خبر الهجوم على سوريا:- هآرتس

الساعة 08:33 ص|25 أغسطس 2013

الهجوم على سوريا:- هآرتس 

من ذا يعلم هل يكون الوضع أفضل في اليوم التالي؟

 بقلم: تسفي برئيل

 (المضمون: إن جر الغرب لقدميه فيما يتعلق بموقف قوي من النظام السوري ينبع في الأساس من عدم وجود برهان قاطع بشأن منفذ استعمال السلاح الكيميائي في سوريا. لكن يجب على اوباما برغم كل ذلك أن يتخذ قرارا يناسب القوة العظمى - المصدر).

"اذا كان يجب أن تطلق النار فأطلق ولا تتكلم"، قال توكو في فيلم "الطيب والشرير والقبيح"، "لكن اذا اخطأت فيحسن ان تخطيء بصورة جيدة". ويبدو أن الخوف من الخطأ هو الذي يواجه الآن الولايات المتحدة ودول اوروبا التي تتحدث فقط الى الآن. وإن الدلائل التي تشير الى استعدادات لعملية عسكرية كتقريب السفن الحربية الحاملة للصواريخ من الحدود السورية، والمشاورات العاجلة في البيت الابيض وتنسيق المواقف مع الدول الاوروبية، لا توري الزناد الى الآن، لأنه ليس الإخطاء التكتيكي هو المقلق لأن منشآت السلاح الكيميائي للجيش السوري معروفة ومعلومة بل الإخطاء السياسي.

وُضعت أمام متخذي القرارات عدة روايات توجه أصابع الاتهام الى عناوين كثيرة. أحدها الجيش السوري الحر والمعارضة السياسية اللذان بيّن متحدثوهما في يوم السبت ان اطلاق الصواريخ الكيميائية نفذه اللواء 155 في الجيش السوري من موقع وجود الصواريخ في جبل قاصيون، وأنه كان يوجد في ذلك المكان وقت الهجوم رئيس مديرية الصواريخ السورية طاهر حامد خليل. وهناك رواية اخرى هي للصحيفة السعودية "الشرق الاوسط" تعتمد على مصدر في الجيش السوري الحر يزعم أن جنودا من الوحدة الممتازة الرابعة التي يقودها شقيق الرئيس ماهر الاسد داهموا مركز البحوث العلمية واستولوا على كميات من السلاح الكيميائي بعد أن قتلوا ضابطا سوريا رفض السماح لهم بدخول المنشأة.

وهناك رواية ثالثة لصحيفة "السياسة" تعتمد على مصدر عراقي مُقرب من الانفصالي مقتدى الصدر، يزعم أن محاربين ايرانيين من الحرس الثوري مسؤولين عن الرقابة على بعض مخزونات السلاح الكيميائي هم الذين أطلقوا الصواريخ الكيميائية على بلدة الغوطة مُخالفين موقف ضباط كبار في الجيش السوري.

        وهناك رواية اخرى نشرها موقع المعارضة السورية في الانترنت "الحقيقة" أفادت أن مواد كيميائية هرّبها نشطاء التمرد التركمانيون من داخل تركيا وهم الذين أطلقوا السلاح الكيميائي لإحداث تحدٍ دولي. ويثير الموقع الذي نشر التقرير عن تهريب المواد الكيميائية قبل الهجوم بأسبوع وبعد الهجوم ايضا عدة تساؤلات تتعلق بالصورة التي وجدوا القتلى بها وبأن الظروف الجوية في يوم الهجوم لم يكن من الممكن أن تضمن ألا يُقتل جنود سوريون في الهجوم. وعند النظام السوري ايضا رواية تخصه تقول إن 50 جنديا سوريا قُتلوا ونُقل آخرون الى المستشفيات بعد أن أُصيبوا بالمواد الكيميائية.

        يبدو في خضم هذه الروايات المختلفة أن عدم الوضوح قد زال بشأن قضية واحدة على الأقل وهي أنه تم استعمال سلاح كيميائي تركيبته غير معروفة تماما حتى الآن، بل إن رئيس ايران روحاني أقر أمس بأنه قُتل مواطنون سوريون بسلاح كيميائي دون أن يقول بالطبع من الذي أطلقه.

        إن جر الغرب لقدميه ينبع من عدم وجود برهان قاطع بشأن منفذي الاطلاق. إن الولايات المتحدة تسعى الى أن تجد مسدسا مُدخنا في قصر الاسد كي لا يتضاءل الهجوم على سوريا الى اطلاق صواريخ بحرية على عدد من المخازن بل يُسبب تغييرا استراتيجيا قد يحسم المعركة في سوريا. وفي مقابل ذلك فان القضاء على المخازن ليس ضمانا لعدم توزيع كميات من السلاح الكيميائي بين وحدات الجيش أو أن تكون انتقلت الى منظمات لا تخضع للجيش السوري الحر كالمنظمات الاسلامية التي تنتسب الى القاعدة. إن أحد السيناريوهات المقلقة هو أن يستمر استعمال السلاح الكيميائي بعد القصف الجوي لمخازن السلاح الكيميائي وألا يكون في هذا الوضع عنوان واضح يمكن إلقاء المسؤولية عليه.

        إن هذا الهجوم وزيادة على التقديرات التكتيكية قد يتجاوز الحدود الاستراتيجية التي صدت الى الآن تدخلا عسكريا في سوريا. إن الخوف المباشر هو من رد روسي وايراني. لكن اذا افترضنا ايضا ان تكتفي روسيا بتنديد شديد ولا تُرسل قوات لحماية النظام ولا تُقرب سفنا حربية من ميناء طرطوس، فسيبقى سؤال "اليوم التالي" على حاله وهو من الذي سيتمتع بثمرات الهجوم بالضبط؟ ومن الذي سيتولى الحكم اذا أسقط الهجوم الاسد؟ ولا جواب عند أحد عن هذا السؤال لا في الولايات المتحدة ولا في اسرائيل ولا في اوروبا حتى ولا في سوريا نفسها.

        يستطيع اوباما في الحقيقة أن يُنعم سياسيا على نفسه بأن يهاجم عدة أهداف في سوريا ويُظهر بذلك تمسكه بالخط الاحمر الذي خطه قبل سنة. وهذا بالطبع تقدير مهم بالنسبة لرئيس شعبيته تتدهور فقط. لكن حينما يُجهدون قوة من القوى الكبرى لتضرب دولة اخرى أو لتُسقط نظاما فمن المناسب أن يكون السبب والنتيجة ذوي كِبر يلائم القوى العظمى. إن استعمال السلاح الكيميائي قتل في سوريا أكثر من 1200 انسان. وقُتل بالسلاح التقليدي قبل ذلك أكثر من 100 ألف انسان وهذا سبب جيد بقدر كافٍ لاسقاط النظام.