خبر قد انتصر الشرقيون.. هآرتس

الساعة 09:08 ص|11 أغسطس 2013

بقلم: ساغي برماك

(المضمون: لا ينبغي التمسك بخطاب الظلم الواقع على الشرقيين اليهود في اسرائيل لأن الشرقيين اليوم أصبح كثير منهم يتبوأون مناصب رفيعة فينبغي الانتقال الى خطاب مختلف - المصدر).

نشهد في الآونة الاخيرة موجة "فكرية – افتراضية" مجددة لاشتغال بالنضال الشرقي في اسرائيل. وأُسميها "موجة فكرية – افتراضية" لأنها تشمل مجموعة ضيقة من الناس – أكثرهم شباب ومثقفون – تبنوا خطاب الهويات سلاحا اجتماعيا – سياسيا ولأنه يجري فقط في الشبكات الاجتماعية أو فوق صفحات صحيفة "هآرتس".

إن التفريق مهم لأنه يثير بالضرورة هذا السؤال: باسم أي الشرقيين يكتب روعي حسن (في موقع صحيفة "هآرتس" على الانترنت) وتسيفي ساعر؟ نلقى في أوقات نادرة فقط صراعا صارخا بهذا القدر يحظى باشهار كبير بهذا القدر، يكون النشطاء المشاركون فيه قليلين بهذا القدر. وأنا أرى أن الغضب الذي تم التعبير عنه في المدة الاخيرة على يارون لندن (على أثر مقالته عن قضية اولاد اليمن المختطفين في صحيفة "هآرتس" 5/7) وعلى عوزي برعام (بسبب مقالته "بسبب الالحاد"، "هآرتس"، 28/7)، مع المسلسل الجديد لامنون ليفي في القناة العاشرة ("الشيطان الطائفي")، هو غضب "اشكنازي" كثيرا لأنه يمر من فوق رؤوس أكثر الشرقيين. فلم يُسمع الصوت "الأصيل" لهؤلاء ونشك كثيرا في ان يكونوا عالمين بأنهم يتحدثون باسمهم.

إن النضال الشرقي اليوم هو "نضال مُتخيل" بقدر كبير. لكنني لا أريد أن أشغل نفسي هنا بمسألة حق الكُتاب في الحديث باسم مجموعة لا تُناصر مواقفهم السياسية بصورة واضحة. وأريد أن أُضيء عدة جوانب اخرى في الخطاب الحالي يبدو أنها لم تحظ بالانتباه المطلوب، وأن أتناول في نفس الوقت شيئا من الادعاءات التي أثارها عدد من المشاركين في الحوار.

حان الوقت أولا للاعتراف بالفيل الواقف في الغرفة، أي الاعتراف بأن النضال الشرقي في اسرائيل هو نضال نجح. وإن أحد الاسباب المركزية التي تفضي الى عدم نشوء حركة احتجاج في اسرائيل اليوم لاسباب طائفية كما كان الحال في وادي الصليب في وقت مضى، هي الحقيقة البسيطة وهي ان أكثر الشرقيين اليوم لا يشعرون بأنهم "يُسيئون اليهم" لأنهم شرقيون. ولا شك في ان هذه الحقيقة نتاج تحول واسع اجتزناه في الستين سنة الاخيرة، عبر عنه أن كل "اجهزة انتاج المعلومات" – من الجامعات الى وسائل الاعلام – تعترف وتعبر وتُظهر المظالم التاريخية المتعمدة وغير المتعمدة التي قامت بها المؤسسة "الاشكنازية" في ايام قيام الدولة. ولا يوجد اليوم طالب جامعة واحد لا يمر في معصرة الندم وينكر اعمال مباي التمييزية – أعني تلك الدمية التاريخية المضروبة. وهذا هو الوقت الذي نعلن فيه ان النضال الشرقي نال نصرا كاسحا في المعركة على الوعي.

وسيقوم بعضهم ويقولون: اذا انتصرنا في المعركة على الوعي فكيف لا توجد الى الآن مساواة مادية بين الطوائف؟ وأقول لهم هنا بالضبط تكمن اضاعة الفرصة لقادة النضال الشرقي. إن محور النضال اليوم ليس طائفيا بل هو اقتصادي. وقد حان الوقت لنعيد الى رف الكتب كتاب "النضال الشرقي في اسرائيل" بقلم سامي شالوم شتريت وان نسحب من المكتبة كتاب "رأس المال" لماركس. إنكم تقومون بالنضال الذي كان موجودا "ذات مرة"، وأصبحنا نحن في واقع "ما بعد النضال الشرقي".

إن النضال الشرقي الحالي ايضا لا يضر فقط بالنضال "الحقيقي"، أي الاقتصادي، بل يضر ايضا بنضالات اخرى تحتاج الى انتباه أكبر. فعلى سبيل المثال إن وضع الاثيوبيين في اسرائيل اسوأ كثيرا من وضع الشرقيين لكنهم لا يتحدثون عنهم ألبتة. إن الحفاظ على "خطاب ظلم" خمسينيات القرن الماضي فوق كل منصة يمنع تطوير نضالات اجتماعية لجمهور مضطهد حقا وإدخاله الى الوعي العام. ومن المهم ان نؤكد ان نضال الشرقيين اليوم (اذا كان يمكن ان نسمي مقالة ومجموعة عمل في الشبكة الاجتماعية نضالا) ليس هو نضال العرب أو البدو أو الاثيوبيين. إن النضال الشرقي ليس هو "النضال العام للمضطهدين". والحقيقة هي ان الجمهور الشرقي يريد "ان يصبح اشكنازيا وبرجوازيا" وينجح في ذلك. وإن شرقيين كثيرين يتبوأون اليوم مواقع قوة لا يستهان بها، وتحول الجمهور الشرقي بقدر كبير ليصبح جزءً من الطرف المضطهِد. وهذه حقيقة ينبغي الاعتراف بها. وأقول في النهاية إن من المهم أن نقف باختصار عند نقاط الفشل الرئيسة التي لا ينجح نشطاء النضال في مواجهتها. ما هي بالضبط "الشرقية" التي يشجعونها؟ وأي نموذج هوية شرقي يُقصى في رأيهم عن الحياة العامة الاسرائيلية؟ وهل استمعوا في المدة الاخيرة الى برامج صوت الجيش الاسرائيلي؟ وهل شاهدوا التلفاز في المدة الاخيرة؟ إن الشرقية موجودة "هناك" وفي كل زاوية.

ونقول الى ذلك إن كثيرا من الشرقيين يلتزمون اليوم موقفا سياسيا أمنيا يمينيا قوميا لا بسبب دافيد بن غوريون (وهو تلك الشخصية المُشهر بها) ولا بسبب غولدا مئير. وبخلاف ما زعم روعي حسن لا تستطيع مظالم خمسينيات القرن الماضي ان تفسر ابتعاد شرقيين من الجيلين الثاني والثالث عن الاحزاب اليسارية التي تُكفر بنشاطها في العقود الاخيرة كل يوم عن تقصيرات مباي في وقت مضى. فقد حان الوقت للشفاء من الماضي الصادم للشعور وأن نمد يدا الى المستقبل، ولا يستطيع فعل هذا سوى الشرقيين أنفسهم. كفى للنضال الشرقي فقد حان الوقت للاستمرار الى الأمام.