خبر مفاوضة جوفاء- هآرتس

الساعة 08:13 ص|24 يوليو 2013

بقلم: عميره هاس

        (المضمون: التفاوض الحالي بين اسرائيل والفلسطينيين لن يحقق في رأي كثير من الفلسطينيين ولا سيما الشباب مطامح الشعب الفلسطيني، ولهذا فانه لا يهمهم كثيرا وهم لا يتعجلون احراز اتفاق مع اسرائيل - المصدر).

        لا تقلقوا، فاسرائيل في جولة المحادثات هذه ايضا مع الفلسطينيين ستضيع فرصة ان تتغير وتُغير، كما أضاعتها حكومة رابين – بيرس، وأضاعتها حكومة اهود باراك.

        إن النقاشات في استفتاء الشعب تتجاهل الجوهر وهو ان المستقبل الذي ينبغي ان يعيشه المجتمع اليهودي في هذا الجزء من الشرق الاوسط متعلق بقدرتها وارادتها التحرر من الديمقراطية لليهود فقط (الاثنوقراطية) التي انشأتها هنا في مدة سبعة عقود تقريبا، ونحن لذلك مُحتاجون الى الفلسطينيين احتياجا يائسا. لكن التفوق العسكري والاقتصادي يعمي ونحن على يقين من أنهم مُحتاجون الينا وأننا نجحنا في أن ندفعهم الى موقف ضعف يستخرج منهم "نعم" لما رفضوه مدة عشرين سنة (أي أقل كثيرا من حدود 1967).

        إن التفاوض المتوقع الآن بمشاركة امريكية جد غير حيادية (اذا وصلنا اليها أصلا بعد مرحلة ما قبل التفاوض) لن يثمر استقلالا فلسطينيا، لكن لا يمكن ان نتهم بهذا بنيامين نتنياهو ومشكلاته في الائتلاف الحكومي، بل هو الشعب في اسرائيل الذي لم ينضج الى الآن ليطلب من قادته ان يسعوا الى اتفاق سلام لأنه ما زال يستمتع كثيرا بالاحتلال. وليس عبثا أن أُنعم علينا بـ 6800 مصدر سلاح، وبصفة المصدرة السادسة للسلاح في العالم وبالمكان الثاني أو الاول في قائمة الدول التي تبيع وسائل طيران بلا طيارين، تم تطويرها على لحم سكان لبنان وقطاع غزة في الأساس. وحتى لو كان القليلون من الشعب يعملون بانتاج السلاح وتصديره وبالصناعة الامنية بعامة فانهم قلة ذات هالة تُشع في محيطها، وهم قلة ذات قوة اقتصادية تشكل سياسة وعقلانيات مسيحانية وتكنوقراطية.

        جاءت التوجيهات الاوروبية الى عدم تعاون مع المستوطنات والشركات ذات الصلة بها متأخرة 15 سنة على الأقل. فقد كان واضحا لاوروبا في تسعينيات القرن الماضي ايضا ان الاستعمار في الضفة وغزة يناقض تفسيرها لاتفاقات اوسلو، لكن ذلك لم يمنعها من ترفيه اسرائيل باتفاقات تجارية مُنعمة. ولم تكن هذه ولا التأييد الكثيف للسلطة الفلسطينية (أي التعويض عن الاضرار التي يسببها الحكم الاسرائيلي وقيود الحركة التي يفرضها) قد منحت اوروبا وزنا سياسيا حقيقيا في نظر اسرائيل وفي أروقة التفاوض. لكن خطوة حازمة ابتدائية من اوروبا أعادت بناء مكانتها السياسية هذا الاسبوع.

        وبيّن الفلسطينيون انه اذا حدث رجوع اوروبي عن تلك التوجيهات كما تطلب اسرائيل وتريد الولايات المتحدة فانهم سيوقفون التفاوض (حينما يبدأ). لكن الأثر النفسي الكبير الذي خلفه نشر التوجيهات سيتلاشى بلا تنفيذ سريع ولن يُشعر بنتائج تحقيق التوجيهات في اسرائيل فورا، لكن سيُشعر بها بالتدريج فقط. أي ان الوقت سيطول الى ان يستنتج عدد أكبر من الاسرائيليين ان الاحتلال لا يُجدي عليهم وهو وقت كاف كي نستمر في الشعور بأننا أقوى من الفلسطينيين.

        لكن الاعتماد على الضعف الفلسطيني هو خطأ بصري لمغرورين. صحيح أن قيادة م.ت.ف متحجرة ويحكمها انسان واحد يقلل من المشاورة ويقلل من الاهتمام برأي شعبه. لكن حتى هو لا يستطيع ان يقبل ما تنوي حكومة نتنياهو – بينيت – لبيد ان تعرض عليه. وصحيح ان المجتمع الفلسطيني منقسم جغرافيا وسياسيا أكثر مما كان قبل عشرين سنة، لكن عنده قدرة على التحمل عظيمة ليست للاسرائيليين.

        إن السلطة الفلسطينية وحكومة حماس تئنان تحت الصعوبات المالية لاقتصادين محاصرين. وزادت الانقسامات الاجتماعية – الاقتصادية عمقا وأصبح جو عدم الاهتمام بالسياسة هو الغالب. لكن تغلي تحت السطح تطورات جديدة وتنشأ مبادرات لتحويل الشعب الفلسطيني – في الضفة والقطاع وغزة واماكن الشتات – الى جسم سياسي مُقرر واحد. وتُبحث بجدية أفكار سبل نضال خارج التفاوض. وينشأ جيل لا يهمه كثيرا احراز اتفاق مع الاسرائيليين الآن لأن الاسرائيليين غير ناضجين لاتفاق عادل. وحينما نستيقظ نحن الاسرائيليين ونستجدي اتفاقا يمكن ان يكون ذلك متأخرا كثيرا.