خبر واشنطن وطهران: سخونة مقلقة- اسرائيل اليوم

الساعة 08:53 ص|30 يوليو 2013

بقلم: زلمان شوفال

        (المضمون: هناك من يشكون في تصميم الرئيس اوباما على منع ايران من الحصول على السلاح الذري ويشهد على ذلك ان امريكا لم توجه الى الآن تحذيرا رسميا بشأن الخيار العسكري - المصدر).

        في ثلاثينيات القرن الماضي كانت "التايمز" اللندنية هي البوق الرئيس للمهادنين البريطانيين الذين دعوا الى إرضاء النظام النازي أو الى التسليم له على الأقل لأنه "لا احتمال أصلا لاحباط خطط". وفي هذه الايام تأتي صحيفة "نيويورك تايمز" (وليست لها صلة بالصحيفة البريطانية) وتلتزم بموقف مشابه بخصوص ايران. مرت 74 سنة منذ ان ثبت ان مهادنة الطغاة والذين يهددون سلام العالم بأقسى صورة هي فشل فظيع، لكن يتبين ان ليس الجميع تعلموا الدرس.

        تدعو المقالة الافتتاحية في صحيفة "نيويورك تايمز" الى موقف حازم لكن لا مع ايران لا سمح الله بل مع بنيامين نتنياهو و"أصحاب النهج المتشدد في واشنطن"، لأنهم يحثون الولايات المتحدة على ان تُبين بصورة لا لبس فيها للرئيس الجديد حسن روحاني ان الخيار العسكري جدي حقا اذا لم تضع طهران حدا للسباق الى القنبلة الذرية. ونقرأ مرة اخرى فلا نصدق. علامَ تعتمد هذه المعارضة العجيبة؟ على انه انتُخب في ايران رئيس جديد كثير التبسم وكلام المصالحة مع الغرب بعامة والولايات المتحدة بخاصة، بخلاف سلفه، ولهذا من المناسب "أن تبادر امريكا وشركاؤها الى اقتراح شامل يعترف بحق ايران في ان تدفع الى الأمام بأهدافها الذرية لحاجات سلمية".

        وتعترض المقالة ايضا على فرض عقوبات اخرى على طهران لأن ذلك "سيجعل من الصعب فقط اجراء تفاوض بين الأطراف". وتتجاهل الصحيفة بأناقة لا فقط ان البرنامج الذري الايراني ليس موجودا ألبتة في مجال مسؤولية الرئيس روحاني بل هو في يد الزعيم الأعلى خامنئي. ولا تعترف ايضا بأن روحاني لن يستطيع في واقع الحكم في ايران ان يؤدي عمله (وربما ما كان ليُنتخب) بلا الدعم الظاهر أو الخفي من خامنئي وآيات الله.

        ربما ما يجب ان يقلقنا أكثر من المقالة الافتتاحية المذكورة آنفا حقيقة انه تُنشر في الاسابيع الاخيرة بايقاع سريع في وسائل الاعلام الدولية والامريكية مقالات كثيرة بأقلام "خبراء بايران"، تتبنى بأساليب وادعاءات مختلفة نفس النهج المهادن الذي عبرت عنه صحيفة "نيويورك تايمز". وجد في الماضي في الحقيقة اساتذة جامعات أوصوا من مواقعهم الاكاديمية العالية بالتسليم بالقنبلة الذرية الايرانية لكنهم كانوا قلة مهملة. ويصعب الآن أن نفتح صحيفة دون ان نلقى مقالة كمقالة العامل في وزارة الخارجية الامريكية في الماضي، كليب كابتشون (والذي أصبح الآن واحدا من مديري معاهد البحث في واشنطن)، والذي يعتقد ان "الرئيس الجديد في ايران يفتح احتمالا (للمحادثات) ينبغي ألا يُضيع".

إن السؤال المقلق الملح بالطبع هو ألا توجد وراء كل هذا النشاط الاعلامي يد خفية. إن الرئيس اوباما قد التزم حقا على رؤوس الاشهاد ألا يكون لايران قنبلة ذرية لكن يوجد من يشكون في تصميمه على هذا، وإن مجرد حقيقة انه لم يوجد الى الآن أي تحذير امريكي رسمي بشأن الخيار العسكري قد يقوي هذه الشكوك. سيكون من المبالغة حقا ان نتهم مقرري السياسات في الولايات المتحدة بمهادنة عن علم كتلك التي كانت في ثلاثينيات القرن الماضي في اوروبا (وفي امريكا ايضا) نحو هتلر، لكن أخذ يقوى امكان ان تتبنى واشنطن سياسة "الاحتواء" – أي التسليم بالفعل بقدرة ذرية حربية ايرانية مع تحذير من انه اذا استعملت ايران السلاح الذري فانه تنتظرها ضربة مضادة ساحقة.

        يجب ان يكون واضحا ان التسليم بالقنبلة الذرية سيُفسر في المنطقة كلها بأنه قضاء على مكانة امريكا باعتبارها القوة العظمى صاحبة القرار أو المؤثرة على الاقل في الشرق الاوسط. وُجه في الماضي انتقاد غير عادل الى رئيس وزراء اسرائيل لأنه شبّه احمدي نجاد (أو خامنئي) بهتلر. لكن نتنياهو لم يشبه بين المذكورين برغم انه يوجد غير قليل من نقاط التشابه، لكنه ذكّر برد العالم المتنور الواهن على تهديدات النازيين وافعالهم مع الشعب اليهودي. ومن المؤسف جدا ان هذا التشبيه كان يمكن ان يتبين أنه ليس بلا أساس بازاء حقيقة ان دولة اسرائيل قادرة بخلاف الشعب اليهودي آنذاك على حماية نفسها بقواها الذاتية حتى في مواجهة التهديد الايراني.