خبر الأسود الجديد -يديعوت

الساعة 09:08 ص|06 أغسطس 2013

بقلم: يوعز هندل

        (المضمون: ينظر المجتمع اليهودي الى الحريديين على أنهم كتلة واحدة متجانسة لا اختلاف فيها وهذا غير صحيح وأفضى الى وحدة الصف بين الحريديين برغم الاختلاف بينهم - المصدر).

        المجتمع الحريدي في ازمة. فالواقع الجديد الذي فرض عليه تظهر علاماته. ان الحكومة الجديدة تقلص موارد الانفاق وكسب الرزق صعب بل إن الشراكات السياسية من الماضي اختفت كأنها لم تكن. وقد حول ساسة جدد الحريديين الى كيس ملاكمة، وهم في مقابل ذلك يردون بحرب قوية. إن لحظات عُسر من هذا النوع تنشيء هوية مشتركة.

        إن استيضاح الهوية ظاهرة يهودية جدا مع الكثير من الشعور. فالهوية تكون احيانا اختيارا واحيانا فرضا. كتب يهودا عميحاي ان اليهود شعب جيولوجي مع انكسارات وانهيارات وطبقات ومادة بركانية ساخنة. وتتغير الهوية بحسب قوة الحرارة، وفي السنوات الاولى لدولة اسرائيل فكر بن غوريون في استعمال حرارة البركان الساخن ليكون بوتقة صهر لانشاء هوية جديدة مشتركة يترتب فيها أبناء طوائف وتيارات مختلفة. وقد كان الحريديون من لابسي الملابس السوداء في خليط الهويات التي أغرقت الدولة الشابة، طبقة اخرى لا أكثر وكانوا يهودا كالآخرين. بيد أن بوتقة صهر بن غوريون فشلت فشلا ذريعا وكان الثمن الأبهظ اخراج المجتمع الحريدي الى خارج المعسكر – بتخلي دولة اسرائيل عن الخدمة العسكرية لغير المتفوقين في الدراسة، والتخلي عن الاشراك في دائرة العمل والتخلي في الأساس عن مسار الاستيضاح الاسرائيلي.

        نشأت في اسرائيل في السنوات الاخيرة معاهد ومؤتمرات تشتغل بالاستيضاح الذاتي وبمسائل الهوية. إن سؤال "من هو اليهودي؟" حل محله سؤال "من هو الاسرائيلي؟"، ووجد هنا ذات مرة حتى كاتب موهوب جدا بلغ لكثرة الاستيضاح الى منصب وزير المالية. لكن الحريديين لم يكونوا جزءً من هذا المسار فظلوا مع الهوية القديمة، وتركوهم كذلك في الخطاب الاسرائيلي. وُجد ذات مرة رجل الشارع وهو ذلك الاسرائيلي العادي الذي يحب الفلافل ويحب شلومو آرتسي وكان هو هم. وقد اشتغلوا بالحريديين في الجامعات وتعلموا عنهم في المدارس بل عينوا في وسائل الاعلام مراسلين خاصين يتحدثون عنهم. لكن المعرفة بقيت سطحية ومن بعيد، وكان المجتمع الحريدي يُرى تيارا متجانسا ما يميزه هو اللون الموحد في اللباس والتفكير.

        كان يمكن ان نحصل على أفضل الأمثلة على ذلك في الاسبوعين الأخيرين في وسائل الاعلام بتوثيق تجنيد لكتيبة نيتسح يهودا للشباب الطلائعيين الحريديين وصور لمُدنسي نصب ذكرى ضحايا كارثة المروحيات. وفي الحالتين أظهرت عدسات التصوير معتمري قبعات سوداء الأولين بصورة جيدة والآخِرين بصورة سيئة. ولا يُحتاج الى نظرة عميقة كي نعرف ان الجندي الشاب الذي يُجند حليق بصورة رائعة وشعر صدغيه قصير ولا يوجد سوى قبعة سوداء على رأسه. فتعريف الحريدي بعيد عنه. ولا يُحتاج الى علم شامل لفهم أن الاولاد الذين يدخلون شبه عُراة الى الماء برغم القبعات السوداء لا يمثلون المجتمع الحريدي، ومن المؤكد أنهم لا يمثلون حشمته.

        بقدر ما كان عدم قدرة الجمهور الاسرائيلي العام على التفريق بين أسود وأسود قد انشأ مسار هوية مشتركة حيث لم توجد ايضا. وبدل تشجيع كثرة الاصوات يفضي عدم التفريق الى توحيد الصفوف. إن المجتمع الحريدي يواجه في هذه الايام تغييرات حادة ولا مناص له سوى الاندماج إما طوعا وإما بحسب القانون. ولم يعد الحديث عن أقلية كما كان في عهد بن غوريون بل عن كتلة تؤثر في صورة الدولة ونموها الاقتصادي. ويُحتاج من اجل تشجيع الاصوات المعتدلة ومحاربة المتطرفين، قبل كل شيء الى الاعتراف بهويتهم ومعرفتهم.