خبر مصر: دفع أميركي- أوروبي باتجاه هدنة تمهد لتسوية متكاملة

الساعة 06:15 ص|04 أغسطس 2013

وكالات

لاحت أمس بوادر تجاوب مع الجهد الأوروبي والأميركي لفرض تهدئة بين طرفي الأزمة في مصر، تمهيداً لإبرام تسوية سياسية تضمن اعتراف جماعة «الإخوان المسلمين» بخريطة الطريق التي كان وضعها الجيش في مقابل أن تشملهم العملية السياسية.

وعلمت «الحياة» أن الملاحقات القضائية لقادة «الإخوان»، وفي مقدمهم المرشد محمد بديع، تمثل أكبر عائق أمام إنجاح التفاوض، إذ تتشدد الجماعة على اطلاق سراح كل قادتها بمن فيهم الرئيس المعزول محمد مرسي، مع منحهم حصانة مستقبلية، وهو الأمر الذي يرفضه الحكم الموقت.

وكان لافتاً أن عقد نائب وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز وممثل الاتحاد الأوروبي لجنوب المتوسط بيرناردينو ليون مجتمعين في القاهرة أمس لقاءات مشتركة مع المسؤولين المصريين، ما أظهر التنسيق الأميركي - الأوروبي والاهتمام الدولي بإنهاء الأزمة.

وأفيد بأن بيرنز اجتمع صباح أمس مع وزير الخارجية المصري نبيل فهمي قبل أن ينضم إلى الاجتماع ليون، ثم توجها (بيرنز وليون) للقاء نائب الرئيس للعلاقات الدولية محمد البرادعي، قبل أن يلتقي المسؤول الأميركي وفداً من «الإخوان» وحلفائهم. وقرر بيرنز تمديد زيارته إلى القاهرة يوماً آخر حتى يلتقي اليوم كلاً من رئيس الوزراء حازم الببلاوي ونائبه وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي. ورجحت مصادر مطلعة لـ «الحياة» أن يلتقي المسؤول الأميركي وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد الذي وصل إلى القاهرة أمس.

ولم يستبعد الناطق باسم الخارجية المصرية بدر عبدالعاطي أن يكون الأوروبيون والأميركيون في طريقهم لبلورة مبادرة للحل السياسي. وقال لـ «الحياة» معقباً على لقاءات بيرنز وليون: «يحتاجون إلى الاستماع إلى المسؤولين والقوى السياسية لتشكيل موقف يمكنهم من طرح بعض الأفكار. ونحن لا نمانع في الاستماع إلى الأطراف الخارجية. هذه ليست وساطة وإنما طرح للأفكار، والقرار النهائي يتخذ بحسب مصلحة البلد والأمن القومي». وأضاف: «نحتاج في البداية إلى أن يتوقف الطرف الآخر (الإخوان) عن التصعيد والعنف لإتاحة الفرصة للحوار، ونحن تعهدنا غير مرة بعدم إقصاء أي أحد من العملية السياسية، وأن الجميع مدعوون للمشاركة».

وقال بيان رئاسي بعد استقبال البرادعي بيرنز وليون إن هدف اللقاء «التعرف على تطورات الوضع السياسي في سياق طرح بعض الأفكار لتسهيل الخروج من الأزمة الراهنة». ونقل البيان تأكيد البرادعي خلال اللقاء أن «إيجاد حل للأزمة السياسية الحالية يجب أن يتم بعيداً من العنف وفي إطار الحرص على سلامة المصريين وحقناً لدمائهم، إلا أن ذلك يتعين أن يجري في إطار دستور وقانون يحافظان على حقوق المصريين وعلى هوية مصر وتاريخها وثقافتها». وأكد أن «من واجب الدولة القيام بكل ما يلزم للحفاظ على الاستقرار وأمن المواطنين وممتلكاتهم على نحو يسمح بعودة حركة الاقتصاد التي يتطلبها دفع التنمية وإيجاد الوظائف».

وعلمت «الحياة» أن بيرنز وقبله ليون اتفقا مع وفد «الإخوان» وحلفائهم على ضرورة عقد هدنة بين الطرفين تضمن عدم التصعيد وتمهد لاتفاق سياسي. وشارك في لقاء بيرنز و»تحالف دعم الشرعية» الذي يقوده «الإخوان» في أحد فنادق القاهرة أمس القياديان في «الإخوان» الوزيران السابقان عمرو دراج ومحمد علي بشر والناطق باسم حزب «الوسط» الإسلامي طارق الملط وعضو «جبهة الضمير» نيفين ملاك.

 

وأبدى وفد «الإخوان» وحلفائهم أمس بعض المرونة تجاه الدخول في محادثات مع الحكم الموقت والتخلي عن مرسي والاعتراف بمطالب المتظاهرين في 30 حزيران (يونيو) الماضي. لكنه رفض أن يكون الجيش طرفاً في أي حوار.

وقال الملط لـ «الحياة»: «أكدنا ضرورة التوصل إلى حل سياسي، ورحبنا بالمبادرات التي أطلقت في الفترة الأخيرة لتسوية الأزمة، لكننا نرى أن الحل يجب أن يأتي من دستور 2012 (الذي عطله الجيش)، كما رفضنا أن يكون وزير الدفاع طرفاً في أي محادثات».

وأشار إلى أن «الوفد لم يتطرق إلى قضية عودة مرسي إلى الحكم، كما أننا رفضنا أن يكون الجيش لاعباً في العملية السياسية... أبدينا احترامنا للمتظاهرين الذين خرجوا في 30 حزيران (يونيو)، وهم أيضاً يجب أن يحترموا رغبة آلاف المعتصمين منذ أكثر من شهر للمطالبة بإبعاد الجيش من السياسية». وأضاف: «قلنا للمسؤول الأميركي يجب أن يكون مقياس الإرادة الشعبية في الصناديق وليس الحشد والحشد المضاد، وإذا كانت هناك ملايين خرجت للشارع من اجل إطاحة مرسي عن الحكم، فهناك ملايين خرجوا لأكثر من شهر لاختفاء السيسي من المشهد السياسي».

وكانت الخارجية الأميركية استبقت وصول بيرنز إلى القاهرة مساء أول من أمس وأصدرت بياناً قالت فيه ان الزيارة «تستهدف عقد لقاءات مع القادة المصريين حول أهمية تجنب العنف والمساعدة على تيسير عملية سياسية سلمية وشاملة». وأشار البيان إلى أن الولايات المتحدة «تتطلع إلى رؤية انتقال سلمي إلى حكومة مدنية منتخبة ديموقراطياً يحمي حقوق جميع المصريين»، لافتاً إلى أن بيرنز «سينضم إلى مسؤولين من الاتحاد الأوروبي ودول أخرى في المنطقة يشاركون الولايات المتحدة هدفها في تحقيق انتقال ناجح في مصر».

ولوّح صندوق النقد الدولي أمس بإمكان الاتفاق على قرض كانت طلبته مصر بقيمة 4.8 بليون دولار، ما فهم منه أن التسوية السياسية ستتبعها حزمة مساعدات دولية في مقدمها قرض الصندوق. وقالت مديرة الصندوق كريستين لاغارد في تصريحات إلى الصحافيين أمس إن الصندوق «جاهز لاستئناف المفاوضات مع مصر في شأن القرض الخاص بها، ولكن حينما تكون مصر مهيأة لذلك. الجميع يراقب الموقف، والوضع في مصر يتطور، والصندوق يواصل مناقشاته معها على مستوى المسؤولين الإداريين والفنيين وليس على مستوى المسؤولين السياسيين». لكنها لفتت إلى أن «المسألة مرتبطة أيضاً باعتراف الصندوق بالسلطة الحالية في مصر في إطار الجدل الدائر حول اعتبار ما حدث انقلاباً عسكرياً أم لا».