خبر الخوف من حرب دينية في مصر- هآرتس

الساعة 08:36 ص|15 أغسطس 2013

بقلم: تسفي برئيل

لا يوجد أدنى شك عند اللواء المتقاعد حسام سويلم في أن "هذه هي نهاية الاخوان المسلمين – لا في مصر فقط بل في العالم كله". إن هذا المحلل العسكري المصري الذي اكتسب شعبية كبيرة في الشبكات العربية الكبيرة يبالغ، لكن لا اختلاف في ان ما يجري اليوم في القاهرة هو صراع هو الأول من نوعه في تاريخ الاخوان.

حينما يطلق جيش مصر النار على الصفوف المكتظة للمتظاهرين الذين تحصنوا في ميداني رابعة العدوية والنهضة، وحينما تتحدث التقارير الاخبارية عن عشرات القتلى ومئات الجرحى، فان هذه لم تعد معركة لتفريق مظاهرات بل هي صراع سياسي عسكري ضخم على السيطرة على الدولة.

أعاد عزل الجيش لمحمد مرسي في الثالث من تموز، وهو خطوة أيدتها حركات الاحتجاج بحماسة، أعاد الجيش الى قلب النشاط السياسي وألقى عليه من جديد – كما كانت الحال بعد خلع مبارك – مسؤولية ادارة الدولة.

لكن في حين وقف الجيش في 2011 يساند المتظاهرين جميعا ومنهم الاخوان المسلمون والحركات السلفية وتوج نفسه بصفة "حارس الديمقراطية"، اتخذ الجيش هذه المرة موقفا سياسيا واضحا. فقد وسّع الجيش بتأييده الكثيف للحركات العلمانية باعتباره مرة اخرى "درع الديمقراطية ومباديء الثورة"، وسّع سلطته العامة ليقرر ما هي الحركة الديمقراطية الشرعية وما هي الحركة التي تعمل على المصلحة العامة وينبغي أن تُكافح.

إن هذه السلطة البعيدة المدى التي تُفرغ نتائج الانتخابات من المضمون تجعل الحركات الليبرالية تواجه معضلة قاسية: فهي لا تستطيع أن تعارض صراع الجيش مع الاخوان المسلمين، لأنها هي التي بادرت الى الثورة الثانية على مرسي واحتاجت الى الجيش لحسمها. ومع ذلك لا تستطيع أن توافق على سيطرة الجيش الاستبدادية وعلى قراراته السلطوية التي لا تعتمد على مسارات ديمقراطية.

كان الجيش متنبها في الحقيقة للمعضلة والى أن توتير الحبل قد يضر بشرعيته. ولهذا وافق الفريق أول عبد الفتاح السيسي باعتباره رئيس الدولة بالفعل على منح النشاط الدبلوماسي والوساطة السياسية مهلة بغرض حل الازمة دون تدخل عسكري. لكن ممثلي دول الاتحاد الافريقي الذين جاءوا الى القاهرة ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون التي التقت مع مرسي، والتدخل الفظ آخر الامر للشيخين الامريكيين جون مكين ولندسي غراهم اللذين أحدثت تصريحاتهما عاصفة في مصر، لم تنجح في ردم الهوة، فقد أصر الاخوان المسلمون على أنه ينبغي اعادة مرسي الى منصبه والافراج عن سجناء الحركة قبل التباحث في المستقبل، ووقف الجيش وحركات الاحتجاج على أطراف أقدامها تعارض عودة مرسي.

وأُضيفت في اليومين اللذين مرا مبادرتان أخريان احداهما من جامعة الأزهر في القاهرة والثانية من مجموعة نشطاء من الاخوان اقترحوا الافراج عن سجناء الحركة ما عدا مرسي وطلبوا التزام أن يُعدل الدستور فقط لا أن يُغير كما تطلب الحركات العلمانية، وفشلت هاتان المبادرتان ايضا.

إن استقرار الرأي على التدخل العسكري لمواجهة تجمعات الاخوان المسلمين ليس مقطوعا عن المعركة التي يقوم بها الجيش المصري في سيناء. نزيد على تقدير الجيش الذي يقول إن نشطاء الاخوان المسلمين يحاولون إفشال الحرب للمنظمات الارهابية بل يشجعونها، أن الجيش أراد ان يضعضع تقدير الاخوان الذي يرى ان الجيش لن يعمل على مواجهتهم ما بقي مشغولا في سيناء – وأن جبهتين احداهما عسكرية والاخرى مدنية تفوقان قدرته. وأُضيف الى ذلك ايضا أنباء تقول إن الاخوان المسلمين الذين عطلوا الحركة والحياة في مركزين حيويين في القاهرة، يجمعون سلاحا ويستعدون لنضال مسلح اذا لم يُحسم فورا فقد يصبح حربا حقيقية.

في حين ما زالت المعركة في القاهرة مستمرة، وبرغم الأنباء غير المحققة التي تقول إن الجيش قد سيطر على ميدان النهضة، فان الخوف المباشر هو من أن تنتشر المواجهات العنيفة في مدن اخرى بل أن تتدهور لتصبح حرب عصابات مدنية بين الجيش ونشطاء الاخوان. وتقول التقارير الاخبارية من القاهرة إن مجموعات من نشطاء حركات الاحتجاج قد نظمت نفسها مجموعات دفاعية لحماية المباني الحكومية، بل إنهم ينوون حمل السلاح لتأدية المهمة.

يحاول عدد من متحدثي الاخوان المسلمين ان يصفوا المعركة بأنها صراع بين الاسلام والكُفر، وان يُحدثوا بذلك تصعيدا ذا طبيعة دينية وطائفية. وقد دعا رئيس الأزهر الشيخ احمد الطيب المتظاهرين اليوم الى نبذ العنف والاتجاه الى الحل السياسي، لكنه جهِد في تأكيد ان الأزهر ليس جزءً من الصراع السياسي وأنه لم يعلم بقرار تفريق المظاهرات بالقوة. وحذِر الطيب ألا يمنح عملية الجيش شرعية دينية كما امتنع عن التنديد بالاخوان المسلمين. ومع ذلك فان التطورات السياسية الأخيرة والعملية العسكرية ايضا تخط بصورة واضحة حادة حدود الجبهة التي تفصل بين الليبراليين والحركات الاسلامية.

والسؤال الآن كيف سترد حركات الاحتجاج على ما يبدو أنه مسؤوليتها وتأييدها للعملية العسكرية. إن المخرج السياسي ما زال نافذا، وهي قادرة على اقناع الجيش بالاستجابة لجزء من مطالب الاخوان على الأقل، وليس واضحا في نفس الوقت كيف سيريد الاخوان استغلال المعركة، فهل يرونها فرصة لتجنيد قوى جديدة والمواجهة "حتى الموت" كما قال عدد من متحدثيهم، أو تستقر آراؤهم على أن هذه فرصة سياسية يمكن ان تعيد إليهم مكانتهم.