خبر نشوى السلام التي لم تكن.. معاريف

الساعة 08:43 ص|16 أغسطس 2013

بقلم: أمنون لورد

(المضمون: استطلاع "مأجار محوت" بناء على طلب "معاريف" يبين وضوح صورة الرأي العام السلبية بالنسبة لكل ما ومن يرتبط بالمسيرة السياسية - المصدر).

بعد 20 سنة من التوقيع على اتفاق اوسلو، يبدو أن الجمهور الاسرائيلي استوعب جوهر المسيرة: معركة في الساحة السياسية ضد دولة اسرائيل. الى اي حد ضد؟ يمكن أن نسأل كاترين اشتون أو جون كيري أو الرئيس أوباما أو ابو مازن. كلهم يستغلون الاطر السياسية والدبلوماسية لقمع اسرائيل وفرض خطوات على حكومتها لم تدرج دولة سيادية لشعب حر على القيام بها.

ماذا يعني هذا بالارقام؟ 57 في المائة يقولون اليوم ان اتفاقات اوسلو أضرت بدولة اسرائيل. 20 في المائة فقط يقولون ان اوسلو لم يغير شيئا. والمعطى الاكثر دراماتيكية: 53 في المائة يعارضون اليوم انسحابا من المناطق في يهودا والسامرة مقابل الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية والتنازل عن حق العودة. 39 في المائة فقط يؤيدون. وذلك رغم حقيقة أنه في اغلبية الاستطلاعات قيل أنه توجد أغلبية مستعدة لقبول دولة فلسطينية.

يبدو ان المعنى الحقيقي لضياع السيطرة في يهودا والسامرة واضح اليوم للاسرائيليين. فما عليهم الا ان يفتحوا التلفزيون ليروا ما يحصل في دمشق، في طرابلس، في القاهرة وفي بغداد. يبدو أن كل التهديدات بالعزلة السياسية تخيفهم أقل من صواريخ كتف على الطائرات التي تقلع من مطار بن غوريون وعلى تلك التي تهبط في ايلات. ولتعزيز هذه المعطيات: في أوساط مصوتي احزاب الوسط ايضا – يوجد مستقبل، كديما والحركة – توجد معارضة شديدة للتنازلات مقابل الاعتراف الفلسطيني: 41 في المائة منهم يعارضون.

يمكن ان نضيف للتفسير المحيطي لاشتعال "الصيف العربي" أيضا تحرير المخربين الاكراهي. لا ريب أن الخطوة تثير غضبا عاما وشكلت كأسا ساما لكل من كان لا يزال يؤمن بامكانية السلام. جون كيري، الذي يتحمل المسؤولية، اصبح مع كاترين أشتون شخصية محتقرة حتى النبذ في نظر العديد من الاسرائيليين. وتتجه شدة الغضب نحوهما – وبقدر اقل بكثير نحو رئيس الوزراء نتنياهو. فلديه 20 شريكا آخر.

كاتبو تاريخ اوسلو سيفاجأون حين سيتبين لهم بان معطيات "جدول السلام" التي ترافق المسيرة منذ 1994، تدل على أن التشاؤم بدأ بعد أقل من سنة من التوقيع على الاتفاق. في كانون الاول 1994 بلغ البروفيسوران ايفي ياعر وتمار هيرمان بان 49 في المائة خائبو الامل او خائبو الامل جدا من المسيرة السلمية. 47 في المائة ادعوا منذئذ بانه يوجد تدهور في الامن. وعندما تركزت المسألة على مقاييس "الامن الشخصي"، كان رأي 55 في المائة بان التهديد اشتد فقط. قرابة 70 في المائة اعتقدوا في حينه بان المسيرة ستؤدي الى اقامة دولة فلسطينية. ولم يقدروا بان ليس للفلسطينيين مصلحة في ذلك. فمعظمهم على ما يبدو يفهمون اليوم بان الفلسطينيين – أو على الاقل نخبتهم السياسية – يركزون على الكفاح السياسي ضد اسرائيل، فيما يتركون كل ما يتعلق بادارة الدولة لليهود.

لم يسبق أبدا ان كانت ذات مرة "نشوى سلام". 48 في المائة فقط واصلوا تأييد اتفاق اوسلو في السنة الاولى بعد التوقيع عليه. وبعد اكثر من سنتين بقليل، عشية اغتيال اسحق رابين، كان التأييد الجماهيري لرئيس الوزراء متدنيا للغاية – 42 في المائة فقط. هذه هي الارقام. وهذا ليس "معهد استطلاعات يميني ما"، بل مشروع مشترك لجامعة تل أبيب وللمعهد الاسرائيلي للديمقراطية. مدى الثقة برئيس المعارضة – بنيامين نتنياهو، كان في حينه 35 في المائة. وقد كان بيبي ينفخ في قذالة رئيس الوزراء رابين.

اغتيال رئيس الوزراء حسن جدا "معطيات السلام"، ولكنه خلق البنية السياسية والايديولوجية لحملة قمع معارضي اوسلو. 65 ونصف في المائة من الجمهور قالوا في تشرين الثاني 95 ان عددا اكبر من الناس سيؤيدون السلام الان. انعطافة جد دراماتيكية، ولكنها كانت مثلما تبين في غضون نحو نصف سنة – مؤقتة فقط. وبالمقابل كانت في حينه معطيات مخيفة بشأن القيود على الديمقراطية أيدها معظم الجمهور في اعقاب الاغتيال: فمثلا، ايد 53 في المائة فرض الرقابة المتشددة على وسائل الاعلام. 77 في المائة ايدوا الرقابة على اليافطات في الساحات، 71 في المائة قالوا انه يجب منع "حركات متطرفة" من التظاهر. 64.5 في المائة ايدوا تشديد العقوبات على من يعبرون عن ارائهم ضد قانونية قرارات الحكومة والاغلبية في الكنيست.

الصدمات الداخلية في المجتمع الاسرائيلي مثل حرب الارهاب بين 2000 و 2004، حرب لبنان الثانية وحملتي "رصاص مصبوب" و "عمود السحاب" – مع فك ارتباط ما في الوسط  - كل هذه جعلت السلام كلمة فظة، فظة اوريالية، في الوعي العام. في الدولة الديمقراطية لا يمكن تحريك خطوات بعيدة الاثر في اي مجال دون تأييد بحجم معقول للرأي العام. استطلاع "مأجار محوت" بناء على طلب "معاريف" يبين وضوح صورة الرأي العام السلبية بالنسبة لكل ما ومن يرتبط بالمسيرة السياسية.