خبر ماذا يجب على « اسرائيل » ان تفعل بشأن اوروبا

الساعة 08:38 ص|16 أغسطس 2013

بقلم: دوري غولد

(المضمون: فرض الاتحاد الاوروبي عقوبات اقتصادية على دول عاصية كايران وكوريا الشمالية لكنه لا يسلك السلوك نفسه حينما يكون الحديث عن دول صديقة تُنازع دولا اخرى على مناطق. نظرة في سياسة اوروبا المنافقة في معاملتها لاسرائيل وراء الخط الاخضر - المصدر).

وردت في الشهر الاخير تقارير بتوسع عن توجيهات الاتحاد الاوروبي الجديدة التي قضت بأن هبات البحث والتطوير والاحسانات المالية الاخرى لن تُمنح لجهات اسرائيلية موجودة وراء خطوط 1967. وفي الاسبوع الماضي سُئل نائب وزير الخارجية زئيف الكين في الشبكة الثانية أتستطيع اسرائيل أن تجد تعاونا اقتصاديا بديلا مع الهند والصين. ويبدو ان فكرة وجود خيارات في الشرق الاقصى قد أُثيرت في أروقة الحكومة ايضا.

برغم ان ليس الحديث عن مقاطعة اوروبية لاسرائيل كما كان يمكن ان نستنتج من عناوين الصحف، فانه يوجد في اسرائيل خوف من الاتجاه الذي تبدو تباشيره. إن توجيهات الاتحاد على سبيل المثال قد تكون أساسا لمادة تتعلق بالاراضي يشتمل عليها كل اتفاق بين اسرائيل والاتحاد الاوروبي غايته ان يفرض على اسرائيل ان تعامل كل منطقة وراء خطوط 1967 على أنها ارض غير اسرائيلية ويشمل ذلك شرقي القدس والبلدة القديمة. وقد أصدر الاتحاد الاوروبي التوجيهات في الوقت الذي وافقت فيه اسرائيل على تنازلات مؤلمة اشتملت على افراج عن سجناء فلسطينيين لتحريك المسيرة السياسية. وأدى التوقيت الاوروبي الى ردود مُرة من ساسة كثيرين من أطراف القوس السياسية كلها. ولا ينبغي ان ننفي أنه سيكون لهذا الاجراء تأثيرات بعيدة الأمد في علاقات اسرائيل باوروبا.

إن التوجه الجديد من وجهة نظر خبراء بسياسة اوروبا التجارية مُغضب بصورة مميزة لأنه يقوم على سياسة تلون. فعلى سبيل المثال وقع الاتحاد الاوروبي في 2005 اتفاقا دوليا مع المغرب يُمكّن صيادي سمك اوروبيين من العمل في مياهه الاقليمية. ويوجد في الاتفاق أمر يبيح لصيادي السمك الاوروبيين ان يعملوا في مياه الصحراء الغربية، برغم ان المغرب قد ضمها بخطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي ومنه دول الاتحاد الاوروبي. والى ذلك قضت محكمة الجنايات الدولية في لاهاي في سنة 1975 بأنه ليس للمغرب أية سيادة قانونية على الصحراء الغربية.

إن صيد السمك عمل مربح سيكسب منه الغرب 40 مليون يورو على الأقل كل سنة من عائدات اوروبية. وقد هاجم هانس كورل الذي كان في الماضي المستشار القانوني للامم المتحدة الجهات الرسمية في الاتحاد الاوروبي التي أجازت الاتفاق. ويبرز النفاق في هذا الاتفاق بازاء القرار المضاد لاسرائيل الذي ورد فيه ان غاية السياسة هي "ضمان ان تُحترم مواقف الاتحاد الاوروبي والتزاماته بحسب القانون الدولي فيما يتعلق بعدم اعتراف الاتحاد الاوروبي بالسيادة الاسرائيلية على المناطق التي احتلتها اسرائيل منذ 1967". وفي حالة المغرب استقر رأي الاتحاد الاوروبي على التخلي عن تطبيق هذه السياسة.

مصلحة اوروبية اسرائيلية

هناك مثال آخر وهو انه في حين يعارض الاتحاد الاوروبي بشدة أي تأييد للوجود الاسرائيلي في الضفة الغربية بسبب مكانتها القانونية فانه لا يمنع المواطنين الاوروبيين من شراء بيوت استجمام في شمال قبرص وهي ارض متنازع عليها احتلتها تركيا في 1974. بل ان اوروبا لم تزن استعمال خطوات عقاب لتركيا وهي تؤيد حل النزاع دون استعمال أدوات الضغط التي تستعملها على اسرائيل.

ويُظهر تحليل التفاوض في اتفاقات التجارة الحرة بين الاتحاد الاوروبي والهند أنه لا يوجد شرط فحواه ان الاتفاقات لن تنطبق على المناطق التي يُختلف في السيادة الهندية عليها. وأفضى بحث قام به خبير باكستاني في القانون في هذا الشأن، أفضى به الى استنتاج ان اتفاقات التجارة الحرة مع دول اخرى "لا تفرض قيودا على مناطق جغرافية محددة متنازع عليها". وقد فرض الاتحاد الاوروبي في الحقيقة عقوبات اقتصادية على دول عاصية مثل ايران وكوريا الشمالية، لكنه لا يسلك السلوك نفسه حينما يكون الحديث عن دول صديقة لها نزاعات مناطقية. أي ان صورة نظر اوروبا لنزاعات مناطقية اخرى تسوغ بيقين الغضب في اسرائيل للسياسة الجديدة الموجهة عليها. وبرغم ذلك فان لاسرائيل وسائل لتُقرب بينها وبين اوروبا. قال أحد مستشارة المانيا انجيلا ميركل لصحيفة "جيروزاليم بوست" في الشهر الماضي إن التعاون مع اسرائيل في مجال البحث والتطوير في اطار الخطة الاوروبية "أفق 2020" هو مصلحة اوروبية لا اسرائيلية فقط. وإن خلفية الخطة الاوروبية للتعاون مع اسرائيل هي احتياج اوروبا الى تقوية منافستها في الاسواق الدولية باعتبار ذلك جزءً من جهودها لزيادة عدد اماكن العمل في القارة الاوروبية. وليس الحديث عن هبات اوروبية خالصة بل عن خطة مشتركة تحصل في اطارها اسرائيل على 1.6  يورو في مقابل كل يورو تحوله هي نفسها. وقد اعترف خبراء الاقتصاد منذ زمن بأن الصناعات التي تعتمد على المعلومات هي الفرع ذو الزيادة الأسرع في الاقتصاد العالمي وبكونها لذلك محركات نمو اقتصادية، وهذه بالضبط هي المجالات التقنية واسرائيل رائدة فيها واوروبا محتاجة اليها. ويقتبس مؤلفا كتاب "أمة ستارت آب" دان سينور وشاؤول زنغر من كلام مدير كبير في صناعة الهاي تيك في الولايات المتحدة يعترف بأنه بالنسبة لشركات مثل غوغل وميكروسوفت وإنتل، فان السر الأشد خفاءً هو ان حياتنا وموتنا جميعا متعلقان بيد أفرقتنا الاسرائيلية". ويبدو ان تسييس التعاون مع اسرائيل الذي يفضي الى قيود على العمل المشترك سيضر آخر الامر باوروبا نفسها. والى ذلك ينبغي ألا نتجاهل حقول الغاز البحرية الاسرائيلية. من الصحيح الى الآن ان اوروبا تستورد أكثر غازها من روسيا وشمال افريقيا. ويشير ديفيد وورمسر الذي كان يعمل خبيرا بالشرق الاوسط في مكتب نائب الرئيس الامريكي الى ذلك في ورقة بحث كُتبت للمركز المقدسي لشؤون الجمهور والدولة. وتقول إن خمسة انابيب غاز أصبحت قائمة أو يُخطط لها تربط اوروبا بغاز شمال افريقيا. وتمر اربعة انابيب عن طريق الجزائر التي تواجه خطرا يتزايد من قبل توابع القاعدة. وفي اماكن اخرى كسيناء أثبتت هذه المنظمات استعدادها لتخريب انابيب الغاز. ولهذا فان قناة إمداد اخرى من اسرائيل قد تكون ذات أهمية بالغة بالنسبة لاوروبا اذا لم يكن بعض مصادر الامداد الموجودة اليوم في متناول اليد في المستقبل.

ويلخص وورمسر فيقول انه يجب على اسرائيل ان ترى ان آسيا هدف مفضل للتصدير. وستضطر اسرائيل الى اتخاذ قرار حاسم بهذا الشأن لأن قرارا كهذا يؤثر في بناء البنى التحتية لنقل الغاز. فاذا نُظر الى اوروبا أنها حليفة تجارية لكن لا يمكن الاعتماد عليها فستوجد اصوات كثيرة في داخل اسرائيل تتبنى فكرة ان آسيا سوق مفضلة لتصدير الغاز اليها. وينبغي ألا نتجاهل ان العلاقات بين اوروبا واسرائيل تحتاج من اجل استمرارها الى اعادة بناء الارادة الخيّرة التي كانت موجودة في الماضي والتي تضررت على أثر التوتر الاخير.