خبر اذا كانت توجد بشرى ..يديعوت

الساعة 11:44 ص|02 أغسطس 2013

بقلم: ناحوم برنياع

        (المضمون: ما زال بعض العاملين حول نتنياهو يؤمنون بأنه لن يمضي حتى النهاية في الاتفاق مع الفلسطينيين وأنه لن يوقع على الاتفاق في نهاية الامر بل يريد كسب الوقت فقط - المصدر).

        السؤال هو أتوجد هنا بشرى، وهل سرنا هذا الاسبوع في الطريق الذي يفضي الى انهاء الصراع أو أن جون كيري يقود الطرفين الى الجدار والى فشل معلوم مسبقا، والى انفجار شامل والى دائرة ارهاب وعنف جديدة.

        عادت تسيبي لفني أول أمس من واشنطن مشحونة بالحماسة، وقد عاد اللون الى خديها كما يقول الكليشيه. إن لفني هي سياسية تحصر همها في مهمة. بعد خمس سنوات مُرة وعقيمة وغير ذات صلة أعادها التفاوض الى مهمة حياتها. وأنا أُخمن أنها تعلم عميقا في قلبها أن احتمال ان تعود لتكون ما كانت عليه – أي مرشحة لرئاسة الوزراء وزعيمة لأكبر حزب – غير كبير. إن التفاوض هو عودتها.

        أكثرت في سنوات المعارضة من زيارة واشنطن. وقد حرصت في كل زيارة على لقاء جون كيري، رئيس لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ. ونشأ تقارب وعلاقة حميمة. وقالت له ما هو رأيها في حكومة نتنياهو السابقة وقال لها ما هو رأيه في سياسة اوباما. وللتقارب ثمن: فكيري يشعر بأنه قريب جدا بحيث يسمح لنفسه بشجارها. وسيتشاجران غير قليل من الاشهر القريبة.

        وقد إنتشت لفني في الأساس من لقاء صائب عريقات الذي هو نظيرها في الجانب الفلسطيني. وقد ظهر الى الآن وهم المخاوف من ان الفلسطينيين يأتون الى التفاوض لتفجيره. فقد جاء عريقات ليدفع بالتفاوض الى الأمام لا ليدفع الاسرائيليين الى مقعد المتهمين.

        لا تؤمن لفني بما تسميه "طريقة الايهودين" باسم اهود باراك واهود اولمرت. فقد دفع باراك عرفات الى داخل غرفة التفاوض في كامب ديفيد، وأعطى اولمرت أبو مازن ورقة وقال له إما أن توافق وإما أن أُزيل الاقتراح عن الطاولة. فهي تؤمن بمفاوضة بطيئة ومنهجية وتدريجية لا بالعمل الخاطف. وقد كررت هذا الكلام ايضا في اللقاء في واشنطن.

        ولكيري توجه خاص نحو التفاوض. حينما كان يتولى عملا في مجلس الشيوخ تحدث عن الحاجة الى إملاء امريكي، ويجب على الادارة الامريكية اذا لم يكن الطرفان قادرين على التوصل الى تسوية بينهما أن تعرض خطة منها. ومن حق الطرفين أن يرفضا لكنهما لا يستطيعان توقع أن تُغطي امريكا رفضهما باستمرار المساعدة. وإن حصر كيري عنايته في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني هو قراره لا قرار اوباما وعنده طموحات كبيرة.

        في اثناء الاتصالات السابقة طور كيري عدة مرات اتفاقات الطرفين نحو أعلى. وغضب الطرف المتضرر لكنه خشي إثارة جلبة لئلا يُتهم بتعويق المسيرة بسبب أمر تافه. ولم يبق للمتضررين سوى ان يباركوا ما انتهى الامر اليه. وقد آتى التصميم الذي أدار الاتصالات به أُكله، فقد وافق الزعيمان على دفع أثمان للتوصل الى محادثات، فتخلى أبو مازن عن اثنين من طلباته الثلاثة المسبقة – فلا اعلان بالتجميد ولا التزام باتفاق يقوم على خطوط 1967؛ ودفع نتنياهو بالسجناء وتجميد جزئي للبناء في الضفة.

        وكان لكيري انجاز آخر وهو ان الطرفين التزما بألا يُسربا تفاصيل من المحادثات ووفيا بوعدهما. وقد تنازل نتنياهو تنازلا آخر في هدوء شديد: فقد وافق على أن يكون المبعوث الامريكي حاضرا في غرفة التفاوض. وقد فضلت حكومات اسرائيل دائما محادثة الفلسطينيين بلا وسيط فقد افترضت أن للوساطة ثمنا، فهي تُبعد اسرائيل عن امريكا وتجعل مواقف الفلسطينيين متشددة. وقد فضلوا ترك الوسيط لنهاية المسار لا لبدئه.

        ونشأت حاجة الى مبعوث خاص يعرف جيدا المنطقة وزعماءها وهو مقبول عليهم وذو تجربة دبلوماسية ثرية، وله صلات جيدة في واشنطن وقريب في تصوره العام من الرئيس ووزير الخارجية. فاختيار مارتن اينديك إبن الـ 63 مفهوم من تلقاء نفسه تقريبا. وقد قضى اينديك فترتي ولاية ناجحتين سفيرا للولايات المتحدة في اسرائيل. وهو يزورنا هنا في أوقات متقاربة. ويراه أبو مازن وسلام فياض وآخرون في الجانب الفلسطيني صديقا. ويعتمد اوباما وكيري عليه.

        سيتبين للاسرائيليين في اثناء التفاوض مبلغ كون اسرائيل ومستقبلها وسلامتها وأمنها قريبة من قلبه أو هي في واقع الامر جزء من قلبه. إن الفشل الدائم لجهود السلام قد جعل أكثر المشاركين فيه غير جديين إلا اينديك ولا سيما حينما يكون الحديث عن اسرائيل.

        في أحد الجدالات بيننا في استمرار المسيرة اقتبس على مسامعي كلاما قاله ونستون تشرتشل: "لا تتنازل أبدا أبدا أبدا – لا في الامور الكبيرة ولا في الامور الصغيرة". وسيكون هذا شعاره في بداية التفاوض.

        الثمن الأدنى

        إن نتنياهو، كما يقول أحد الاشخاص الذين تابعون من قريب، يجد في كل يوم على طاولته طائفة من المواضيع التي تحتاج الى قرار، وهو يختار دائما الخيار الذي ثمنه هو الأدنى. إن اعلانا بتجميد البناء في المستوطنات أو تفاوضا على أساس خطوط 1967 كانا يهددان سلامة حكومته. والافراج عن سجناء حتى السجناء من مواطني اسرائيل، مؤلم لكنه غير مهدِّد من الجهة السياسية. ففضل ألماً مؤقتا على تهديد طويل، ومواجهة للعائلات على مواجهة للمستوطنين.

        وهذا ما سيكون في التفاوض بعد ذلك، فستنشأ منافسة في الأسعار ومنافسة في الضغوط: وسيكون تحدي مؤيدي الاتفاق ومعارضيه أن يضعوا على طاولة نتنياهو أرخص خيار بالنسبة اليه في تلك اللحظة. وسيخيب أمل من يتوقع خطة أماً شاملة. "إنه يتعوج"، سيصرخ منتقدوه. وسيقول أنصاره ليس ذلك تعوجا بل هو تساوق وليس مُهادنة بل هو استهلاك ذكي. فالمستهلك الذكي يختار دائما أدنى ثمن.

        إن نائب وزير الخارجية زئيف الكين متأكد من أن نتنياهو لن يوقع على اتفاق، وهو يقول "الفرق بين ما عرضه اولمرت وما يعرضه نتنياهو لا يمكن التقريب بينهما. ولن يوافق الفلسطينيون على قبول أقل مما عرضه اولمرت عليهم. أنا آمل واؤمن بدرجة 99 في المائة ان نتنياهو لن يبلغ الى الموضع الذي كان اولمرت فيه لأنه لا يمكن ان تكون هناك وتقود الليكود".

        وسألت: ما الذي يريده نتنياهو اذا في الحقيقة؟.

        "نتنياهو يلعب بالوقت. ستنتهي الاشهر التسعة في أيار 2014. وسيكون الجهاز السياسي الامريكي مشغولا بالانتخابات المتوسطة التي ستتم في تشرين الثاني، وسيصبح اوباما بعد الانتخابات المتوسطة بطة عرجاء".

        إن نتنياهو في نظر الكين ينتمي الى ليكود الأمس والى يمين الأمس. وقد كان نصف الاصوات التي ذهبت لليمين في الماضي لما يسميه الكين "اسرائيل عامة". ويوجد اليوم في نواب اليمين الستين 13 للحريديين و17 للقبعات المنسوجة و16 للروس و14 فقط للجمهور العام، فالذي يريد ان يُنتخب في اليمين لا يستطيع ذلك بغير القطاعات.

        إن دخول نتنياهو الى التفاوض يُذكر الكين بفترة الانفصال ويقول: "يوجد فرقان. الاول أنه لا يوجد اليوم خيار للمعسكر المعتدل ليفعل ما فعله شارون ولينشيء حزب مركز. وقد كان من عناية الرب ان تجتاز كديما نسبة الحسم وتحصل على نائبين وان تكون تمثالا حيا لفشل الانقسام ذاك وتذكيرا لكل من يفكر في هذا في الليكود. والسبب الثاني ان المركز مليء – فلبيد يملؤه".

        قلت: لكن لا أحد يهدد نتنياهو. فقال الكين: "صحيح. كان لشارون نتنياهو الذي كان يمكنه ان يحل محله. وليس لنتنياهو نتنياهو آخر. وليس لليمين في الليكود زعيم. تحدثوا في الماضي عن بوغي يعلون، لكن يعلون يُخيب أمل اليمين مرة بعد اخرى.

        "إن نتنياهو غير مهدد من جهة، وهو من جهة اخرى مُعوق. فقد ثار عليه هذا الاسبوع اربعة رؤساء المؤسسات في الليكود وهم: رئيس الكتلة الحزبية ياريف لفين، ورئيس أمانة السر اسرائيل كاتب، وأنا رئيس الديوان ورئيس المركز داني دنون. بل ثار عليه رجله أوفير ايكونيس".

        وسألته لماذا عارض إدخال عرب من مواطني اسرائيل في صفقة السجناء. أليس يرى أن حكم عرعرة كحكم نابلس، وأن حكم أم الفحم كحكم رام الله.

        قال: "هذا صحيح، لكن يوجد فرق ما لم نضم نابلس. وان الافراج عن قتلة لا يدفع بالسلام الى الأمام".

        حينما نتحدث الى معارضي التفاوض في الليكود، يصعب أن نعلم هل معارضتهم حقيقية، أولن يأتي اليوم الذي يقولون فيه ايضا كل واحد في نوبته إن ما يرونه من هناك لا يرونه من هنا. وقد أقسم الكين أن هذا لن يحدث معه. "أنا نائب وزير منذ نصف سنة وما زلت أرى الامور كما رأيتها قبل ذلك"، يقول. إن الجانب الساخر في هذا الامر هو ان اولئك الساسة الذين يبذلون أقصى ما يستطيعون لافشال رئيس وزرائهم، يعملون في موازاة ذلك على إمضاء قوانين تقضي على قدرة المعارضة على كف رئيس الوزراء. وهم لا يعلمون أن القدرة على الحكم تبدأ في البيت.

        أسير ضغط

        في نيسان من هذه السنة وقف اوفير ايكونيس نائب الوزير المسؤول عن الصلة بين الحكومة والكنيست على منصة الخطباء في الكنيست وقال ما يلي: "أنا مخول بأن أجيب عن الموقف الاسرائيلي: لا يوجد قرار اسرائيلي على الافراج عن مخربين. وآمل ألا يوجد ضغط (امريكي) لأن الضغط لن يساعد. فليست سياسة الحكومة هي الافراج عن مخربين".

        وفي هذا الاسبوع اعتذر ايكونيس في صفحته على الفيس بوك: "أريد أن أعتذر للعائلات الثكلى التي فهمت مني أنه لا توجد نية (للافراج عن قتلة أعزائها). ويؤسفني من أعماق قلبي أن جهات مختصة كانت مشاركة في التفاوض قد ضللتني".

        وأشار ايكونيس بعبارة "جهات مختصة" اشارة خفية الى مجلس الامن القومي. فقد توجه الى رئيس مجلس الامن القومي الذي ترك عمله، اللواء (احتياط) يعقوب عميدرور، وسأله لماذا ضللوه، فقال عميدرور إن ما أُبلغ لايكونيس كان صحيحا في الوقت الذي أُبلغ فيه. وصعب على ايكونيس أن يُصدق.

        حينما أبلغ رئيس الوزراء الوزراء بأمر صفقة السجناء، تحدث عن 82 سيُفرج عنهم. ولم يكن العدد صحيحا لأن اسرائيل التزمت بالافراج عن 104، وحينما طلب وزراء تفسيرا للفرق أُجيبوا بنفس الجواب وهو انه حينما تحدث نتنياهو عن 82 كان العدد 82. وزاد العدد بعد ذلك تحت الضغط الامريكي.

        إن قضية السجناء اذا تجاوزنا الجوانب الشعورية والقانونية التي تصاحبها، تعرض سؤالا دستوريا وهو: هل كذب رئيس الوزراء والعاملون معه؟ وهل يجوز لهم ان يكذبوا ومتى ومن وفي أي المواضيع، ومتى لا يجوز لهم؟.

        زعم أحد المقربين من أبو مازن على مسامعي هذا الاسبوع ان كل ذلك سخافات لأنه قُدم منذ بدء التفاوض قائمة أسماء تشمل 104 سجناء منهم 14 من مواطني اسرائيل. ووضعت القائمة في جيب بدلة كيري وفي جيب بدلة نتنياهو ولم يُغير فيها اسم واحد.

        اجل، حينما ذكر بوغي يعلون فوق منصة الكنيست عدد 82 سارع احمد الطيبي الى اصلاحه بـ 104 وكان الطيبي صادقا.

        يزعم عناصر اسرائيليون مُطلعون على القائمة أن الرواية الفلسطينية غير دقيقة. أولا إن قائمة أسمائهم غير مُحدثة، وثانيا يوجد جدل في التاريخ الذي يؤثر في العدد: فالتاريخ صاحب القرار بالنسبة للاسرائيليين هو المراسم في البيت الابيض في ايلول 1993؛ وهو بالنسبة للفلسطينيين التوقيع على اتفاق السجناء في القاهرة في أيار 1994.

        وقد جدّوا وفحصوا في وزارة القضاء ووجدوا ان السجناء الـ 121 هم في السجن منذ كانت اوسلو، ومكّن هذا نتنياهو من التوصل الى مصالحة مؤقتة مع سلفان شالوم ووزراء آخرين ثاروا بسبب الافراج عن الاسرائيليين. يوجد 104: ليس بينهم اسرائيليون الى الآن، وسيُفرج عن الاسرائيليين في النهاية، وحينما يُدخلون الاسرائيليين من جديد، اذا أدخلوهم، فسيأتون بالقرار لتوافق عليه الحكومة.

        وأراد أحد وزراء الحكومة ان يفهم التاريخ بصورة أفضل فتوجه الى المحامي موشيه شاحل. كان شاحل في فترة اوسلو وزير الامن الداخلي وكان دافيد ليفئي وزير القضاء. وقد عينهما رابين للفحص عن قضية الافراج عن السجناء: كان في السجون آلاف السجناء الذين اتُهموا بالعضوية في فتح. وبعد ان اعترفت اسرائيل بالمنظمة لم يعد يوجد سبب للاستمرار على إبقائهم في السجون. ووجد آخرون. وطُرح للبحث 3789 سجينا.

        "طلب نبيل شعث الافراج عن مواطنين اسرائيليين"، يقول شاحل. "قلت، مِش ممكن. وتكمش شعث ولم يفتح فمه".

        وعندما سألت شاحل ماذا كان سيفعل الآن لو احتاج الى مصالحة مبائية فقال: "اؤيد تجديد التفاوض. لو أنهم استشاروني لقلت لهم إتجهوا الى مسار تحديد العقوبة، فيحدد رئيس الدولة العقوبة ويُفرج عنهم. ولا تتجهوا الى هذا الاطار.

        "أتقولون انه يجب علينا ان نقوم بتفضل؟ لا بأس. إتجهوا الى السن. واتجهوا هنا الى الجميع".

        يتذكر شاحل جيدا متظاهري الليكود الذين بصقوا في وجه أمنون شاحك حينما جاء الى موقع عملية تفجير. "لو أن حكومة لحزب العمل قامت بهذه الصفقة لأنشأوا لنا احتفالا ضخما"، قال للوزير الذي توجه اليه.

        واقتنع الوزير وصوت في الحكومة معترضا على الاتفاق.