أطلقوا سراحه بعمر الأربعي

خبر أسير فلسطيني: عمري راح بالمعتقل والسجان ظالم

الساعة 11:23 م|13 أغسطس 2013

وكالات


"يابا متسبنيش وقفلي محامي وبيع كل شيء حتى اطلع من السجن" بهذه الكلمات تفوه الأسير نهاد جندية مع والده لحظة اعتقاله من قبل وحدات إسرائيلية خاصة في حي الشجاعية شرق مدينة غزة عام 1989.
لكن نهاد أمضى زهرة شبابه داخل المعتقلات الإسرائيلية، ولم يتمكن والداه من إخراجه، وفارقا الحياة بعد أن كانا يحلمان برؤيته قبل وفاتهما، فالقدر كان أسرع من حلمهم.
ولم تعرف عائلة جندية المحكوم على أبنهم بالسجن المؤبد منذ عدة أيام النوم، بعد معرفتهم بأن اسم ابنهم ضمن قائمة الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم، فالتحضيرات والاستعدادات على قدم وساق في محيط المنزل الذي يقع في حي النصر غرب مدينة غزة.
نهاد جندية، أسير ينتمي إلى حركة فتح اعتقال بتاريخ 4-7-1989، وُجّهت له المحكمة الإسرائيلية تهمة (قتل مقاول إسرائيلي يدعى زلمان شلايين في مدينة غان يفنا داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة(.
وحكم نهاد بالسجن مؤبد (25 عاماً) قضى منهم 24 عاماً داخل المعتقلات الإسرائيلية، حيث اعتقل وهو يبلغ من العمر 16 عاماً.
ويقول رياض جندية "أبو طارق" شقيق الأسير، ان "نهاد أمضى زهرة شبابه داخل السجون الإسرائيلية، اعتقل ويبلغ من العمر 16 عام قاصر، والآن يفرج عنه ويبلغ من العمر 40 عاماً".
ويضيف "طلب من والدي أن يبيع كل شيء وان يتم توكيل محام له للدفاع عنه في المحاكم الإسرائيلية، حيث كان هناك أمل بأن يطلق سراحه كونه قاصر واعتقل وهو يبلغ من العمر 16 عاماً، لكن الاحتلال لا يعرف القوانين الدولية التي تمنع معاقبة القاصرين".
ويتابع "دفعنا 20 ألف دولار تكاليف محامي بهدف إيجاد طريقة للإفراج عن نهاد إلا أن ذلك لم يكن مجدياً مع الاحتلال الذي لا يعرف القوانين ويضرب بعرض الحائط كل القوانين الدولية، لا يجوز اعتقال قاصر".
وعلى الرغم من قرار الإفراج عن شقيقة نهاد من داخل السجون الإسرائيلية، إلا أن الفرحة لم تكتمل لدى عائلة جندية.
ويقول أبو طارق شقيق الأسير، "الفرحة ليست مكتملة هناك رفاق لنهاد داخل السجون يجب أن يفرج عنهم، هذه الفرحة لم تكتمل بعد وفرحة الشعب الفلسطيني أيضا لم تكتمل".
وفقد أبو طارق الأمل بأن يفرج عن شقيقه نهاد من سجون الاحتلال نظرا لنقض "إسرائيل" المتكرر لتعهداتهم مع السلطة، قائلاً: "الإسرائيليين مستعدين يراوغوا الفلسطينيين طيلة العمر دون الإفراج عن أسير واحد".
وأضاف: "كان يجب الإفراج عن هؤلاء الأسرى القدامى منذ زمن، في عهد الراحل أبو عمار وقدوم السلطة الوطنية إلى غزة والضفة، لكنها تأخرت عدة مرات بسبب نقض "إسرائيل" لتعهداتها حينها ورفضها الإفراج عن الأسرى المعتقلين قبل اتفاق أوسلو وماطلت بقرار الإفراج عنهم عدة مرات".
بينما زياد جندية وهو شقيق آخر للأسير نهاد، أكد أنه من الصعب أن يتم الإفراج عن أسرى آخرين عبر مفاوضات السلام مع "إسرائيل"، قائلاً: "عشرون عاماً لم تقدم لنا المفاوضات أي شيء، في المقابل قمنا بأسر جندي إسرائيلي لمدة أربعة سنوات أدى ذلك للإفراج عن ألف أسير من المعتقلات الإسرائيلية".
وعلى الرغم أن نهاد تم الإفراج عنه عبر المفاوضات، إلا أن شقيقة زياد يقول "الطريق الأمثل لإطلاق سراح الأسرى خطف جنود صهاينة"، موضحاً أن عملية الخطف تكون مثمرة حيث الطرف الفلسطيني هو الذي يحدد عدد الأسرى للإفراج عنهم، بينما عبر المفاوضات الجانب الإسرائيلي هو من يحدد عدد من يطلق سراحهم".
وأكّد زياد أن الطريق الأمثل للإفراج عن الأسرى "المقاومة" وخطف الجنود لأنها مثمرة أكثر من المفاوضات، على حد قوله.
ويقاطع زياد شقيقه الأكبر أبو طارق ويقول: "لقد تحدثنا مع نهاد عبر الهاتف الفرحة تغمره وهو سعيد جداً، لا يعرف الطعام والشراب لحظة إبلاغه قرار الإفراج عنه".
وينقل أبو طارق عن لسان شقيقه المعتقل قوله: "الفرقة صعبة مشتاق لأهلي، والسجن وحش والشيب غزا شعري، والسجان ظالم، وشبابي راح بالمعتقل".
وتقيم حركة فتح أمام منزل الأسير جندية خيمة لاستقبال المهنئين بمناسبة الإفراج عن نهاد، حيث رفعت الأعلام الفلسطينية وبجانبها الرايات الصفراء التابعة لحركة فتح وصوراً للرئيس الفلسطيني محمود عباس والراحل ياسر عرفات، وصور أخرى لقيادات الفصائل الفلسطينية المعتقلين داخل السجون الإسرائيلية.
يشار إلى أن إسرائيل تعتقل زهاء 400 آلاف و 700 أسير داخل سجونها.
وتعم الفرحة أجواء قطاع غزة والضفة الغربية ابتهاجاً بإطلاق سراح الأسرى الذين أمضوا عشرات السنوات داخل المعتقلات الإسرائيلية.
وأكد مدير مركز الأسرى للدراسات رأفت حمدونة أن الشعب الفلسطيني رغم كل تقلباته السياسية وظروفه المعقدة يجمع على مكانة الأسرى اللذين دفعوا زهرات شبابهم من أجل فلسطين، الأمر الذي يتضح دوماً من خلال كل المناسبات المتعلقة بهم "اعتقالات وافراجات وإضرابات".
وأضاف حمدونة أن الاحتلال يُدرك تماماً كم هذه القضية مقربة من عموم الشعب الفلسطيني الذي سيخرج عن بكرة أبيه مبتهجاً لاستقبالهم، الأمر الذي سيعكر صفو الاحتلال مما دعاه لتأخير الإفراج بحجة قانونية لها علاقة بإنهاء الفترة الزمنية التي حددتها محكمة العدل العليا الإسرائيلية بشأن الالتماس الذي قدمته منظمة "ألماغور" وعدد من العائلات الإسرائيلية التي اعترضت ضد قرار الحكومة بالإفراج عن 26 أسير.
بدوره اعتبر وزير شؤون الأسرى والمحررين في رام الله عيسى قراقع، أن الإفراج عن أي أسير انجاز هام وخطوة نحو الإفراج عن كل الأسرى، قائلاً: "نتطلع إلى الجميع بما في ذلك القادة والنواب كـ مروان البرغوثي وأحمد سعدات والمرضى والمعاقين وكبار السن والإداريين والنساء، وان قضية الأسرى لا تنتهي بالإفراج عن القدامى منهم بل هي قضية نضالية وسياسية وقانونية علينا أن نستمر في التحرك والضغط لإطلاق سراح جميع الأسرى".
بدوره، قال مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين لدى السلطة الفلسطينية، عبد الناصر فروانة، بأن القائمة الرسمية للأسرى المقرر الإفراج عنهم وعددها ( 26 ) أسيراً من أصل 104 أسير، تتضمن أسماء (15) أسيراً من قطاع غزة، و(11) أسيراً من الضفة الغربية ينتمون لفصائل وطنية وإسلامية مختلفة (فتح والشعبية والديمقراطية والجهاد وحماس(.
وأضاف: أن من بين الأسرى المنوي الإفراج عنهم يوجد (17) أسيراً كانت قد صدر بحقهم أحكاماً بالسجن المؤبد (مدى الحياة)، فيما الباقي وعددهم (9) أسرى كانوا يقضون أحكاماً تتراوح ما بين 20-25 سنة.
وبيّن فروانة إلى أن من بين الأسرى (19) أسيراً مضى على اعتقالهم عشرين سنة وما يزيد، ومن بين هؤلاء (4) أسرى مضى على اعتقالهم 23 سنة، و(4) أسرى مضى على اعتقالهم 24 سنة، و (أسير واحد) مضى على اعتقاله 28 سنة.