خبر لعبة نهايتها الصفر- معاريف

الساعة 08:14 ص|18 أغسطس 2013

بقلم: د. ميرا تسوريف*

مستوى الدماء ارتفع في نهاية الاسبوع غير أن هذه المرة كانت ساحقة المعركة مثابة ارتفاع درجة هي الاخرى: اعضاء الاخوان المسلمين ومؤيدوهم استبدلوا ميادني رابعة العدوية والنهضة بمسجد الفتح في ميدان رمسيس. المسجد الاسلامي، الذي يجمع في الايام العادية المؤمنين في صلاة الجمعة، اصبح مخزن سلاح وساحة قتال بين مؤيدي الرئيس المعزول وبين الجيش المصري، بجنوده وضباطه.

الفكر الذي قبع في أساس التمترس في المسجد كان على نحو شبه مؤكد هو أن قوات الجيش ستجد صعوبة في الحفاظ على وحدة الصف ما أن تنتقل ساحة القتال الى المسجد، وذلك لان المتدينين من بين لابسي البزات، كما أمل المتظاهرون، سيترددون بل وربما سيرفضون المس برجال الاخوان المسلمين في أرض تعتبر مقدسة، حيث يحرم فيها سفك الدماء تماما.

ولكن تبين أن الحزم والعزم لدى الجيش لم يتضررا. فالجنود والضباط اقتحموا المسجد، ردوا بالنار على مطلقي النار، اعتقلوا مئات من مؤيدي الحركة وصادروا مخزونات السلاح. واضافة الى ذلك، فان مؤيدي الجيش من بين جبهة الانقاذ الوطني وحركة الشباب تمرد ساندوا المقاتلين في مظاهرات تأييد.

يبدو أن الطرفين مصممان على عدم التنازل. الاخوان، من جهتهم، لا يعتزمون، صحيح حتى الان هجر الميادين والمساجد الى ان تلبى مطالبهم في تحرير مرسي واعادته الى كرسي الرئاسة، وكذا تحرير كبار رجالات الحركة ممن اعتقلوا منذ أحداث 30 حزيران. نهج "عليّ وعلى اعدائي يا رب" هذا من شأنه أن يشطب تماما انجازات الحركة، التي حققتها على مدى 80 سنة من وجودها وذلك لان الشعب المصري لن يغفر المس الشديد بالتكافل والتضامن اللذين تميز بهما.

هذه الحركة الشعبية، التي كانت مغروسة عميقا في قلوب ملايين المصريين ستفقد بالتدريج وعلى نحو مستمر قدرتها على اعادة البناء السياسي، وتطلعاتها – في أن تكون شريكا فاعلا في اللعبة السياسية – ستصبح غير ممكنة على نحو ظاهر. وفضلا عن ذلك، فان استمرار الاعتصام في الميادين وفي المساجد من شأنه أن يؤدي الى شروخ وانشقاقات في الحركة ويمزق تكتلها الى من يؤيد السير حتى النهاية المريرة ومن يعتقد أنه يجب التسليم بالواقع، باخلاء الميادين والعودة الى البيوت لغرض المراجعة الداخلية العسيرة. مؤشرات أولية على هذه المسيرة بدأت تظهر في تموز الماضي، مع انسحاب نحو 500 شاب من الحركة، ممن يرون أنفسهم اصلاحيين ويسمون أنفسهم "اخوان بلا عنف".

اما الجيش من جهته، فقد أبدى على مدى الاسبوع الماضي حزما في تطهير الميادين من نزلائها من مؤيدي الاخوان. وأجاد في التعبير عن ذلك وزير الخارجية المصري، نبيل فهمي الذي ادعى بانه "على الرغم من أن للمتظاهرين الحق في الاحتشاد في الميدان والتظاهر فواضح أن الاحتجاج لا يمكنه أن يستمر الى ما لا نهاية. فالقانون والنظام يجب ان يحفظا ولسكان المدينة الحق في ان يصلوا الى بيوتهم واماكن عملهم.كل عمل يتخذ سيتم حسب القانون".

ولكن اعلان المسؤولين في الحكومة الانتقالية بوجوب شطب حركة الاخوان المسلمين من الخريطة السياسية دون عودة ليس فيه ما يجلب الى الميادين الهدوء والحياة العادية التي تحتاجها مصر. يجدر التشديد على أن اعادة النظام والامن الى المدن حتى بثمن حمام دماء مكثف لن تؤدي بالضرورة الى اختفاء حركة الاخوان المسلمين عن الخريطة السياسية. وعليه، فان اللعبة التي نهايتها الصفر والتي يلعبها الطرفان من شأنها أن تدهور مصر عميقا الى الهاوية التي تقف على اي حال على شفاها.