خبر فيلا في ظروف مقيِّدة -يديعوت

الساعة 08:10 ص|19 أغسطس 2013

فيلا في ظروف مقيِّدة -يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع

        (المضمون: تعد اسرائيل نفسها فيلا في غابة لكن هذا لا يعفيها من المسؤولية في منطقة الشرق الاوسط لأن القوانين التي تنطبق على الشرق الاوسط قد لا تنطبق على فيلا اسرائيل - المصدر).

        إن الكثرة الغالبة من الاسرائيليين من اليهود والعرب على السواء يتابعون بأسى وقلق ما يجري في مصر: أما الأسى فلموت مواطنين أبرياء وبسبب الجنون في الشوارع وبسبب الانهيار العام؛ وأما القلق فبسبب الحدود المشتركة وبسبب اتفاق السلام وبسبب الأهمية الاستراتيجية العظيمة لمصر باعتبارها دولة قوية ومستقرة تكف توجهات متطرفة في العالم العربي.

        هناك من لا يكفيهم الأسى والقلق. إن الاحداث في مصر مثل كل كارثة تقع للآخرين تستدعي شيئا قليلا وربما أكثر من شيء قليل من الرضى عن الذات. يقول الساسة انه لا يمكن عندنا ان يحدث أبدا ما يحدث الآن في مصر وسوريا؛ فنحن مختلفون: نحن دولة قانون؛ ونحن ديمقراطيون ونحن غربيون. ونحن ننتمي للشرق الاوسط فقط بسبب خطأ في التوجيه من سيدنا موسى. فلنا فيه قطعة ارض لكن لسنا مشاركين فيه.

        إن الايام التي كان أناس "هشومير" يلبسون فيها كوفية وعقالا وحزاما من الرصاص في محاولة تقليد لجيرانهم العرب إنقضت ولن تعود. فلم يعد في اسرائيل طلب لهذا الفلوكلور ربما اذا استثنينا فقط عددا من المستوطنين في جنوب جبل الخليل يؤمنون بأنهم حينما يلبسون لباسا عربيا تقليديا ويُربون الماعز يعودون الى ايام الكتاب المقدس. إن عيون الاسرائيليين تتطلع الى الغرب (في الخير والشر)، الى الولايات المتحدة والى غرب اوروبا. فمن هناك يأتي مصدر عيشهم وثقافتهم ومستقبلهم.

        أجل حُكم علينا كما يبدو بأن نكون فيلا في غابة. وكان اهود باراك الذي أوجد هذه المقولة اللاذعة يعني ان للغابة قواعد خاصة قاسية وخطيرة والويل لمن لا يحمي نفسه منها. وكان على حق كما يبدو. لكن ما لم يقله باراك هو أن للفيلا ايضا قوانين خاصة، وإنه توجد قيود وتوجد توقعات. إن نادي أصحاب الفيلات العالمي يمكن أن يكون قاسيا جدا على أصحاب فيلات أُصيبوا بحمى الغابة.

        يهتم صاحب الفيلا الذكي بحماية نفسه من التهديد الخارجي، ويهتم في مقابل ذلك بالبيت في الداخل. فهو لا يستوطن بيوت الغرباء: قبل 200 أو 300 سنة كانت هذه العادة بدعة رائجة ولم تعد موجودة. وهو لا يميز أوساط السكان بحسب أصولها: فهذه العادة فقدت سحرها ايضا على مر السنين؛ وهو يهتم بكف جماح جشع الأغنياء ويرعى الطبقة الوسطى التي هي العمود الفقري للمجتمع؛ وهو يحافظ أقوى حفاظ على قواعد اللعبة الديمقراطية وعلى حقوق الأقلية وعلى حرية التعبير.

        إن صاحب الفيلا الذكي يستخلص العبرة مما حدث لجنوب افريقيا الأبيض الذي كان أم الفيلات في الغابة، وكان دولة زاهرة وناجحة وغنية بالمناجم وبالانتاج الزراعي وبالقوة العاملة الرخيصة وبالسلاح استهانت بالعالم ومضت في طريقها وآنذاك قوطعت وانهارت.

        ويدرك صاحب الفيلا الذكي أن نادي أصحاب الفيلات الذي يريد الانتساب اليه فقد شيئا من قوته. فاوروبا في صعاب اقتصادية وسكانية وهي منقسمة متشاحنة؛ والولايات المتحدة تنطوي الى الداخل. ويختار رئيسها كما اعترف بنفسه ان يقود من الخلف. إن امريكا (وأنا أقتبس هنا من كلام أحد كبار مسؤولي جهاز الامن في اسرائيل) استقالت في وقت مبكر جدا عملها بصفتها زعيمة العالم الحر: فالعالم غير مستعد الى الآن.

        إن الضعف المتعمد للسياسة الخارجية الامريكية يجبي أثمانا. فكلما استمرت الحرب الأهلية في سوريا زاد خطر ان تُحسم آخر الامر بانتصار المحور الايراني أو بانتصار عصابات مسلحة ارهابية اسلامية. وكلما استمر الصراع الداخلي في مصر زاد خطر ان ينتهي الى حمام دم والى فوضى والى سيطرة عناصر ارهابية على سيناء. وايران في آخر الامر: إن سؤال كيف سيعامل اوباما ايران ما زال بلا جواب. ومع ذلك فان احتمال ان يأمر بضربة رادعة للمشروع الذري الايراني أو يؤيد ضربة رادعة اسرائيلية، غير كبير.

        لكن لا يجوز أن نُبلبل: فالضغط الذي يُظهره الغرب في مواجهة التطورات في المنطقة لا يشمل اسرائيل بالضرورة لأن اسرائيل شأن مختلف: فهي فيلا وليست غابة. ولا يُحتاج الى ارسال طائرات لفرض حصار عليها بل يكفي تهديد مؤسسات البحث وصناعة الهاي تيك ومكانة اسرائيل في المؤسسات الدولية. بنت اسرائيل فيلا فخمة مع بركة سباحة جميلة بجانبها. لكن هذا لا يعني أنها تستطيع ان تُبيح لنفسها اطلاق سوائل (أن تبول) من مكان القفز.