خبر كيف يمكن أن ينجح التفاوض السياسي- هآرتس

الساعة 09:19 ص|01 أغسطس 2013

كيف يمكن أن ينجح التفاوض السياسي- هآرتس

بقلم: أري شبيط

        (المضمون: ستفشل المباحثات الحالية بين الفلسطينيين والاسرائيليين كما فشل ما سبقها من مباحثات إلا اذا تدخل الامريكيون بقوة وأعدوا حلا خلاقا يمهد الطريق لانطلاق الى الأمام - المصدر).

        هل تريدون تفاؤلا؟ إن جون كيري كما يبدو هو السياسي الوحيد في العالم المستعد لمخاطرة كبيرة ولفعل كل ما هو مطلوب لانقاذ حل الدولتين في آخر لحظة. وبنيامين نتنياهو هو الزعيم الوحيد لليمين الاسرائيلي الذي يلتزم تصريحيا بحل الدولتين وهو رئيس الوزراء الاسرائيلي الوحيد الذي وقع على اتفاقات سياسية مع الفلسطينيين منذ كان قتل اسحق رابين. ومحمود عباس هو الزعيم الفلسطيني الوحيد الذي يؤيد منذ 25 سنة حل الدولتين، وهو ايضا يعلم ان الزمن ينفد. ومارتن اينديك هو المختص الوحيد بالسلام الذي عمل مرتين سفيرا للولايات المتحدة في اسرائيل، ولهذا يعرف بصورة ممتازة الاسرائيليين والفلسطينيين والصراع العميق بينهما الذي يطمح الى إنهائه. وهكذا فان التأليف بين كيري ونتنياهو وعباس واينديك هو تأليف لمرة واحدة لن يتكرر. والأشهر التسعة التالية هي أشهر أمل ما حذر أخير.

        هل تريدون تشاؤما؟ إن كيري سبقه وورن كريستوفر ومادلين اولبرايت وكولن باول وكوندوليزا رايس وهيلاري كلينتون. وقد حاول كل وزراء الخارجية الامريكيون ان يصنعوا سلاما هنا في العشرين سنة الاخيرة وفشلوا. أما نتنياهو 2013 فسبقه نتنياهو 2009 – 2012. وقد فشلت كل المحاولات التي تمت الى الآن لجعل رئيس وزراء اسرائيل يجتاز الروبيكون السياسي. وأما عباس الحالي فسبقه عباس كامب ديفيد وعباس أنابوليس. ولم ينجح أحد الى اليوم في ان يحلب سلاما من عنز القومية الفلسطينية العنيدة. وهكذا فان احتمال ان ينجح اينديك في المكان الذي فشل فيه دنيس روس ودانيال كيرتسر واهارون ميلر وآليوت أبرامز وجورج ميتشل ومن لا يُحصون من وسطاء السلام الآخرين هو احتمال ضعيف. إن الخطوط الهيكلية للاتفاق الدائم الاسرائيلي الفلسطيني معلومة في ظاهر الامر. ويعلم الطرفان في ظاهر الامر منذ زمن بعيد ما الذي يفترض أن يوقعا عليه. لكن التجربة في واقع الأمر تُثبت ان القدرة على التوقيع غير موجودة. فالسلام يظهر مرة بعد مرة بعد مرة ويُخايل ويهرب.

        يوجد غير قليل من الاسباب كي نؤمن بأن الفرصة هذه المرة جدية: فكيري لا يتجه الى الرئاسة بل الى انجاز تاريخي حقيقي، ولهذا ينفق في السلام كل موارده وموارد الأمة التي يمثلها؛ وإن قوة نتنياهو الضعيفة تفضي الى أنه يستطيع ان يقدم السلعة ولديه بواعث استراتيجية (ايران) وسياسية (الليكود) ثقيلة الوزن ستشجعه على ان يقدمها؛ أما ضعف قوة عباس فيجعله متعلقا تعلقا مطلقا بالغرب الذي لن يستمر في دعمه اذا خيّب الآمال في هذه المرة ايضا.

        لكن يوجد ايضا غير قليل من الاسباب كي نؤمن بأن المخاطرة عالية بصورة مميزة: فالولايات المتحدة تنسحب من الشرق الاوسط ويراها أكثر سكانه قوة متهاوية؛ وتسبب الفوضى الاقليمية ألا يكون لأي زعيم عربي الشرعية المطلوبة ليوقع على اتفاق سلام رسمي ونهائي مع الكيان الصهيوني؛ ويتصرف الاسرائيليون والفلسطينيون الذين أثبتوا في الماضي أنهم فنانون في انتاج الايهام بالسلام، يتصرفون الآن كمن يشاركون مُجبرين في مسيرة فارغة لا ينوون تحقيقها.

        وهكذا فان الاحتمال الوحيد لكيري واينديك هو الاستنزاف. فاذا كان كل ما سيحاولان فعله تكرار صيغ الماضي ومحاولة فرضها على الطرفين فسيفشلان، فلا احتمال ألبتة لأن يعرض نتنياهو أكثر مما عرض اهود باراك واهود اولمرت في حينهما، كما أنه لا احتمال ألبتة لأن يقبل عباس ما رفضه عرفات وعباس.

        لكن اذا كان اينديك في الوقت الذي تتباحث فيه تسيبي لفني وصائب عريقات في الموضوعات الايديولوجية غير القابلة للحل في الصراع سيُهييء لهما اقتراحا خلاقا ممهدا فثم أمل. إن انتصار التفاؤل على التشاؤم سيتم احرازه فقط اذا أظهر الامريكيون الآن أبرز خصائصهم وهي البراغماتية والابداع.