواقف الإسرائيلية بشأن سوريا. وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن الهجوم الغربي على سوريا سيستند بشكل أساسي إلى معلومات استخبارية إسرائيلية.

وقد رفع الجيش الإسرائيلي من حالة التأهب في صفوفه تحسباً للهجوم الأميركي ولردود فعل محتملة. ويجري وزير الدفاع ورئيس الأركان اتصالات مكثفة حول ما يجري في سوريا وبقصد بلورة الردود على كل خطوة محتملة بما في ذلك ميل بعض الجهات لصرف الأنظار عن سوريا إلى إسرائيل.

وفي كل حال تتعامل إسرائيل مع الحرب ضد سوريا بوصفها حقيقة قائمة، خصوصاً بعد خطاب وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأخير الذي قال فيه بمعاقبة سوريا.