خبر بعقل، على سبيل التغيير.. هآرتس

الساعة 09:22 ص|23 أغسطس 2013

بقلم: يوئيل ماركوس

(المضمون: زعماء اسرائيل، على غير عادتهم، يتصرفون هذه الايام بحذر وحكمة بل وتفكر. وقد شفوا اولا وقبل كل شيء من التطلع الى ان يملوا على جيران اسرائيل أنظمة حكم على مزاجها - المصدر).

آمل أن أناسا في قيادة الدولة وزعامتها لن يفقدوا وعيهم لسماع ما سيقال في الاسطر التالية. فزعماء اسرائيل، على غير عادتهم، يتصرفون هذه الايام بحذر وحكمة بل وتفكر. وقد شفوا اولا وقبل كل شيء من التطلع الى ان يملوا على جيران اسرائيل أنظمة حكم على مزاجها.

أرئيل شارون ومناحيم بيغن ارادا أن يفرضا حكومة مسيحية مؤيدة لاسرائيل (زعما) في لبنان. هذه المناورة الطموحة ليس فقط لم تتحقق، بل وأسفرت عن سفك دماء وأدت الى سيطرة سوريا وحزب الله في لبنان. دايان بعد حرب الايام الستة آمن بالجيرة الطيبة مع الشيخ الجعبري في الخليل. كل هذه الافكار الهاذية أدت الى حروب طويلة ومضرجة بالدماء، والى ولادة منظمات الارهاب والانتفاضات.

ونحن نركز على انفسنا، لم نستوعب ان المحاولات لاقامة انظمة ديمقراطية يجب أن تأتي من الداخل وليس كاملاء من الخارج. فقد ودعت روسيا الشيوعية في اعقاب ضغط داخلي. ولم تنجح الولايات المتحدة في جعل حليفتها السعودية ديمقراطية. نعم، عندنا تقطع ايادي السارقين، قالوا، هذا قانون القرآن، الذي هو دستورنا. وبالفعل، تلعب السعودية حتى اليوم دور النجم في احد الاماكن الاولى في الكراس السنوي لوزارة الخارجية الامريكية عن خرق حقوق الانسان في العالم.

لا ريب انه كان يسعدنا لو ان مصر، شريكنا في السلام، كانت ديمقراطية كسويسرا، وليست دولة تحكمها طغمة عسكرية. اذكر كيف اننا طالبنا، ان يتقرر في الاتفاق بين الدولتين اتصالا مباشرا بينهما. السادات عارض بشدة، فلانَ بيغن. وتبين لاحقا انه في تلك الفترة لم يكن في مصر اتصالا دوليا مباشرا. كان ينبغي لنا ان نتعلم منذ زمن بعيد ان محاولة التدخل في مسألة اي نظام يسيطر حولنا ليست عملية وليست حكيمة. يمكن التأييد مبدئيا، ولكن ليس محاولة الفرض.

ما يحصل في مصر مقلق جدا. التفكير في أن تصبح دولة شريعة، أو أسوأ من ذلك، دولة يسيطر عليها الارهاب، هو تفكير مخيف. هذا هو احد الاوضاع الخطيرة التي وقفنا أمامها. لاسرائيل مصلحة استراتيجية في الحفاظ على السلام مع مصر، التي مثلها تدعم ماليا وعسكريا من الولايات المتحدة. كانت ايام سأل فيها مندوبون مصريون مندوبينا بهمس "كم ستحصلون هذه السنة"، كي يطالبوا بحصتهم من واشنطن. كما أن المناورات العسكرية المشتركة مع امريكا ساعدت في الحفاظ على دور مصر كلاعبة مركزية في المنطقة. فقد أيدت حملة "الرصاص المصبوب" ، وهكذا ساعدت اسرائيل بشكل غير مباشر على نيل تأييد الاتحاد الاوروبي في ذلك. مصلحتنا هي أن تبقى مصر مستقرة، وكذا شريكة مخلصة للولايات المتحدة.

ولكن اسرائيل تتصرف على نحو سليم عندما لا تتدخل، لا تتحدث ولا تثرثر في كل ما يتعلق بمصر. لا تتبنى علنا السيسي وتفعل ما تفعله تحت الرادار. الجدار الذي اقامته ضد المتسللين من سيناء اصبح جدارا ضد الارهاب، و "الرخصة" التي اعطتها لمصر للعمل في سيناء بيد قوية ضد منظمات الارهاب تخدم الطرفين. انتبهوا الى صمت حماس في غزة – بشرى طيبة جانبية للسلطة الفلسطينية في بداية تسعة اشهر المفاوضات مع اسرائيل .

ان هجوم رجب طيب اردوغان على اسرائيل وغضبه من الانقلاب في مصر يدلان على أنه يخشى من أن يكون بالغ وسيدفع الثمن على خيانته للارث اعلماني لـ أتاتورك. لا ريب ان يوم أزعر الحارة هذا لا بد سيأتي. فالرئيس اوباما، في اعقاب طلب غير مباشر من اسرائيل، تراجع عن النية لوقف المساعدات لمصر. لاسرائيل مصلحة في أن تكون مصر مستقرة، قوية وشبعة. في سوريا يجري قتل شعب، والعالم يسكت، ولكنها خرجت من دائرة الحرب ضد اسرائيل لعقد من السنين على الاقل. ايران تتسلح بالنووي، هذا مؤكد، ولكن عندنا بدأوا يفهمون باننا وحدنا لن نتمكن من الوقوف في وجه الجميع. اسرائيل، برئاسة بيبي، تتصرف بعقل، على سبيل التغيير.