خبر تاريخ استغلال الشرقيين.. هآرتس

الساعة 09:21 ص|23 أغسطس 2013

 

بقلم: زئيف شترنهل

(المضمون: يعتمد اليمين الصهيوني في اسرائيل على حشد أنصاره وأتباعه باستعمال أساطير والدعوة الى التآلف والاخوة الثقافية والحضارية في مواجهة الأعداء في الداخل والخارج ويعمي العيون عن المشكلة الحقيقية وهي التمييز الواقع على الفئات الضعيفة - المصدر).

بعد انتخابات 2003 بوقت قصير التقيت في المركز الجماهيري في شارع شتيرن في القدس، وهو أحد المناطق الفقيرة والاشكالية في المدينة، مع مجموعة من النشطاء الاجتماعيين. ودار بيننا الحديث "عما سيكون"، لكنه دار ايضا على ما كان لأنه ينبغي عدم الفصل بين الأمرين. ووقع الاجماع على أمر واحد فقط، فقد قالوا إن يوسي سريد كان أفضل وزير تربية للأحياء السكنية، وأن ران كوهين الذي أجاز قانون الاسكان العام كان أفضل وزير اسكان للأحياء السكنية. وسألت: كم صوتا حصلت ميرتس عليها في شارع شتيرن؟ فغضوا رؤوسهم وسكتوا. ففي تلك السنة انخفض عدد نواب ميرتس الى ستة وترك سريد الحياة السياسية.

هذه هي خلاصة المشكلة. إن الأحياء والبلدات تصوت لليمين الليبرالي الجديد وتضحي على علم بمصالحها الاقتصادية على مذبح أساطير قومية ودينية يمدها اليمين بها. ولم يعد أحد محتاج من الأحياء والبلدات الى سياسة اليسار والى تدخل الدولة في الاقتصاد والمجتمع والى التفكير العقلاني. لكن الأحياء الفقيرة خاصة هي حصون الليكود وهو الذي يخفضها في كل مرة الى مستوى أدنى. نجح اليمين في اقناع أكثر اليهود الشرقيين لا من المعسرين بل من النخب ايضا بأن المشكلات المركزية في الحياة ثقافية واعتقادية لا مادية.

أجل إن كل حركات اليمين المتطرف في العالم الغربي منذ مطلع القرن الماضي الى أيامنا قد عملت بنفس الطريقة. وكان هذا ردها الساحق على الاشتراكية، فقد قالت ان الاستغلال تصنيف نفسي لا اقتصادي ولهذا اتجهت الى كسب ثقة الطبقات الاجتماعية التي في أدنى السلم بالتعويض في مجالي الهوية والثقافة. واعتقد اليسار في سذاجة أنه يجب التغلب على الاغتراب بتغيير النظام الاجتماعي والاقتصادي، ووجد اليمين حلا أسهل، فان البشر يستجيبون بطريقة أسهل لحلول غير عقلانية وأساطير ورموز ودفء انساني وأسطورة قربا الدم وعداوة الغرباء وكراهيتهم. واختفى دفعة واحدة التضاد بين الغنى والفقر: فكيف يناضل بعضهما بعضا على تقاسم الثروة الوطنية في حين أننا جميعا أبناء عائلة واسعة واحدة، كما يدعو اليمين. يوجد بيننا حقا أولاد جياع – وسيكون هذا ايضا، حتى لو تمت تسميتهم باسم البابا سالي – لكن هذا لا يُعد شيئا اذا قيس بأخوة الدم: فاننا جميعا نقرأ نفس كتاب التوراة، ونحن جميعا مُنحنا هذه البلاد لنرثها ونطرد الغرباء منها، ولنا جميعا عدو يريد ان يقضي علينا – عدو من الداخل هو العربي الاسرائيلي أو عدو من الخارج هو العربي الفلسطيني. وعلى العموم فان المواطنة هي تصنيف متكلف وسياسي وقضائي وقانوني، أما الانتماء الوطني فهو تعبير عن حقيقة عرقية وتاريخية ودينية.

وهكذا يذر اليمين الرمل في عيون الناس وينجح في السيطرة على المجتمع باسم اولئك الذين يضطهدهم. وهذه هي الحيلة الليبرالية الجديدة الكلاسيكية وغايتها اخفاء حقيقة ان المشكلة الطائفية هي قبل كل شيء مشكلة اجتماعية وإن لم تكن كذلك فقط. وتوجد طريقة حقيقية واحدة فقط ليُخرج من سدروت واوفكيم مرشحون لجائزة نوبل في الاقتصاد والكيمياء، وهي ان يُجلب الى هناك مستوى تربية المدارس النخبوية في المدن الكبيرة. إن تربية الاولاد والسكن والعمل للآباء هي طريقة القضاء على التراث البائس