تحليل تحرير أسرى الداخل انجاز قد يسوغ العودة لمفاوضات عبثية

الساعة 09:54 ص|29 يوليو 2013

غزة

أطلس للدراسات

لقد نجح أخيراً كيري في جر أبو مازن ونتنياهو الى الدخول في جولة مفاوضات جديدة تحت مظلته، بشروط وآليات ليست مقبولة تماماً على الطرفين، لا سيما على الطرف الفلسطيني الذي اضطر ان يدخلها كالمغتصب عنوة، بعد ان حاول وحاول جاهداً أن يتمسك بما أعلنه من ضرورة توفر اعلان سياسي إسرائيلي علني ورسمي يؤكد جدية اسرائيل في انجاح المفاوضات على أساس مبدأ تحقيق الدولة الفلسطينية.

جون كيري نجح في مهمة كانت تبدو مستحيلة في ظل تمسك الأطراف بمواقفهم التي من الصعب الجسر بينها، مستخدماً كل وسائله وامكانياته في الاقناع والضغط، مظهراً عناداً وجديةً والتزاماً اتجاه ملف المفاوضات، واهتمام أمريكي كبير يذكرنا بجهود ادارة كلينتون، يؤكد ربما بشكل يفاجئنا عودة تصدر ملف المفاوضات للأجندة الأمريكية في المنطقة لأسباب تتعلق بالحضور الأمريكي في المنطقة،  وأخرى تتعلق بالالتزام الأمريكي بتأمين المصالح الإسرائيلية وباستمرار فرض احتكار الرعاية الأمريكية لملف المفاوضات، ولأن البديل لجمود المفاوضات هو الصدام الميداني على الأرض والسياسي في أروقه المنظمات الدولية، كما أننا لا نستبعد ان يكون من بين هذا الاهتمام الملف الإيراني، بالإضافة ربما لتقدير أمريكي يؤكد أن الحالة العربية اليوم تشكل فرصه لتمرير صفقة سياسية.

وقد لجأ الى آليات وتكتيكات في جزء منها تسمح للأطراف وتحديداً الفلسطيني بقبول العودة للمفاوضات عبر تقديم ما يمكن أن يعوض الفلسطينيين عن مطلب اعلان تجميد البناء في المستوطنات (مثل الافراج عن 104 أسرى من أسرى ما قبل اوسلو بما فيهم أسرى الداخل الفلسطيني، بالإضافة لما تم تسريبه من وجود ورقة ضمانات أمريكية تؤكد أن حدود 67 تشكل أساساً للمفاوضات، بالإضافة لشطب شرط الاعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة، واشتمال المفاوضات على جميع قضايا الحل النهائي، على أن تحظى قضية حدود الدولة بالأولوية زمنياً على جدول المفاوضات)، ومن جهة أخرى التزام فلسطيني بالاستمرار في المفاوضات لفترة زمنية بحد أدنى تسعة أشهر، والتزام بعدم التوجه لأي منظمات دولية خلال فترة المفاوضات، وتكتيكات في جزئها الآخر تضمن الى حد كبير توفير عوامل التقدم في المفاوضات أو أقله تأجيل الاعلان عن فشلها أطول فتره ممكنه مثل: المحافظة على سريتها، واحتكار الأمريكي فقط حق التصريح، مما يحرر القادة من أية ضغوط داخلية قد تؤدى الى تصليب مواقفهم حال التسريب، الغموض الذى انطوى عليه تصريح كيري في الاعلان عن بدأ المفاوضات غموض يسمح لكل طرف بالادعاء وتفسير الاعلان بالطريقة المناسبة له، وتركيز كيري على انتزاع الموقف المبدأي بالعودة للمفاوضات وتأجيل الاتفاق على تفاصيل آليات التفاوض لجولة المفاوضات الأولى التي سيكون عنوانها التفاوض على اليات التفاوض، والموافقة الأمريكية على حضور أمريكي في جميع جلسات التفاوض، وكان هذا استجابة لمطلب فلسطيني.

إطلاق سراح أسري الداخل قد يكون الانجاز الوحيد

مهما كان سحر كيري وقوة ما يمتلكه من أوراق ضغط فإن أحداً لا يساوره شك أن المفاوضات عاجلاً أم آجلاً سوف تصل الى طريق مسدود في ظل التعنت الإسرائيلي، ويبدو أن المكسب الحقيقي فلسطينياً الذى ربما يعوض الى حد ما التنازل الفلسطيني عن شرط وقف الاستيطان وتحديد مرجعيات المفاوضات بما تم الاتفاق عليه فلسطينياً، نعم انه اذا ما تم اطلاق سراحهم جميعاً يشكل انجازاً كبيراً للقيادة الفلسطينية لما يشكله هذا الملف من جرح دامٍ مفتوح، جرح مؤلم نخجل من استمراره، ويبدو أن المفاوضات هي السبيل الوحيد للإفراج عنهم بعد ان فشلت وعجزت كل الصفقات والفصائل عن تحريرهم، القيادة الفلسطينية مطالبة بالتمسك بهذا المطلب، مطلب الافراج عنهم جميعاً دون استثناء لأي منهم، فهو الشيء الوحيد الذى يمكن أن يبرر العودة لمفاوضات محكومة النتائج مستقبلاً.

في اسرائيل يدركون تمام الإدراك أهمية هذا الملف للفلسطينيين ويستصعبون ابتلاعه، وليس سهلاً على نتنياهو تمرير هذا الأمر داخل حكومته، وهو الذي كان يعارض في السابق مبدأ تقديم مبادرات حسن النوايا، وان موافقته على إطلاق سراحهم تؤشر الى حجم الضغط الأمريكي الذي يمارس عليه، ويؤكد مدى الحاجة الإسرائيلية لإعادة الفلسطينيين الى المفاوضات، لما يشكله استمرار توقفها من تداعيات وأضرار على اسرائيل، حرصت أوروبا قبل أيام على تذكيرهم بها وبما سيأتي مستقبلاً.

كما ان إسرائيل التي تعرف أيضاً مصير المفاوضات المحكوم بالفشل تخطط وتعمل جاهدة لتظهر نتنياهو تحديدا كشخص مستعد للمغامرة بحكومته وبمستقبله السياسي في سبيل انجاز اتفاق سلام، هذا ما يجتهد نتنياهو ومستشاريه والاعلام الإسرائيلي في الحرص على تأكيده عبر اظهار مدى قوة الجبهة المعارضة لتوجهات نتنياهو، وعبر اظهار حجم ما يمارسه من ضغوط على وزراءه.