خبر التشريعي يدعو لتشكيل جبهة رفض للمفاوضات وتعرية موقف السلطة

الساعة 06:11 ص|21 أغسطس 2013

غزة

دعا المجلس التشريعي الفلسطيني، أمس، القوى والفصائل الفلسطينية، ومؤسسات المجتمع المدني إلى تشكيل جبهة رفض للمفاوضات الجارية مع الاحتلال، وتعرية موقف السلطة وحركة "فتح" منها، الذي جاء بعيدًا عن الإجماع الوطني.
وطالب المجلس في جلسة خاصة، عقدها بمقره في مدينة غزة أمس، لمناقشة تقرير اللجنة السياسية بشأن خطورة العودة إلى المفاوضات؛ الفصائل المنضوية تحت منظمة التحرير بالانسحاب من اللجنة التنفيذية، وتحقيق مراجعة سياسية وفكرية جادة لعملية التفاوض.
وأكد رئيس الوزراء إسماعيل هنية أن المفاوضات الثنائية بين السلطة الفلسطينية والاحتلال تجري خارج الإجماع الوطني، وأنها استمرار لنهج التحرك في العتمة، الذي بدأ قبل أكثر من عشرين عامًا، وقت توقيع اتفاق (أوسلو).
وقال هنية في معرض كلمته: "إن الكل الفلسطيني يرفض هذه المفاوضات، وفصائل منظمة التحرير واللجنة التنفيذية بداخلها، وقيادات وزانة حتى من داخل حركة "فتح" ترفضها، مثنيًا على تقرير اللجنة السياسية بالمجلس التشريعي الذي سلط الضوء على قضية خطورة المفاوضات.
وأضاف: "هذه مفاوضات أحادية الجانب، تتحرك بعيدًا عن روح وضمير وإجماع الشعب الفلسطيني، وتكريس لنهج (أوسلو)، وتشكل غطاء لاستمرار بناء المستوطنات، وتصفية للقضية الفلسطينية، خاصة أن المفاوض تخلى عن شروطه، وبات الاحتلال واضعًا للشروط".
وبين أن العودة إلى المفاوضات مجددًا كشفت خللًا في نقطة صنع القرار الفلسطيني، والخيار السياسي، متابعًا: "نحن نعاني من الانفراد في صناعة القرار، قرار يتخذ بعيدًا عن الإجماع والمؤسسات والتشريعي والحكومة الشرعية، ونبض الشارع بكليته".
وأردف قائلًا: "أي خيار سياسي نرتضيه الآن و13 فصيلًا وملايين من الشعب ضد المفاوضات؟!، من الذي يحدد خيارات السياسة لشعبه؟!"، مضيفًا: "لا حرج في المزاوجة بين المقاومة والسياسة مادامت الأخيرة منطلقة من حقوقنا وثوابتنا، وغير متجاوزة لطموحات الشعب، وأن تكن مبنية على قاعدة عدم التنازل والتفريط، وقبول الخيارات الأخرى المتمثلة بالمقاومة".
وشدد هنية على أن المفاوضات "عرض لمرض في الفكرة والبنية والأداء"، وأن تصحيح هذا الخيار يتجه في الانتقال إلى الخيار والبرنامج الوطني المجمع عليه، مطالبًا بالانسحاب من المفاوضات التي تعد خيارًا كارثيًّا مدمرًا للقضية الفلسطينية.
ودعا إلى بناء إستراتيجية فلسطينية، وصياغة تحالف وطني رافض للمفاوضات، وتشكيل تحالف وطني عريض من الفصائل والشخصيات والمؤسسات، التي يمكن أن تقول: "لا للمفاوضات"، وتتمسك بالثوابت، مشيرًا إلى أن فصائل المقاومة لديها جاهزية للشروع في بناء هذا التحالف.
واستطرد هنية قائلًا: "بتنا مطالبين أن نتجاوز التشخيص على أهميته، وتسليط الضوء على المخاطر والسلبيات الكارثية على القضية؛ إلى امتلاك زمام المبادرة باتجاه الإجراءات العملية، سواء في بناء تحالفات وطنية، أم تفعيل المقاومة ضد الاحتلال، واستعادة ربط الأمة بالقضية بالرغم من انشغالها؛ بالنظر إلى أنها قضية مركزية".
من جهة أخرى قال هنية: "إن قطاع غزة تمر عليه ذكرى تحريره الثامنة من الاحتلال، التي تثبت أن المقاومة هي الكفيلة بتحرير الأرض لا المفاوضات"، مؤكدًا استمرار "حماس" والمقاومة على هذا النهج حتى تحرير فلسطين.
ووجه التحية إلى الأسير المضرب عن الطعام ضرار أبو سيسي، مؤكدًا وقوف حكومته وتبنيها قضيته بشكل كامل، ووجه التحية إلى شهيد مدينة جنين، وجرحاها الذين أصيبوا برصاص الاحتلال أول أمس، مشددًا على أن ذلك دليل واضح على عدم عبء الاحتلال بالمفاوضات الجارية.
وفي سياق آخر، جدد هنية تأكيده عدم تدخل الفلسطينيين بشأن مصر الداخلي، ولا بمدينة رفح أو سيناء، منتقدًا استمرار الحملة الإعلامية الظالمة، المشيرة بإصبع الاتهام إلى غزة في هذا السياق، لافتًا إلى أن بعض الأخبار ادعت أن 70% ممن وصفتهم بالإرهابيين الذين يسقطون في سيناء من أبناء غزة.
وأضاف: "إن كل ذلك هو محض فبركات وشائعات وأكاذيب لا أساس لها من الصحة، تستهدف إقحام غزة في المشهد المصري؛ لتسويغ سياسات مستقبلية تجاه غزة والقضية"، مطالبًا عقلاء مصر وأصحاب الضمائر أن يضعوا حدًّا لهذه الادعاءات الظالمة، ووجه التحية إلى شهداء مصر وجرحاها ومعتقليها، مؤكدًا التضامن الكامل مع مصر والشرعية.
بدوره قال النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي د.أحمد بحر: "إن استئناف المفاوضات مع الاحتلال بعد عشرين عامًا من الفشل والتراجع يعد ستارًا سياسيًّا جديدًا لتصفية القضية الفلسطينية، وتفريطًا بالقدس وحق العودة، وضوءًا أخضر لاستمرار الاستيطان، والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية".
وأضاف: "إن المفاوضات تعد تهالكًا في خدمة الاحتلال، وتماديًا في التخابر معه، عبر التنسيق الأمني، والتبادل الوظيفي، وإسباغًا لملاحقة المقاومة وتجريد سلاحها، واستجابة واضحة للإملاءات الأمريكية".
وأكد أن العودة للمفاوضات من دون غطاء وطني حتى من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية "محكوم عليها بالفشل الذريع"، مطالبًا السلطة بالانسحاب الفوري من المفاوضات، ووقف التنسيق الأمني "احترامًا للشعب والشهداء والأسرى"، وإطلاق يد المقاومة، وتنفيذ المصالحة الوطنية.
من جهة ثانية، عزى بحر بارتقاء الآلاف من الشهداء وتمنى الشفاء للجرحى من الشعب المصري، مضيفًا: "نعبر عن استهجاننا للمجازر البشعة التي قضى فيها الأبرياء، كقتل السجناء في سجن أبو زعبل، وقتل الجنود برفح"، مطالبًا مجلس الأمن بتشكيل لجنة للتحقيق في ذلك.
ورأى أن ما يجري بمصر في مصلحة المشروع الصهيوني، وأنه مخطط لعزل مصر وإبعادها عن دورها الريادي، ومؤامرة إسرائيلية أمريكية أخرى على المشروع الإسلامي الذي فاز رواده في مصر بانتخابات حرة عبر صناديق الاقتراع.
إلى ذلك، أكد رئيس اللجنة السياسية بالتشريعي د.محمود الزهار أن المفاوضات تعود وفقًا لشروط الاحتلال بعد تخلي السلطة عن شروطها، وأن حكومة الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية هما مرجعية هذه المفاوضات، على مبدأ التنازل والتساوق مع شروطهما "المهينة والمذلة".
وأضاف الزهار: "إن المفاوضات تجري دون تفويض فلسطيني حقيقي رسمي أو شعبي، وفي ظل عدم إجماع وطني، ودون النظر إلى الموقف الشعبي والفصائلي"، مشددًا على أن المفاوضات تعمل على تفتيت الأرض الفلسطينية، واعتراف بيهودية "دولة" الاحتلال.
ورأى أن العودة إلى المفاوضات ترسخ الجدار الحالي الذي يقتطع أكثر من 10% من الضفة، ويلغي حق عودة أي فلسطيني إلى أرضه إلا بشروط، ويعطي حق إقامة اليهود في الضفة الغربية.
وشدد الزهار على أن ما يترتب أيضًا على المفاوضات هو تقديم التنازلات، والمس بحقوق الشعب الفلسطيني وثوابته، ومن جهة أخرى تكريس حالة الانقسام، والإضرار بجهود المصالحة الوطنية، وتشكيل غطاء للاستيطان والتهويد.
ودعا بتوصية تقريره جميع القوى السياسية والفصائل إلى إصدار موقف موحد رافض لنهج المفاوضات والتفريط، ومؤكد لثوابت الشعب الفلسطيني، ودعا الفصائل المنضوية تحت منظمة التحرير للانسحاب مما يسمى اللجنة التنفيذية، وإلى تعرية قرار العودة إلى التفاوض.
وطالب جميع القوى السياسية والفصائل بمراجعة سياسية وفكرية جادة لعملية التفاوض؛ حتى لا تكون غطاء لممارسات الاستيطان والتهويد، وإعطاء الأولوية لإعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وتحقيق مصالحه الوطنية.
وبين أن اللجنة السياسية بالمجلس التشريعي تؤكد رفضها عودة السلطة بأي شكلٍ إلى المفاوضات، التي ذهب إليها دون التفويض الشعبي والوطني، ودون الإجماع الوطني الفلسطيني، وتحذر من نتائج السير في مسار المفاوضات الحالي، إلى جانب أنها ترفض ما اتفق عليه بين "عباس" و"كيري".
وحمل الزهار حركة "فتح" ومن يقف مع المفاوضات "المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة"، مشددًا على أن الثوابت "ليست لعبة في يد فصيل أو سلطة أو حكومة أو جيل بكامله"، داعيًا جامعة الدول العربية لتحمل مسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية، وسحب غطائها للمفاوضات.
وفي السياق قال النائب إسماعيل الأشقر: "إن المفاوضات الجارية لا تستند إلى أي غطاء وطني، وإن رئيس السلطة عباس لا يمثل إلا نفسه"، مشددًا على أن ما يتم بالمفاوضات غير ملزم للشعب الفلسطيني، واصفًا المفاوضات بـ"الجريمة المركبة" التي ترتكب بحق الفلسطينيين.
أما النائب هدى نعيم فشددت على ضرورة تشكيل الفصائل والشخصيات والمؤسسات جبهة رفض فلسطينية للمفاوضات، والعمل عبر العلاقات الدبلوماسية لتعرية موقف السلطة وكشف حقيقة رفض الفلسطينيين للمفاوضات.
وأكد النائب يحيى موسى أن التفاوض يصب في المصلحة "الصهيو أمريكية"، ونقطة نحو "تبريد" الساحة العربية التي تمر بأكبر حالة تآمر دولي على ثوراتها الوليدة، داعيًا إلى أكبر اصطفاف وطني لرفض مشروع التفاوض.
أما النائب محمد فرج الغول فقد بين أن رئيس السلطة لا يملك الصلاحية الشعبية والقانونية حتى يخول أي تحرك باسم الشعب الفلسطيني، داعيًا إلى إضافة توصية بتحميل "عباس" وسلطته المسؤولية عن تفريطه بحقوق الفلسطينيين، ومخالفته للقوانين.
وأبدى النائب يونس الأسطل عدم استغرابه من استئناف السلطة للمفاوضات؛ لأنها الأساس الذي قامت عليه، وتساءل النائب مروان أبو راس عن مكان القضية من المفاوضات، مجيبًا بأنها تم القفز عنها بالاتفاق والرضا بين الجانبين، إلى جانب أن السلطة قبضت ثمن التفاوض ماديًّا عبر الدعم الأمريكي.
وشدد النواب: يونس أبو دقة، ومشير المصري، وسالم سلامة على خطورة المفاوضات، وما يمكن أن تنطلي عليه من نتائج تمس بثوابت الشعب الفلسطيني، وأنها تشكل عودة عن الإجماع الوطني، داعين لتشكيل تحالف وطني ضد هذه المفاوضات.
بدوره دعا النائب صلاح البردويل إلى التنبه إلى خدعة سياسية تمارسها "فتح" في الساحة، في الوقت الحالي، تتمثل في وضع فرز سياسي بين "الوطني" ومن يقف مع جماعة الإخوان المسلمين، مبينًا أن ذلك للتغطية على جريمة المفاوضات.
وأضاف: "إن هذه اللعبة لعبة خطيرة، واللعب على هذا الوتر هم أقل منه بكثير؛ فالمشروع الإسلامي لن يهزم في غزة ولا في غيرها"، داعيًا إلى التوصية بتشكيل تحالف وطني مجابه للمفاوضات يمثل الكل الفلسطيني.
وطالب النائب خليل الحية الفصائل وفتح بالتخلص من قضية المناكفات السياسية؛ لخطورة المرحلة التي يمر بها المشروع الفلسطيني، والمتمثلة بغياب المرجعيات والضمانات واختلال الموازين، ودعا لحملة مليونية لتوقيع وثائق ترفض المفاوضات، وتدعو للتمسك بالثوابت.