خبر اليمينيون يقودون الى حل يساري متطرف -هآرتس

الساعة 10:21 ص|27 أغسطس 2013

بقلم: عوزي برعام

        (المضمون: إن تمسك اليمينيين بعدم تقسيم البلاد الى دولتين سيفضي الى حل الدولة الواحدة التي قد تكون ديمقراطية لكن من المؤكد أنها لن تكون يهودية وهذا هو الحل المفرط في تطرفه الذي يؤيده اليسار المتطرف الاسرائيلي - المصدر).

        حينما نقرأ كلام كُتاب اليمين الموهوبين، نعلم أنهم يتناولون دعوات العمل بجدٍ على الدفع بالسلام قدماً على أنها نزوة صبيانية ليس لها أي أساس، أو أنها موجة معادية للوطنية تُغرق اسرائيل، نحن اليساريين ممثلوها. ويستعمل كُتاب المقالات من اليمين عبارات مثل "مخاوف السلام" و"انسحابات خطيرة" ويفعلون كل شيء لتقوية معارضة الشعب لـ "المنتوجات الفاسدة" التي أراد اهود اولمرت أن يبيعهم إياها.

        حينما يصبح الشوق الى السلام منتوجة افتراضية يدفع الجميع عنها ضريبة كلام على شاكلة "أي يهودي لا يريد السلام؟" تُدفن الفكرة كما يُدفن الحمار، ويهتف قادة اليمين لأنهم نجحوا في احباط أفكار اولمرت وتسيبي لفني الفاسدة بأن يفرضا علينا ذلك السلام "اللعين والخطير". ولهذا يبدو أنه لا مناص سوى العودة الى الموضوع نفسه الذي نجحت وسائل الاسكات والمدونات الشبكية في الطمس عليه: فالحديث عن قضية وجودية لا عن قضية افتراضية، بيقين.

        إن اسرائيل دولة صغيرة في قلب شرق اوسط معادٍ. وهي تحتاج كي تستطيع البقاء في هذه المنطقة الصعبة الى دعامة خارجية – سياسية واقتصادية وعسكرية. ويبدو الدعم الامريكي لاسرائيل مستقر وثابتا، فلولا هذا الدعم لما استطاعت اسرائيل التمسك بالسياسة التي تتمسك بها. لكن يصعب الاعتماد على أبدية الدعم. لأن أجزاءً واسعة من الجيل الشاب في الولايات المتحدة – من ذوي الأصول الاسبانية والسود وأنصار التمايز الامريكي – قد يفضون الى سياسة أكثر انفصالا وأقل إتزانا.

        إن سلوك اسرائيل يوحي بما يلي: "اذا أجبرتموني فسأتجه الى محادثات سلام". أي أن المصلحة الوحيدة التي توجه حكومات اسرائيل هي الامتناع عن أزمة ساحقة مع العالم. كيف؟ نُفرج عن سجناء فلسطينيين ونُحرك مسيرة جوفاء.

        من المهم أن نؤكد أضرار الوضع الراهن وعدم التقدم الى تسوية عادلة: فالاحتلال يؤثر تأثيرا واسعا في المجتمع الاسرائيلي وفي مستوى العنف في داخله. وهو يُحدث صدوعا أقسى من تلك التي كانت في الماضي بين اليهود والعرب في داخل دولة اسرائيل، ويسكب الوقود على موقد الكراهية العربية لاسرائيل والولايات المتحدة، ويجلب على اسرائيل منظومة قوانين معادية للديمقراطية لم يوجد مثلها قط، ويُفضي الى التقليل من مكانة جهاز القضاء لأنه يُفرق بين اليهودي والعربي، ويُسبب اشمئزازا أخذ يقوى في العالم منا ستكون نهايته وخيمة.

        أنظر في مزاعم اليمينيين الذين تفترسهم اعتقادات الفصل العنصري التي تُغسل لتصبح عبارات "أنقى" – من اولئك الذين يتهيبون من كل حديث عن تقسيم القدس وتصالح جدي في يهودا والسامرة – وأفترض أنني أُحادث أناسا عقلانيين يفهمون ماهية ادعاءاتهم والاستنتاجات النابعة منها.

        إن احباط فكرة تقسيم البلاد الى دولتين سيفضي الى حل يؤيده فقط أقل القليل من اليساريين المتطرفين ألا وهو انشاء دولة واحدة قد تكون ديمقراطية لكن من المؤكد أنها ليست يهودية، لأن من الواضح أن وقف مسيرة السلام وإضعافها واحتقارها لن يفضي بكُتاب المقالات "الى اسرائيل آمنة ويهودية وديمقراطية ايضا". فلماذا لا يرى اليمينيون ذلك؟ ولماذا يتمسك المستوطنون بموقف سيحبط أكثر أحلامهم؟.