خبر اسلاميو الخليج يفترقون عن انظمتهم بسبب تأييدها الحملة على « الاخوان »

الساعة 05:25 م|19 أغسطس 2013

وكالات

نشرت مجلة "فورين بوليسي" الاميركية على موقعها في الانترنت اليوم الثلاثاء تقريراً عن ردود افعال القوى الاسلامية في منطقة الخليج العربي تجاه ما تشهده مصر من صراع بين الحكومة الموقتة المدعومة من القوات المسلحة والجماعات الاسلامية بقيادة "الاخوان المسلمين". ويقول كاتب التقرير مارك لينش ان اسلاميي الخليج ينتقدون حكومات بلدانهم على تأييدها للحكومة المصرية الموقتة في حملتها ضد "الاخوان". وهنا نص التقرير:

"اصدر العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز تأييداً قوياً بسرعة غير معتادة للحملة العسكرية المصرية على اعتصامات "الاخوان المسلمين"، داعياً جميع العرب الى التوحد وراء حملة على الارهاب، والتحريض والفوضى. وسارعت البحرين، والكويت والامارات العربية المتحدة الى تأييد موقفه. ولكن عدداً كبيراً من اكثر الشخصيات الاسلامية السعودية والكويتية شعبيةً ونفوذاً اعربت عن اختلافها مع هذا الموقف باصرار وعلناً. وسرعان ما ظهرت تغريدة "هاشتاغ" شعبية على تويتر تقول: "خطاب الملك عبد الله لا يمثلني".

هناك بالطبع تاريخ طويل من تحدي الاسلاميين للسياسة الرسمية في المملكة العربية السعودية والكويت. ولكن حتى لو تلاشت الضجة بسرعة او تم استيعابها في المشهد السياسي كالمعتاد، خصوصاً اذا خمد العنف في مصر، فانه يجدر الانتباه الى الانقسام العلني الحاد والمتنامي بين تلك الشخصيات الاسلامية والسياسة الرسمية بشأن مصر. ويمكن ان يظهر تأثير ذلك باقوى صوره، حتى اكثر من انعكاسه على المشهد السياسي الداخلي، في سوريا – حيث ما زالت نفس الاصوات التي تنتقد الآن الدعم لحملة مصر في طليعة تعبئة التأييد العام للمعارضة السورية.

وجاء اكثر ردود الافعال علنيةً حتى الآن من الامير السعودي الوليد بن طلال باقالته المفاجئة للشخصية الكويتية الشعبية طارق السويدان من تلفزيون "الرسالة" بسبب تأييده لـ"الاخوان المسلمين" وانتقاده لـ"الانقلاب المصري". ونشر الوليد رسالة اقالته للسويدان على تويتر، معلناً بايجاز ان "لا مكان لاي عضو في الاخوان المسلمين في مجموعتنا"، وشارحاً ان السويدان "اعترف بعضويته في حركة الاخوان المسلمين الارهابية".

وكان السويدان جهوري الصوت في انتقاده للحملة، ولكنه لم يكن وحده في ذلك. ذلك ان التنديد بالحملة المصرية وبالتأييد الخليجي الرسمي تمتد الى شبكات وشخصيات اسلامية متعددة. اذ قال الكويتي البارز ذو الشعبية نبيل العوضي، على سبيل المثال، بغضب: "ان دم الابرياء يسيل في مصر...القتلة يطلقون رصاصهم من دون رحمة ويحاصرون المساجد ويحرقونها...ويريدون منكم ايها المسلمون ان تنظروا بصمت!". وعندما نشر السعودي عبد العزيز طريفي تغريدة تويتر قائلاً ان "ما يحدث في مصر هو حرب على الاسلام"، تلقى 1584 تغريدة في 24 دقيقة.

عندما بدأتُ ارسال تغريدات عن ردود الافعال هذه، احالني كثير من السعوديين بسرعة الى محمد بن ناصر السحيباني. وكان السحيباني قد القى خطبةً في المسجد النبوي في المدينة ندد فيها بالحملة، قائلاً ان من يؤيدون "الانقلاب" اياً كانوا يتحملون المسؤولية عن سفك الدماء وعليهم لعنة الله. واجتذب الفيديو الذي رفع على يوتيوب مئات آلاف المشاهدات. وولدت ازاحته السريعة تغريدة شعبية سريعة على تويتر دفاعاً عنه اذ قالت: ("الشيخ السحيباني يمثلني") – مرددة صدى الـ"هاشتاغ" القائلة "الملك عبد الله لا يمثلني".

قلة هم الذين كانوا اكثر جهراً من الاسلامي السعودي الواسع النفوذ سليمان العودة الذي نشر تغريدة على تويتر بالانكليزية قائلاً: "ان كل من يساعد قاتلاً – سواء بالكلمة، او الفعل، او الدعم المالي، او حتى لفتة تأييد – هو متواطىء. وكل من يبقى صامتاً في وجه القتل ليحمي مصالحه الخاصة هو مساعد على ارتكاب الجريمة". وكان من الصعب الا يرى المرء المضامين بالنسبة الى الموقف السعودي الرسمي الذي بدا محاطاً بعشرات التغريدات بالعربية التي تلوم الجيش المصري على "الجرائم" المذكورة. وقال: "كان من الواضح من هم الذين يقودون مصر الى دمارها خوفاً على انفسهم. انني مع اولئك الذين تسفك دماؤهم وضد اولئك الذين يقومون بقتل الناس بعمى".

ويبدو ذلك متسقاً مع اكثر ردود الفعل شعبيةً في اوساط الاسلاميين المسيسين في الخليج. والامثلة كثيرة. وقد اعلن ابراهيم درويش في فيديو رفع قبل يومين جام غضبه على "الجريمة الوحشية" المتمثلة في قتل المسلمين للمسلمين. واشتكى الاستاذ الجامعي السعودي عبد العزيز العبد اللطيف يوم 16 آب (اغسطس) من التسميات الرسمية متسائلاً كيف يمكن "اعتبار ان التأييد للانقلاب وتمويل السفاحين والخونة ليس فتنة، واعتبار ان الفتنة هي المطالبة بحقوق المضطهدين؟". واعلن اسلامي شعبي بارز آخر هو حجاج العجمي ان "لا شك في ان انظمة الحكم الخليجية التي تشارك في سفك دماء المصريين تستحق لعنة الله". وكان آخرون اكثر حذراً في انتقادهم، او ركزوا على ضرورة تجنب سفك الدماء، ولكن مشاعرهم بدت واضحة. اذ اعلن محمد العريف يوم 15 آب (اغسطس) انه "مع مصر في قلبي وموقفي وموعظتي"، داعياً المصريين الى "تجنب العنف، والمحافظة على الهدوء، وعدم غسل الدماء بالدماء". اما عايض القرني فناشد جميع الاطراف ضبط النفس".

وقد يحمل هذا الغضب الشعبي الاسلامي القوي تجاه السياسة الرسمية بالنسبة لمصر تداعيات سياسية محلية، على الاقل في الهوامش. وكان تأييد شبكات "الصحوة" الاسلامية جزءا رئيسيا من استراتيجية البقاء السعودية في الايام الاولى من الانتفاضات العربية. غير ان اشخاصاً من كبار الشخصيات في "الصحوة" من امثال سلمان العودة يوجهون انتقادات متزايدة، من قبيل في رسالته المفتوحة اللاذعة التي نشرت في آذار (مارس) بشأن الحاجة لاصلاح سياسي. وقد يتسبب الحوار حول مصر في اتساع المسافة بينهم. وكما حدث في الكويت، فان انتقاد الشأن المصري يصب في بوتقة ازمتها السياسية المزمنة، ويحتمل الا يؤدي ذلك الا الى تكثيف الاستقطاب الحالي. وبعد قيام حركات معارضة، من بينها الحركة الدستورية الاسلامية، بتنظيم مظاهرة احتجاج خارج مبنى السفارة المصرية، حذر احد كبار السياسيين الموالين للحكومة من اي دليل على اختراق الاخوان المسلمين المصريين لها. الا انه لا يحتمل ان يؤدي اي من هذا الى انتفاضة او ما يماثلها، لكنه يدفع الانظمة الملكية الى اتخاذ موقف دفاعي غير معتاد.