خبر تفاوض من الولادة... يديعوت

الساعة 08:42 ص|16 أغسطس 2013

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: الاتحاد الاوروبي غير مستعد للرجوع عن توجيهاته المتعلقة بالمقاطعة مع المستوطنات وراء الخط الاخضر - المصدر).

لم يكن هناك احتفال كبير في بدء المحادثات من جديد بين الاسرائيليين والفلسطينيين أول أمس، وقد مثل اسرائيل تسيبي لفني والمحامي اسحق مولخو والذي عمله ان يحترس من ألا تنحرف لفني عن الخط الذي حدده نتنياهو لها؛ وأما فلسطين فمثلها صائب عريقات ومحمد اشتية الذي عمله ان يحترس من ألا ينحرف عريقات عن الخط الذي حدده له أبو مازن. يوجد توتر بين الفريقين ويوجد توتر في داخل الفريقين. ويتوسط بينهما الامريكي مارتن اينديك الباحث عن الخير والذي لا أوهام عنده.

في الماضي دخلت حكومات اسرائيل جولات محادثات كهذه وهي الجانب الأقوى. وقد قدر العالم حقيقة ان رئيس وزراء اسرائيل مستعد للتباحث مع الفلسطينيين بجدية وأدرك ان ذلك مقرون بثمن سياسي داخلي. إن البناء هو ملعقة السكر التي تُمكّن رئيس وزراء اسرائيل من ابتلاع الدواء المر.

ولهذا أغمض العالم عينه حينما وسعت اسرائيل البناء في المستوطنات بموازاة المحادثات. وكان أكبر المستوطنين بعد اتفاق اوسلو هو اسحق رابين. وكان يستطيع باراك ايضا ان يُبيح لنفسه إحلال المستوطنات وكذلك ايضا نتنياهو في ولايته الاولى وشارون واولمرت. فقد صدق الامريكيون أن غايتهم الاتفاق وعرفوا كيف يكفون جماح الاوروبيين.

لم يعد هذا موجودا. ستُنبئنا الايام هل يوجد هنا تصادف أم خطة منظمة يشترك فيها جون كيري وكاثرين آشتون وطوني بلير. وتتحدث الرواية الاوروبية الرسمية عن ضغط من اعضاء البرلمان الاوروبي وجمعيات حقوق الانسان دونما صلة بالتفاوض.

وُجد ضغط في الماضي ايضا لكنه تم كفه في أعلى ولم يعد ذلك موجودا هذه المرة. أعلن الاوروبيون قُبيل القرار الاسرائيلي على دخول المحادثات أنهم استقر رأيهم على تشديد مقاطعتهم لكل نشاط اسرائيلي وراء الخط الاخضر وفي ضمن ذلك الأحياء اليهودية في شرقي القدس. وكعادة هذه القرارات طورت حياة خاصة بها منذ اللحظة التي اتُخذت بها. فوافق نتنياهو على دخول محادثات – هناك من يقولون بسبب المقاطعة وهناك من يقولون برغم المقاطعة. ولم تُخفف الموافقة من حدة القرارات بل بالعكس إنها مسلولة مثل سيف صارم فوق التفاوض وستجعل اسرائيل تنزف طول الطريق كلها. وحينما أصدر نتنياهو الاعلان المتوقع بموجة جديدة من رخص البناء في الضفة، تلقى تنديدا شديد اللهجة من كيري ومن الاوروبيين.

يدفع نتنياهو الآن ثمنا عن سياسة غمز أسلافه وسياسته. ولا يستطيع من زعم أن حكم يتسهار كحكم رعنانا ان يرد بدهشة حينما يقول الاوروبيون ان حكم رمات اشكول كحكم يتسهار.

إن التباحث في الحكومة في المقاطعة الاوروبية كان مصابا بالغرور والغوغائية والجهل في الأساس. وقد أعلن نائب وزير الخارجية زئيف الكين ان شركة "تيفع" التي يقع مصنعها في "هار حوتسفيم" في القدس لن تستطيع ان تطلب قروضا وهبات بعد الآن من الاتحاد الاوروبي. إن جبل حوتسفيم جزء من دولة اسرائيل منذ 1948. وإن اعلان الكين أخاف 150 مصنعا تعمل في هار حوتسفيم وكلها في داخل مساحة اسرائيل. وقد قال الكين ما قال في سذاجة: فقد قال شخص ما ولا يذكر من هذا في احدى المباحثات وكرره بعده وطور الفكرة. ويقول في الدفاع عن نفسه إن عشرات الاشخاص وموظفين في الوزارات وخبراء ووزراء سمعوه يقول هذا الكلام ولم ينهض أحد لتصحيحه.

إن الحقيقة هي ان الحكومة قد وقعت على عدد من الاتفاقات الدولية التي تُفرق بين ارض اسرائيل والمناطق التي احتُلت في 1967 ومنها شرقي القدس والجولان اللذان ضُما الى اسرائيل رسميا. واتفاق الـ OECD، الذي تفخر حكومة اسرائيل به كثيرا يجعل الخط الاخضر شاذا، ومثله ايضا اتفاق صندوق البحث الاسرائيلي الامريكي وغير ذلك. إن 46 سنة جُهد لمحو الخط الاخضر أعطت علاماتها على الارض لكنها لم تنجح في محو الخط في النظام الدولي. وهو سيظهر كل مرة من جديد كالماء في الحولة في ظروف أقل إراحة.

بدأ أول أمس في تل ابيب التفاوض في ضم اسرائيل الى "هورايزون 2020" وهي خطة البحث الاوروبية. وكان الحوار تقنيا في مستوى منخفض. وستكون الجولة التالية في بروكسل في ايلول أهم. وفي نهاية آب سيلتقي وزراء الخارجية الاوروبيون وقد يصدر عنهم اعلان يُمكن نتنياهو من النزول عن الشجرة.

إن التقارير من سفارة اسرائيل بالقرب من مؤسسات الاتحاد الاوروبي في بروكسل تدل على خط متشدد جدا من قبل مستوى الموظفين. وقد التقى سفير اسرائيل دافيد فيلتسر مع هيلغا شميدت من المانيا وهي المديرة العامة لجهاز الخارجية الاوروبي واثنين من موظفيها. وكان اللقاء متوترا. وقد كتب بعد ذلك ان الاتحاد الاوروبي غير مستعد لتغيير التوجيهات. وهم في الاتحاد الاوروبي يدركون ان الاتفاق مشكوك فيه. ويوصي السفير بدخول التفاوض. واذا لم يحدث تصالح فان اسرائيل تستطيع ان تقول إنها حاولت على الأقل.

قد أكون مخطئا، لكن يُخيل إلي أنه يمكن ان نُهديء جأشه ونقول إن اسرائيل ستوقع على اتفاق البحث مع الاتحاد الاوروبي. فنتنياهو يدرك ان عدم التوقيع على الاتفاق يوقع بالبحث العلمي ضربة شديدة، ويعرضه على أنه فاشل نحو الداخل والخارج. وقد فهم جيدا تهديد جون كيري الذي حذره من حملة سلب شرعية ستتحرك "بالمنشطات".

إن رد الحكومة على التوجيهات الاوروبية يراوح بين اوشفيتس ولا شيء. وحينما نقرأ التوجيهات مع حروفها الصغيرة ندرك ان ضررها الرئيس هو على الخصوص بمصانع تطلب قروض تطوير، وهذا ضرر هامشي. فقروض البحث محصنة نسبيا. ويجب على الجامعات ان تلتزم بألا تستثمر اموال البحث وراء الخط الاخضر وهذا التزام تستطيع الوفاء به.

إن اعضاء الائتلاف الحكومي وطنيون غريبون. وتستطيع ميري ريغف أن تدعو الى نقاش عاجل في اللجنة الداخلية للكنيست لأنهم لم يُنشدوا نشيد "الأمل" في تدريب فريق برشلونة، لكن رفاقها سيتخلون بسهولة عن جبل في داخل القدس؛ والافراج عن القاتلين يقلقهم كسلاح دعائي فقط: ولهذا فسيُفرجون عنهم لكنهم سيفعلون ذلك تحت جنح الظلام، وكل ذلك ليكسبوا نشرة أخبار واحدة في التلفاز. وهم يبحثون عن محافظ للبنك المركزي لا يعيش هنا ويُعينون سفيرا في الولايات المتحدة لا يكاد يعيش هنا.

إن وطنيتهم الاسرائيلية ليست لها صلة باسرائيل ولا بعلمها ولا بزراعتها ولا باقتصادها ولا بالمجتمع. فهم لا يحبون الوطن بل يحبون خطبهم عن حب الوطن.