خبر « نحن في حرب. وأنتم الاسرائيليين لستم في بالنا الآن حقا ».. يديعوت

الساعة 09:23 ص|23 أغسطس 2013

بقلم: سمدار بيري

(المضمون: تُجري الصحفية الاسرائيلية لقاءات مع رجال ونساء من المعسكرين الخصمين في مصر: العلمانيين والاسلاميين من الاخوان المسلمين وتعرض حال مصر بعد الانقلاب العسكري وتوقعات هؤلاء الرجال والنساء للمستقبل - المصدر).

بعد ثورتين داميتين، ورئيسين معزولين وسنة حكم اسلامي، أصبحت نهى تعرف كيف تُدبر حياتها اليومية في فوضى القاهرة. "اليوم حينما لا يوجد وجود تقريبا لرجال الشرطة في الشوارع أخرج من البيت للعمل في ساعات الصباح متأخرة فقط"، تقول. "أسوق سيارة "لادا" قديمة وهي صناعة روسية وألبس الحجاب. وأنا أكره هذا الزي التنكري لكن لا مناص لي. وحينما يوقفونني عند حاجز الجيش وأنا محجبة أقول للجنود: "دعوني، فأنا في جانبكم". وأُبين لهم أنني علمانية أبغض الاسلاميين".

وهي امرأة اعمال ناجحة ومطلقة بلا أولاد وتسكن حيا جديدا للأغنياء فقط في حي "الدائرة الخامسة"، الذي تعيش فيه ايضا عائلة الرئيس المعزول محمد مرسي. وتوجد مكاتبها على مبعدة 25 دقيقة سفر عن البيت ("اذا لم يوجد زحام مروري أو حواجز أمنية")، وقد تقع في الطريق الى العمل في كمين لواحدة من العصابات التي تُغرق الدولة المنقسمة. يصادرون سيارتها في أحسن الحالات ويخطفونها في اسوأها من اجل الحصول على فدية. وهي تستطيع ان تُبيح لنفسها في النهار ان تسافر وحدها لكن الامر في المساء مختلف، تقول لي. "أدعو السائق واستأجر حارسين احيانا. وقد تكون شقتي ايضا خطيرة باعتبار أنني امرأة أعيش وحدي وأبقى في احيان كثيرة لأنام عند اصدقاء أو أقرباء استأجروا لأنفسهم فرق من شركات حراسة خاصة يقومون بدوريات على مدار الساعة في الأحياء الغنية.

"خرجت ذات مساء من البيت. وكانت الشمس توشك أن تغيب، وعلمت أنه تحت جنح الظلام والشارع خال تقريبا قد يخطفونني. ولاحظ سائقي فجأة سيارة تتعقبنا. فطلبت اليه أن يستمر في السير واتصلت بالهاتف الى عنوان ما في الاجهزة الامنية. ومن حسن حظي أن لي صلات بالمواقع الصحيحة، فأخرجوا سيارة في الاتجاه المعاكس وفاجأوا المتعقبين في السيارة التي كانت تلاصقنا وحدثت معركة اطلاق نار، فقد كان المتعقبون مسلحين. وتبين من تقرير تحقيق الحادثة أنه كان لي حظ كبير".

ويعرف عماد، وهو رجل اعمال ذو تأثير كبير في مصر، هذا الواقع جيدا. وهذا هو السبب الذي يجعله لا يسافر تقريبا من مكاتبه في القاهرة الى مصنعه في الاسكندرية. "في الساعتين ونصف الساعة من السفر في الشارع الصحراوي قد تقع في كمين البلطجية الذين يخطفونك ويطلبون فدية"، يُبين. "وحينما لا يوجد مناص استأجر حراسا مسلحين من شركة خاصة أو أسير ملاصقا لقافلة مسؤول رفيع في الاجهزة الامنية. لكن هذا ايضا لا يضمن أن أعود الى البيت في سلام".

بعد أن تولى الاخوان المسلمون الحكم أرسل عماد زوجته وابنتيهما الى كندا. وقد وجد مئات المصريين الذين يستطيعون أن يُبيحوا لأنفسهم ذلك من جهة اقتصادية، وجدوا ملاذا في مونتريال ومدن اخرى في كندا. وهم يحافظون على اتصال بالوطن البعيد بواسطة السكايب ويطلعون على آخر الاخبار. "أبلغتني البنتان أن وضعهما حسن في كندا وأنهما لا تحلمان بالتحجب"، يقول عماد.

وغادر كثيرون ايضا من اصدقاء نهى ومعارفها مصر في السنة الاخيرة لكنها أصرت على البقاء. "رفضت الهرب الى كندا كما فعل عشرات من اصدقائي في السنة السوداء التي مرت بنا تحت حكم مرسي"، تقول نهى وهي امرأة حسناء جدا ووطنية متطرفة.

"العدو الجديد"

يُعد عماد في اولئك الذين يشيرون على السلطة الجديدة كيف تخرج من الازمة الاقتصادية، ومن أزمات البطالة ومن الفقر الذي أخذ يزداد سوءً؛ وكيف يتم اقناع مستثمرين اجانب وسياح بأن مصر بدأت تسير في الطريق الصحيح. وهذه مهمة غير سهلة، فقد نُشر في هذا الاسبوع في القاهرة تقرير يشير الى انهيار فرع السياحة وهو أحد مصادر الدخل المركزية في مصر. ويقول التقرير إنه قد سُجل انخفاض بنسبة 37 في المائة للايرادات من السياحة قياسا بالسنة الماضية التي لم تكن هي ايضا سهلة. ومعنى ذلك: فنادق فارغة ومواقع سياحية خالية ومئات آلاف العاطلين الجدد الذين نبذتهم سوق العمل.

"أنتم الاسرائيليين لستم في بالنا الآن حقا"، يقول عماد. "استقرت العلاقات بيننا في مجال التنسيق الامني، وأنا أمنح نتنياهو الذي أغلق أفواه وزراء الحكومة عندكم درجة عالية. فسكوتكم جيد. ويدرك نتنياهو ان كل كلمة تُقال عندكم سيصبح لها صدى سلبي عندنا ولن يكون هذا من مصلحتكم. وأنا راض جدا ايضا عن ان الاسرائيليين يمتنعون عن المجيء الى مصر لأن هذا صداع لقواتنا الامنية لا حاجة اليه. فليأت فقط من يوجد  له ما يفعله ويسهم به حقا".

ويزعم أن تسريب الاخبار عن زيارة مبعوث اسرائيلي في منتصف الاسبوع للقاهرة وعن اللقاءات التي تمت في مقر المخابرات العام، قد جاء من أعلى النوافذ في الجانب المصري. "نحن مهتمون بأن ننقل رسالة الى الارهابيين في سيناء عن تنسيق وثيق مع أعلى الجهات الامنية عندكم، في اسرائيل"، يُبين عماد. "ليعلموا أننا نعمل معا للقضاء عليهم، وأن التنسيق أعمق كثيرا مما يظنون. أعلنا حربا في سيناء ولا ننوي أن نضعف وذلك بأكثر الطرق عنفا ايضا". ويقول: الآن بعد المذبحة الرهيبة التي وقعت على الشرطيين الـ 25 الذين أُطلقت النار على رؤوسهم من مدى صفر في الطريق بين رفح والعريش، أصبحت قوات الامن المصرية التي تعمل في سيناء مشحونة بشعور الانتقام والرغبة في تصفية الحساب.

ألم تعد اسرائيل هي "العدو"؟.

يضحك عماد. "إن تركيا هي العدو الجديد. لا أحد تجوز عليه قصص اردوغان عن المؤامرة الاسرائيلية وتدخل الموساد في الانقلاب في مصر. يؤمن رئيس وزراء تركيا بأن الأجندة الاسلامية ستُقوي منزلته في بلده. لكنه يتجاهل الواقع وهو غير مستعد للتسليم بالوضع الجديد. إنتبهي الى أنهم ما عادوا يذكرون اسم اسرائيل في الميادين عندنا. فحينما تكون مصر غارقة في حرب داخلية يمكن أن يحاول مجنون متطرف فقط مثل اردوغان ان يُدخلكم بالقوة لاتهام اسرائيل ولتهييج النفوس. لكنهم في المعسكرين – العلمانيين والاسلاميين – لا تجوز عليهم دعاية اردوغان الجوفاء.

"يمكن وضع أوراق اللعب على الطاولة: إننا الآن في مسار محو الاسلاميين. إن القيادة العليا أصبحت في السجون وسيُعتقل قريبا من ليسوا هناك الى الآن. وقد نزل الصف الثاني من قادتهم تحت الارض خشية أن يعتقلوهم، ويوجد الآن في مناطق تظاهر الاخوان النشطاء من المستوى الثالث والمستوى الرابع من الحركة ممن يحاولون تهييج الجماهير".

ويُبين عماد ان السلطة العلمانية لا تدخر جهدا كي تتعرف اختلافات في الرأي في المعسكر الاسلامي لتزيدها عمقا بطريقة "فرّق تسد". ويتلقى مؤيدو الاخوان المسلمين مقترحات عمل وفرصا اقتصادية لجعلهم يُغيرون جهة انتمائهم. "إعتمدي على العقل المصري ليجد اختراعات لكسر الاخوان وإنزالهم للعمل السري في ظروف مخزية".

ألا يمكن ان يحرز هذا النتيجة العكسية بأن يجعل الصراع أكثر عنفا؟

"من المؤكد ان اجهزة الامن مستعدة لسيناريو عمليات ارهابية في شوارع مصر"، يقول عماد. "نحن نعرف سلوك حركات سرية اسلامية في مصر. في تسعينيات القرن الماضي نفذوا اغتيالات ووضعوا شحنات ناسفة وفجروا مؤسسات حكومية. وهم عندنا يأخذون هذا الامكان في الحسبان. لم نبلغ بعد الى هذه المرحلة لأن المواجهات والمظاهرات لم تنته".

إن أحد اولئك المتظاهرين المصممين هو ظاهر، وهو مؤيد للاخوان المسلمين، مصر على الاستمرار في زيارة مسيرات الاحتجاج في ميدان رابعة العدوية في القاهرة، حصن الاسلاميين. وهو يعلم أنني اسرائيلية وصحفية وليست عنده مشكلة في التحدث إلي برغم تقواه المتطرفة.

لكنني في نظركم أنتمي الى "العدو الصهيوني".

"ليس هذا ذا صلة الآن"، يقول ظاهر ويبدأ بتحليل صورة الوضع في داخل مصر. "إن الجيش ولا سيما الفريق السيسي الذي خان الرئيس مرسي (يُصر ظاهر على ألا يسمي مرسي "الرئيس المعزول" أو "الرئيس السابق") أحرز انتصارا مؤقتا بسبب السلوك العنيف. وقد استقر رأي السيسي على التخلص من مرسي، وأخرج من القصر رئيسا انتُخب انتخابا ديمقراطيا. وأخذوه الى "موقع استضافة"، وقطعوه عن العالم وعن أبناء عائلته ايضا، ويجلس الآن المدعي العام ويُلفق لمرسي لوائح اتهام". ويقول ظاهر بشعور بالمرارة: "الفريق السيسي لا يعرف الله، فهو على يقين من ان كل شيء جائز له".

هل تؤمن بأنكم ستعودون للحكم أو أضعتم فرصة حياتكم؟

"أريد أن أقول لك إننا سنعود بكل ثمن، لكن لا يبدو لي أننا سننجح في السيطرة على الحكم من جديد بلا انتخابات. فما كان لن يعود. إن وسائل الاعلام المجندة تخدم دعاية النظام العلماني، وهي تعرضنا على أننا اختطفنا السلطة ولم ننجح في الحفاظ عليها بسبب عجز الرئيس مرسي. وأخشى أنه اذا تمت انتخابات من أن يهتم النظام الجديد – بالطرق التقليدية – بألا نحصل على أكثرية".

ويقترح مصطفى، وهو استاذ جامعة في واحدة من مؤسسات الدراسات العليا الجليلة في القاهرة، يقترح على ظاهر ورفاقه ألا يعتمدوا على ملايين الفلاحين وأبناء الطبقات المعدمة ممن منحوا مرسي الفوز الساحق في الانتخابات وخابت آمالهم. "من المهم أن نفهم ان الأكثرية السلبية في مصر من اولئك الذين يعيشون على أقل من دولارين في اليوم يُجلون الجيش"، يُبين. "وهم يُجلون الفريق السيسي وأصبح هو العنوان الآن بالنسبة اليهم. ولا يجوز أن ننسى ان الجيش المصري مؤلف من جنود جاءوا من الطبقات المعدمة. ويحظون في الخدمة الالزامية بتحسين كبير لمستوى عيشهم. فهم يهتمون بطعامهم وملابسهم وبظروف خدمة أفضل مما كان لكل واحد منهم في البيت. ويحلم كل واحد منهم بأن يقبلوه للخدمة الدائمة ليضمن بذلك مستقبله الاقتصادي ولتحظى عائلته بالانعام الذي تعد به امبراطورية الجيش: التربية والسكن والصحة والمنتوجات الأساسية بسعر رخيص".

ويصف مصطفى مصر بعد الثورة بأنها انعكاس لألوان العلم الوطني: الاحمر الذي يرمز الى دم القتلى والجرحى من المعسكرين، ودم رجال الامن ايضا الذين قتلوا هذا الاسبوع في سيناء؛ والابيض وهو لون المعسكر العلماني – الليبرالي الذي تولى الحكم بعد عزل الرئيس مرسي؛ والاسود وهو لون التيارين الاسلاميين المركزيين وهما حزب "العدالة والحرية" للاخوان المسلمين الذي أُبعد عن السلطة في الاسبوع الماضي، وحزب "النور" المتطرف الذي يصر على الحفاظ على انفصال ولا يتعاون مع واحد من المعسكرين.

ذاك الذي يخرج وذاك الذي يدخل

ومن يبحث عن رمزية فانه يستطيع ان يجدها ايضا في تقارب الاحداث بين اعتقال الدكتور محمد بديع، الزعيم الروحي للاخوان المسلمين، وبين قرار المحكمة على تبرئة الرئيس السابق مبارك وتخلية سبيله.

وقد تحدثت الصور من تلقاء نفسها: فقد دخل الزعيم الروحي بجلباب فاتح اللون بلا مقاومة الى الزنزانة الزرقاء لاجهزة امن الدولة. وردت البورصة في القاهرة فورا بارتفاع اسعار. وقد صنع الفريق السيسي تاريخا، فهذه أول مرة في سني وجود حركة الاخوان المسلمين الثمانين في مصر تطرح فيها السلطة العسكرية العلمانية الزعيم الروحي المكلف في السجن. ويعرف بديع وهو مختص بالطب البيطري السجون في مصر منذ سنة 1965 حينما أدخله الرئيس جمال عبد الناصر آنذاك السجن تسعة اشهر. ومنذ ذلك الحين جلس في السجن عشر مرات على الأقل في مدتي حكم الرئيسين السادات ومبارك. بيد أنه لم يكن في تلك الايام قد أصبح الزعيم الروحي للحركة.

"إن اعتقال الدكتور بديع هو البرهنة على ان السلطة قد يئست من جهود المصالحة مع الاخوان"، يزعم رجل الاعمال عماد.

"بحسب علمي رفض بديع في الايام الاخيرة اربع مبادرات مصالحة. وهدد بدل ذلك بزيادة حدة المواجهات وأعلن قائلا: "سنحرق سيناء إن لم تُفرجوا عن مرسي". وهم الآن يُعدون له لائحة اتهام بسبب التحريض على التمرد والمسؤولية عن موت مواطنين".

وفي الوقت الذي يُعد فيه المدعي العام المصري لائحة اتهام لبديع، تتلاشى اتهامات مبارك. يريد مصطفى ان يرى الرئيس السابق يغادر الدولة. "اذا بقي في مصر فسيبقى تذكيرا بالثورة التي لم تنجح، وبمدة الاسلاميين الخاطفة وبالدكتاتورية والقبضة الحديدية التي استعملها مبارك لادارة الدولة عشرات السنين. إن مبارك هو في نظري حاجز وعائق عن تقدم مصر. وقد أفضى بالمجتمع المصري الى استقطاب وأفسد المقربين منه. كان مبارك يحب ان يحيط به أتباعه المتملقون ولم يُجر دماً جديدا. وأصبح هؤلاء المقربون مراكز قوة وحصلوا على رشوات عن كل اجراء وكل قرار، واضطروا مجموعة رجال الاعمال في القطاع الخاص الى ان يُدخلوهم خلافا للقانون شركاء في كل مشروع. ومن لم يدفع رشوة ورط نفسه. إن مبارك ذكرى غير طيبة".

وتقوم في الخلف مسألة استمرار المساعدة الامريكية لمصر التي لم تُحسم الى الآن. ويتطوع صديقي القديم عصمت، وهو مستشار سري لقادة السلطة في القاهرة، ليُبين موقف الجانب المصري في هذه القضية. "إن الفريق السيسي أكثر دهاءً وحنكة مما يعتقدون"، يقول عصمت. "ففي التمهيد لعزل مرسي استدعى باجراء غير عادي من ضابط رفيع المستوى يبتعد عن وسائل الاعلام الصحفية الامريكية الرفيعة المستوى إيلي فيموث من صحيفة "واشنطن بوست". وطلب السيسي نقل رسالة مباشرة وشديدة اللهجة ومعلنة الى البيت الابيض ووكالات الاستخبارات في واشنطن. وكانت كل كلمة قالها في تلك المقابلة الصحفية موزونة إذ قال: إن اوباما يتجاهلني، ويُشاجر مستشاروه بين المعسكرين في مصر، والسياسة الامريكية الفاشلة تضغط لتأييد الاخوان المسلمين على حساب المعسكر العلماني.

"كان السيسي يستطيع ان يُخمن ألا يسكت اوباما ومستشاروه عن هذه الاتهامات، لكنه استمر في تحدي الادارة في واشنطن. إنهم في المعسكر العلماني الليبرالي شديدو الغضب على السفارة الامريكية في القاهرة التي أصبحت "ناديا للاسلاميين": فقد دعتهم الى لقاءات وراودتهم وأرسلتهم في نزهات الى واشنطن تحت غطاء زيارات عمل – وأظهرت تفضيلهم بصورة لا لبس فيها على حساب الليبراليين العلمانيين.

"كانت المواجهة بين واشنطن والقاهرة غير ممتنعة. وقد تم تبديل السفيرة الامريكية آن بترسون وألغى اوباما تدريبا عسكريا مشتركا وهددوا في واشنطن بتعليق المساعدة العسكرية لمصر أو تقليصها أو الغائها. لكن السعودية ودول الخليج وفي مقدمتها قطر التزمت بتعويض مصر عن كل دولار يُمحى من المساعدة الامريكية. وفي مقابل ذلك عملت السعودية واسرائيل من وراء الستار على بيان معاني المس بالمساعدة الامريكية، واعتدل سلوك الادارة في نهاية الامر. فمصر بعد كل شيء كنز مهم لامريكا وهم في واشنطن يدركون هذا جيدا".

برغم زعم ان اوباما وقف الى جانب الاخوان المسلمين، فان ظاهر الاسلامي لا يصدق الرئيس الامريكي. "في زيارته للقاهرة (قبل اربع سنوات) انشأ عندنا توقعات لكنه لم ينتج شيء عن "أهلا وسهلا" في خطبة اعلان نوايا اوباما. أنا أعلم ان الاسرائيليين تحفظوا منه وسموه "المسلم". وهو في الحقيقة أعطى عزل مبارك دفعة لكنه أصر على الحصول على ديمقراطية في مصر. وهو لا يدرك ان الشريعة والديمقراطية لا تسيران معا".

سألتهم كيف سينتهي الامر. "أتوقع ان يُعيدونا الى منزلة حركة سرية"، يُقدر ظاهر. "أنا لا أرى الى الآن احتمال مصالحة. لكن مصر هي مصر وسيفعل الزمن فعله. سيوجد اسلاميون يريدون الحصول على قطعة من كعكة الحكم. ومن جهة ثانية فان اولئك الذين سيعارضون النظام العلماني سيُضايقونه حتى الموت بكامل معنى الكلمة".

عماد: "توقعي هو أن تجري على مصر زعزعات اخرى الى ان يستقر وضعها. وأنا أُقدر أن يصر الاخوان المسلمون على تصفية حسابات. ستوجد محاولات اغتيال ناس في السلطة ووضع شحنات ناسفة. وأنا اؤمن ايضا بأن قادة الاجهزة عندنا من أمن الدولة والجيش سيبذلون جهودا كبيرة لاحباط عمليات. لكنني لست على يقين من ان النجاح كامل. إن أهم شيء عندي أن يغلب الاستقرار آخر الامر بعد ثلاث سنوات زعزعات. يجب ان نعيد الى مصر المستثمرين الاجانب والسياح. فهذا هو مصدر عيشنا".

وفي هذه الاثناء يُقتل مئات المواطنين في الشوارع ويُعتقل ناس بصورة وحشية وتُمنع الفرق الطبية عن علاج الجرحى لأنهم ينتمون فقط الى المعسكر الخصم.

عماد: "نحن الآن في ذروة مسار تشكيل الوجه السليم والعلماني لمصر الجديدة. ونلعق الجراح التي خلفها الرئيس مرسي وراءه. إنني غير مستريح بالطبع للقتل لكن يجب ان نأخذ في الحسبان ايضا سلوك الاسلاميين: ففي الميدانين اللذين تظاهروا فيهما – في ميدان رابعة وفي ميدان النهضة – كانوا يهتفون "سلمية سلمية"، لكنهم في اثناء المظاهرات أشهروا سلاحا خبأوه في داخل المساجد وأطلقوا النار على الجنود وقتلوا متظاهرين من المعسكر الثاني".

كرفانات مرسي

في يوم الاربعاء من هذا الاسبوع اجتمعت لجنة شؤون مكانة المرأة في مصر لتعرض على الصحفيين تقريرا يُبين دوس مكانة النساء في فترة حكم مرسي: فرض علاقات جنسية في اماكن العمل، وتحرشات جنسية، ومنع النساء من الخروج من البيوت وحدهن، وعودة ظاهرة زواج رجل واحد بثلاث نساء أو أربع ايضا لاظهار القوة.

وتعرض علي نادية ش. وهي تعمل في جامعة في القاهرة معلومة تثير القشعريرة لا تظهر في التقرير. ويتبين ان مرسي قبل انتخابات الرئاسة قد استقر رأيه على الانعام على ناخبيه المحتملين، فأرسل الى المناطق القروية أسطول كرفانات حولت الى مركبات طبية متنقلة وعرضت "ختانا بالمجان" لبنات في الثالثة الى التاسعة من أعمارهن.

أُخرجت هذه "العملية الجراحية" خارج القانون في عهد مبارك وحظيت بالتنديد بها من الحائط الى الحائط. ونزلت "الدايات" (وهن القابلات المحليات) مع أمواس الحلاقة للعمل السري. وكان خوف النساء المحليات اللاتي لم يُهيأن لذلك من ان يُعتقلن قد ابطأ ايقاع "علاج" البنات الصغيرات الى حد أنه زال. لكن مرسي جاء آنذاك وجند فقيها قديما أعلن أن "من لا يجرِ عليها التطهير" فستُعد نصف مؤمنة بالاسلام وشبه كافرة وستؤول احتمالات ان تجد عروسا (عريسا) الى صفر.

وقد أظهر مرسي بعد ان تولى الحكم "انفتاحا" وعيّن نائبة رئيس ومستشارة شخصية هي الدكتورة أميمة كامل. وقد بدأت أميمة، وهي طبيبة نساء في اختصاصها، ادارة حملة دعائية لأجل "هذه العملية الجراحية" ولتعطف النفوس إليها في القرى والأحياء الفقيرة. وبيّنت أن "العملية الجراحية" ليست غير خطيرة فقط بل هي صحية ونافعة للعائلة وتُجنب البنات الصغيرات "أضرار البيئة".

ونجحت الحملة الدعائية. وتقول لي نادية إنه في فترة حكم مرسي قُدمت بلاغات عن عشرات آلاف البنات اللاتي "جرى عليهن بنجاح" ذلك الفعل وعن مئات ايضا عولجن في المستشفيات بسبب تلوث. وشاعت العادة القديمة – الجديدة في دول مسلمة اخرى وهم اليوم يُجرون "العملية الجراحية" في تونس وافغانستان والعراق وكردستان ايضا. والآن بعد عزل مرسي، تخرج نشيطات بارزات من المنظمات النسائية ومنظمات حقوق الانسان في حملة اعلامية ترمي الى صد ظاهرة ختان البنات. وهن لا ينوين أن يخسرن هذه المعركة.