خبر حتى آخر حبة رمل- يديعوت

الساعة 08:46 ص|14 أغسطس 2013

حتى آخر حبة رمل- يديعوت

بقلم: ايتان هابر

        (المضمون: اذا بلغت المحادثات الاسرائيلية الفلسطينية هذه المرة الى نهايتها فسيجب على اسرائيل ان تدفع الى الفلسطينيين كل الاراضي المحتلة حتى آخر حبة تراب - المصدر).

        في الاسكندية في مصر فيما كان يسمى آنذاك "قصر الرئاسة"، وقف الرئيس أنور السادات في مطلع ثمانينات القرن الماضي وقال مؤكدا كل كلمة بصورة مستقلة: "أنتم (الاسرائيليين) ستُعيدون كل شيء، حتى آخر حبة رمل".

        لم يكن عندنا أي داعٍ للتأثر بكلامه بل إننا ضحكنا في سريرتنا. فقد كان كل شبه جزيرة سيناء تقريبا آنذاك في أيدينا وكنا أسياد الارض وكان العالم يحبنا. "حتى آخر حبة رمل"، كرر السادات القول وكأننا لم نسمع في المرة الاولى.

        وفي ذلك الوقت في فندق "سونستا" في طابا وهو قلعة مشاهير تلك الايام، كان يغمس "ضيوف مهمون جدا" أقدامهم في الماء وكانوا قد حظوا بمعاملة المشاهير من قبل مالك الفندق إيلي ببوشدو، وهو أمير مشهور في حد ذاته. ونقول بالمناسبة ان الفندق قد بُني على حبات الرمل الأخيرة لمصر.

        وباختصار وعد بيغن إذ كان رئيسا للوزراء بألا يُعيد، وهدأ اريك شارون جأش المستوطنين في سيناء. وماذا نقول وماذا نُعيد؟ لقد أعدنا حتى آخر حبة رمل.

        وحينما جاء وقت حافظ الاسد، وهو الوالد الميت للرئيس الحي، ليُباحث اسرائيل في السلام سرا، بيّن ذلك الرجل من القصر في دمشق قوله: "حتى آخر حبة رمل". وكان الاصرار الاسرائيلي على سؤال: أين بالضبط توجد حبة الرمل الاخيرة تلك. وقد وافقنا على المبدأ. وقد وُجد طريق مع الملك حسين من الاردن فقط لنُعيد ارضا ليست لنا ولتبادل اراضٍ بيد أنه الشاذ الذي لا يؤكد القاعدة.

        لماذا هببنا لتذكر حبة الرمل الاخيرة والتذكير بها؟ لأنه تبدأ اليوم بحسب الخطة محادثات مع الفلسطينيين. وهناك احتمال ضعيف كما يقولون لأن تثمر هذه المحادثات عن اتفاق على "انهاء الصراع". وهذا هو المكان والزمان ايضا لنذكر ونُذكر بأنه منذ كان احتلال المناطق أو تحريرها في حرب الايام الستة يُعاود الفلسطينيون طلبهم "آخر حبة رمل"، حتى لو أبدوا في الغرف المغلقة وفي لقاءات التفاوض استعدادات لتنازلات طفيفة هنا وهناك.  

        ما كنا لنثير هذا النمر من مجثمه لولا أن الامريكيين أشابين رؤساء في هذا "العرس". ولم يكن لهم قط دور مهم كدورهم في هذه المرة. وينبغي ألا يوجد سوء فهم: فهم يُظهرون أنفسهم بمظهر الوسطاء النزيهين لكن نظرة عابرة واحدة الى عيني جون كيري كافية لوقف الطرفين أو واحد منهما في مكانه. وماذا قال هؤلاء الامريكيون وماذا يقولون؟ "الى آخر حبة رمل" إلا اذا اتفق الطرفان على غير ذلك.

        هذا هو الموقف الامريكي الأساسي مع وبلا رسائل من رئيس الولايات المتحدة وهو لم يتغير منذ أعلن "صوت اسرائيل" انتهاء حرب الايام الستة. فهل أُقرت حقائق جديدة في المناطق؟ هذا لا يُخيف الامريكيين.

        نميل الى الاستخفاف بأقوال الفلسطينيين والامريكيين. أقالوا؟ فليقولوا. فنحن سنستمر في "إلباسِك ثوبا من الاسمنت والجص"، كما تقول الأغنية. والفلسطينيون يشتكون ويطلبون ويُلحون؛ والاوروبيون يكشرون عن أسنانهم؛ والامريكيون ينددون ويُحذرون بكلمات حذرة لصيدلية – ونحن مستمرون نتجاهل ونُقر حقائق.

        من المهم أن نرى ان الفلسطينيين والامريكيين لم يكادوا يتحركون من مواقفهم مدة الـ 47 سنة الاخيرة. وهؤلاء واولئك ايضا على يقين من انه يمكن قلب الحقائق على الارض تماما. هل تريدون مثالا؟ منطقة يميت: فقد أعدناها حتى آخر حبة رمل. وغوش قطيف الذي أعدناه حتى آخر حبة رمل. وسيناء وشرم الشيخ وطابا.

        إن التجربة التاريخية لا تبشر بالخير مع بدء المحادثات اليوم. إن الفرض الاسرائيلي هو ان تستمر المحادثات الى لا نهاية، وتكون بذلك للحقائق على الارض اسباب بقاء سنين كثيرة اخرى. لكن قرار الافراج القريب عن قتلة اذا قيس بالقرارات الاسرائيلية التي قد (وهناك من يقولون يجب) أن تتخذ في المحادثات لا يكاد يبلغ الى أن يكون مقدمة مدخل البداية. ولعبة أولاد. ومن الطبيعي ان نقول هذا وربما سنشتاق اليه بعد.

        اذا بلغت الحكومة حقا الى المحطة النهائية فسيوجد عندنا سبب مؤلم لنكتب مقالة اخرى تحت عنوان "الحلم وانكساره" وسيوجد بيننا ايضا من يقولون "الجريمة والعقاب".